ما رأيكم في الشروط التي وضعها بعض العلماء في قبول الحديث الضعيف ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيكم في الشروط التي وضعها بعض العلماء في قبول الحديث الضعيف ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ أثابك الله ما رأيكم في الشروط التي وضعها بعض العلماء في قبول الحديث الضعيف مقاله أنه يقبل بثلاثة شروط أن لا يكون شديد الضعف وأن لا يعتقد القائل أن النبي عليه السلام قد قاله وان يندرج تحت قاعدة كلية في الشريعة الإسلامية



الشيخ : خطبة الحاجة .... أما بعد .

فإن لعلماء الحديث في جواز العمل بالحديث أقوالاً ثلاثة ومنهم من منع بالعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ومنهم من أطلق الجواز مطلقاً ومنهم من توسط بين هذا وذاك فوضع تلك الشروط التي سمعتموها آنفاً وهي شروط ذكرها الحافظ إبن حجر في رسالته كبير العجب في ما ورد في فضل رجب ونقل معنى ذلك عن بعض من تقدمه من أهل العلم والتحقيق وإن كان لا بد من القول بالجواز جواز العمل بالحديث الضعيف لا بد من وضع هذه الشروط أما أنا فشخصياً قد إطمئننت منذ سنين عديدة إلى القول الأول الذي يقول بعدم جواز العمل بالحديث مطلقاً وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن العمل بالحديث الضعيف ينبني على روايته ورواية الحديث الضعيف لا يجوز أن يروي عالم حديثاً يعلم ضعفه إلا في حالة من حالتين

الأولى كما كان سلفنا الصالح من أئمة الحديث وفي مقدمتهم إمام السنة أحمد إبن عبد الله إبن حنبل رحمه الله وسائر أئمة الصحيحين وأصحاب السنن الأربع وغيرهم وقد كانوا كما تعلمون جميعاً إن شاء الله يروون الأحاديث للأسانيد المتصلة منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم والكثير منهم ممن لم يخصص كتابه بالحديث الصحيحين بخلاف أصحاب الصحيحين فقد خصص كتابيهما بالأحاديث الصحيحة ومن سار على منوالهما وأن أصحاب السنن وأصحاب المسانيد فقد إكتفوا في سوق الأحاديث بالأسانيد التي بها يتمكن العالم بعلم مصطلح الحديث من جهة وبعلم الجرح والتعديل من جهة أخرى من كان عالماً بهذين العلمين يتمكن من الحكم على الحديث بما يستحقه من صحة أو ضعف إذا ما وقف على إسناده هذا الطريق الأول الذي به يجوز للعالم بالحديث إسناده لأن الإسناد هو السبيل لمعرفة درجة الحديث كما ذكرنا فمن فعل ذلك فقد برئت منه الذمة وأوكل الأمر إلى من إتطلع على إسناد الحديث والطريق الأخرى التي يجوز ذكر الحديث الضعيف على أساسها هو ما يفعله المتأخرون من أهل الحديث وغيرهم من عزو الحديث إلى مصدر من مصادر السنة التي ذكرت آنفاً بعضها

ولكن لما كان التخريج في غالب الأحيان لا يسوق المخرج إسناده الذي نقله من كتاب من تلك الكتب التي أشرت إليه آنفاً فلا يجوز له أن يذكر الحديث إلا وقد بين مرتبته وبخاصة إذا كان الحديث ضعيف الإسناد فلا يجوز كتمان ضعفه والحالة هذه لما في ذلك من توريط جماهير المسلمين حينما يجدون الحديث قد ذكره مخرجه دون إسناده وساكتاً عن ضعفه ففي ذلك تصغير بكل من وقف على هذا العزو غير مبين ضعف الحديث الذي خرَّجه من كتب السنة إذا كان الأمر كذلك أي إذا كان الحديث الضعيف لا يجوز ذكره إلا مع بيان ضعفه فبالأولى والأولى أنه لا يجوز العمل به وذلك لأن عدم جواز الأمر الأول وهو ذكر الحديث دون بيان ضعفه ودون سوق إسناده الذي يدل عند أهل العلم على ضعفه إنما ذلك لما جاء من النبي صلى الله عليه وسلم من التحرير عن رواية الحديث عنه إلا إذا كان الراوي عارفاً لصحته أو ثبوته لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من مثل قوله من كذب علي متعمداً في يتبوء مقعده من النار وهذا حديث هو من أصح إن لم نقل هو أصح الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي ينهج علماء الحديث أصولهم على ذكره مثلاً للحديث المتواتر لأنه قد رواه أكثر من مئة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قد جاء بالفاظ أخرى يدل بعضها على أوضح مما دل عليه هذا الحديث المتواتر كمثل قوله صلى الله عليه وسلم من قال علي ما لم أقل فليتبوء مقعده من النار وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسب المرء وفي لفظ كفى المرأ كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع فلا شك أن كل من روى حديثاً عن كتاب من كتب السنة فهو سوف يقع في هذا المحظور الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة في هذا الحديث الأخير لحث المرء من الكذب أي يحدث بكل ما سمع فمن نقل حديثاً لا يدري أصحيح هو أم ضعيف فقد وقع شاء أم أبى في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم لقوله لحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع بما هو معلوم بإتفاق علماء المسلمين أن الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ما لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم بل فيها ما هو مكذوب عليه صلى الله عليه وسلم .

