بيان ضعف شريك وأقوال بعض المحدِّثين فيه . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان ضعف شريك وأقوال بعض المحدِّثين فيه .
A-
A=
A+
الشيخ : شريك هذا هو شريك بن عبد الله القاضي ، وهو معروف عند علماء الجرح والتعديل بأنه ضعيف بسبب سوء حفظه ، وطبعًا الوقت لا يتَّسع لنقرأ عليكم كلمات الأئمة في تجريح هذا الراوي وهو شريك ، ولكن نكتفي بنقلين اثنين :

النقل الأول : هو أن ممَّن أخرَجَ هذا الحديث الحافظ الإمام الدارقطني في " سننه " ، ولما انتهى من سياق إسناده ومتنه قال : " وشريك ليس بالقوي " ، فهذا مُخرِّج الحديث أو أحد مُخرِّجي الحديث يُضعِّف هذا الحديث ويعلِّله بأن شريكًا هذا ليس قويًّا في الحديث .

ثم نقْل آخر ننقله مباشرةً من كتاب لأحد المؤلفين الذين لا يشك مبتدئ في علم الحديث فضلًا عن غيره بأن له قدم صدق في هذا العلم ؛ ألا وهو علم الجرح والتعديل ، وأعني بذلك الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني ، فاسمعوا قولَه فيه يقول : " صدوق يخطئ كثيرًا ، تغيَّر حفظه منذ وَلِيَ القضاء بالكوفة ، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدع " ، هذا ترجمة الحافظ ابن حجر لشريك بن عبد الله القاضي راوي هذا الحديث ، فهو يعطيه ما يستحقُّ من الفضل من العبادة من الصلاح من نحو ذلك وهو أهمُّه فيما يتعلق بعلم الحديث الصدق ؛ أي : إنه لا يكذب ، ولكنه غُلِبَ على أمره ، فكان يخطئ كثيرًا ، وتغيَّرَ حفظه ؛ أي : ازداد سوءًا حينما وَلِيَ القضاء بالكوفة ، وهذا أمر طبيعي معروف أنَّ كل عالم اتَّجه إلى ناحية قَوِيَ فيها ، وعلى العكس من ذلك ضعف في النواحي الأخرى التي انصرف عنها .

فنستغرب بعد هذا قول ابن قيم الجوزية أنُّو هذا هو الصحيح الذي رواه شريك ، وشريك لا يروي الصحيح لأنه ضعيف الحفظ ؛ لذلك ذكر الحافظ الذهبي نفسه في خاتمة ترجمة شريك هذا من كتابه الميزان " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " قال : وأخرَجَ مسلم له متابعة ؛ يعني أن مسلمًا لم يحتج بشريك وذلك لسوء حفظه ، وإنما روى له مقرونًا أو متابعةً من غيره ، كلمة " المتابعة " وحدَها تكفي المشتغل بهذا العلم أن يعلم أن الرواي لا يُحتَجُّ بحديثه حتى يأتي مَن يتابعه أو مَن يقارنه في رواية الحديث نفسه ، والواقع ههنا أن شريكًا تفرَّدَ بهذا الحديث ، هذا أول ما يُؤخذ على الإمام ابن القيم في الجملة السابقة .

والشيء الثاني - والأخير - : قوله : " ولم يرِدْ في فعله ما يخالف ذلك " .

هذا سَبق قلم لانشغال الرجل ، قضية سفر ، كتابة في أثناء السفر ، لماذا ؟ لأنَّ هناك حديثًا ، أظن أنه ذكره هو نفسه ، وهو حديث ابن عمر : " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يضع يديه قبل ركبتيه " ، هو نفسه أورَدَ هذا الحديث ، وسيأتي الكلام في محلِّه - إن شاء الله - ، فيُستغرب قوله أنه لم يُرْوَ في أو " لم يرِدْ في فعله ما يخالف ذلك " ، ثم يقول ابن القيم مجيبًا عن سؤال يرد في خاطر الدارس لكتابه فيقول : وأما حديث أبي هريرة يرفعه : ( إذا سجد أحدهم فلا يبرُكْ كما يبرك البعير ، وَلْيضَعْ يديه قبل ركبتيه ) ، يجيب عن هذا الحديث الصريح في مخالفة حديث وائل الذي ادَّعى ابن القيم أنه هو الصحيح ، فيعارضه حديث أبي هريرة مرفوعًا للنبي - عليه السلام - ومن قوله : ( إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ) ؛ أي : لا يضع ركبتيه قبل يديه ؛ لأنه يقول - عليه السلام - في تمام الحديث : ( وليضع يديه قبل ركبتيه ) .

اسمعوا جواب ابن القيم ؛ فإنه في مطلعه تشعرون بضعفه ، فيقول : " فالحديث - والله أعلم - قد وقعَ فيه وهمٌ من بعض الرواة ؛ فإن أوله يخالف آخره ، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير ؛ فإن البعير إنما يضع يديه أوَّلًا " ، هذه شبهة كل الناس ، وكأنها شبهة ليست مستوحاةً فقط من كلام ابن القيم ، بل شبهة تغلب على عامة الناس الذين لا يشاهدون البعير حين هويِّه دائمًا وأبدًا ، فَلْنناقش ابن القيم في هذه الدعوى ، هو يقول : " أن البعير حينما يسجد ، حينما يبرك فإنما يضع يديه قبل ركبتيه " ، أرجو إنما يضع ركبتيه .

السائل : هو يقول : يديه .

الشيخ : هو يقول : يديه ، نعم .

قال : " فإن أوله يخالف آخره ؛ فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه - أي : المصلي - فقد برك كما يبرك البعير ؛ فإن البعير إنما يضع يديه أوَّلًا " .

مواضيع متعلقة