والأمر كذلك فكل من لم يعنى بالإحتياط في رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يميز صحيحه من ضعيفه فهو حتماً واقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الأمر كذلك أي إذا كان لا يجوز رواية الحديث إلا أن يكون صحيحاً وإذا كان ضعيفاً فلا بد من بيانه حتى لا يقع من روي الحديث لهم دون بيان ضعفه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الأمر كذلك ونحن نعلم أن العلم في الحديث هو الوسيلة للعمل به فإذا كان لا يجوز رواية الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه فلأن لا يجوز العمل بالحديث الضعيف أولى ثم أولى ثم أولى ويضاف إلى ذلك أن هذه القاعدة التي تقول يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال إنها جملة ينقض بعضها بعضاً ينقض أولها آخرها وآخرها أولها لأننا حين ما نقول أو حين ما يقولون يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وإما أن تكون هذه الأعمال ثبتت فضيلتها بحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فالعمل في هذه الحالة ليس بهذا الحديث الضعيف وإنما بالحديث الذي أثبت أن هذا العمل مشروع وكل عمل مشروع فلا شك أنه يدور حكمه بين أن يكون مستحباً وما فوق ذلك من المراتب المعروفة بين أهل العلم فحين إذ لا دخل لهذا الحديث الضعيف في إثبات فضيلة هذا العمل الفاضل هذا في حالة كون العمل الفاضل ثبت بغير الحديث الضعيف وعلى العكس من ذلك إذا كان هناك عمل لم يثبت مشروعيته أي لم تثبت فضيلته إلا بحديث ضعيف فمعنى ذلك ---أننا ---للناس العمل بحكم شرعي بحديث ضعيف وقد إتفق علماء المسلمين ---أنه لا يجوز إستحباب حكم بحديث ضعيف بإجماع العلماء كما ذكر ذلك شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله فأرجوا أن تلاحظوا هذه الحقيقة قولهم يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال فضائل الأعمال إن ثبتت في غير الحديث الضعيف ثبتت شرعيته فوجود الحديث الضعيف وعدمه سواء وإن كان فضائل الأعمال لم تثبت بغير الحديث الضعيف ففي ذلك تشريع للناس أحكاماً فيها فضائل وأقل درجات للإستحباب فيه تشريع بالحديث الضعيف وهذا لا يجوز بإتفاق العلماء وأنا أضرب لكم مثلاً عملياً وقع فيه بعض من يذهب إلى جواز العمل بالحديث الضعيف ولم يلاحظ هذا التفصيل الذي ذكرته آنفاً تعلمون جميعاً إن شاء الله أن من السنة عند دفن الميت حينما يريد الحفار أن يعيد التراب على القبر أنه يسن أو يستحب لكل من كان هناك أن---على القبر هذا هو الثابت في السنة جاء في حديث ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما حثى الحثوة الأولى قال منها خلقناكم ثم قال وفيها نعيدكم الحثوة الثانية ثم قال ومنها نخرجكم تارة أخرى هذا الحديث ضعيف فقال بعض من يقول بجواز العمل بالحديث الضعيف لا بأس أن يقول الذي يحفر التراب كلما حثى حثوة يقول بعض تلك الآية منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى قرائة هذه الآية أثناء هذه الحثوات لم يأت بحديث في حديث صحيح والذي أورد هذه القضية ذكر أن الحديث ضعيف لكنه عقب على ذلك بقوله لكن يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال أأنتم تورن الآن أن هذا القائل شرع للناس كيفية لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي مع الحثيات الثلاث فيها تلاوة الآية على التفصيل السابق هذا ليس فيه عمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال لأن هذا العمل بهذه الكيفية في هذه الضورة لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذاً فيه تشريع للناس بالحديث الضعيف وهذا يخالف ما نقلته لكم آنفاً عن الإمام إبن تيمية رحمه الله أن الأمة أجمعت لا يجوز إستحباب أمر بحديث ضعيف وليس كذلك فيما إذا كان أصل الفعل مشروعاً إما بفعله عليه السلام أو بقول آخر كأن يحض عليه ثم يأتي بعد ذلك حديث فيه بيان فضيلة بهذه القضية المشروعة ---يعمل بهذا الحديث بفضائل الأعمال لأن فضل هذا العمل زيادة على ما ثبت شرعيته من فعله عليه الصلاة والسلام فحينئذ وجود الحديث الضعيف لا يضرنا وروايته فيه حث على العمل بذلك الأمر المشروع ولكن يشترط هنا بيان أن هذا الحديث حديث ضعيف لما سبق ذكره آنفاً فأنا أذكر لكم الآن مثالاً يوضح لكم هذه القضية من الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بنفسه صلاة الضحى فهذه الصلاة صارت مشروعة بفعله عليه الصلاة والسلام فلو لم يكن هناك حديث يرغب في صلاة الضحى لن تخرج هذه الصلاة عن كونها مشروعة و كونها من فضائل الأعمال ولكن إذا جاء حديث في فضل هذه الصلاة ولنقل الحديث المشهور في سنن الترمذي لا يحافظ على صلاة الضحى إلا مؤمن هذا يبين فضل صلاة الضحى التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها فصلاته إياها هو تشريع لنا فسواء صح هذا الحديث لا يحافظ على صلاة الضحى إلا مؤمن أم لم يصح ما خسرنا شيئاً لأن مشروعية صلاة الضحى ثبتت بفعله عليه الصلاة والسلام كما ثبت بأحاديث أخرى لسنا الآن بصدد ذكر شيء منها فإذا جاء حديث كهذا الحديث وهو حديث لا يحافظ على صلاة الضحى الا مؤمن يمكن والحالة هذه وبهذا ---بالذات أن نقول يعمل بهذا الحديث وإن كان ضعيفاً لأنه في فضائل الأعمال من أين عرفنا فضل هذا العمل ألا وهو صلاة الضحى من هذا الحديث لا يحافظ على صلاة الضحى إلا مؤمن الجواب لا وإنما عرفنا فضيلة وشرعية صلاة الضحى من فعله عليه الصلاة والسلام لها فإذا روينا هذا الحديث مع بياننا أن صلاة الضحى شرعها الرسول عليه السلام على لسان ربه للناس على باب ---لخير وذكرنا الحديث الثاني لا يحافظ على صلاة الضحى إلا مؤمن وقرنا مع رواية الحديث ضعفه فلا ضير والحالة هذه لأن هذا الحديث لو فرض أنه قد صح فيكون من فضل هذه الصلاة وإذا فرضنا أنه لم يصح فلا ضير لأن في فعل عليه السلام في صلاة الضحى ما يكفينا نحن أن نقتدي به عليه السلام هذا ما يمكن ذكره في هذه الأمسية حول سؤال الاستاذ الفاضل عن جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال فخلاصة ذلك أن الراجح أنه لا يجوز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً إلا بالحالة الأخيرة إذا كان العمل ثبتت شرعيته بالأحاديث الأخرى سواء كان من قوله عليه السلام أو من فعله فرواية الحديث الضعيف والحالة هذه مع بيان ضعفه يجوز ولا يكون العمل به لخصوصه وإنما لما ثبت من العمل الفضيل بالأحاديث الصحيحة غير ذلك



السائل : ......



الشيخ : تقرير ...السؤال ولا مؤاخذة مجمل لأنك إن كنت تعني تقرير الرسول الذي لم يرد إلا بحديث ضعيف فهو كما قال الرسول أو فعل لأن سنة الرسول عليه السلام لإصطلاح العلماء تشمل قوله وفعله وتقريره فالكلام السابق كله ينصب على أي نوع من هذه الأنواع الثلاثة سواء على فعله أو قوله أو تقريره فالتفصيل الذي ذكرته ينصب على هذه الأجناس الثلاثة من سنته صلى الله عليه وسلم

مواضيع متعلقة