تتمة شرح حديث أبي هريرة في قوله : ( أو الدخان ) ، وبيان معنى الدخان في قوله - تعالى - : (( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ )) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث أبي هريرة في قوله : ( أو الدخان ) ، وبيان معنى الدخان في قوله - تعالى - : (( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ )) .
A-
A=
A+
الشيخ : أردت من هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما ذكر الدخان فَهِمْنا منه أنه بلاء كبير يُحيط بأهل الأرض جميعًا ، لكن لا نستبعد أن يعامل الله - عز وجل - عبادَه حين ذاك بمعاملة يستثنيهم مما يُصيب الكفار من ضنك العيش والحياة والشِّدَّة والعذاب بسبب هذا الدخان ؛ كما جاء في بعض الأحاديث السابقة أن الله - عز وجل - إذا أراد أن يُقيمَ الساعة أرسل ريحًا طيِّبة فقبضت روح كلِّ مسلم على وجه الأرض ، فلا يبقى إلا شرار الخلق ، وعليهم تقوم الساعة .

ولعلي في الفرصة الأخرى فقد ذكر الحافظ ابن كثير في آية : (( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) ؛ قد ذَكَرَ في تفسير هذه الآية بعض الأحاديث الواردة في الدخان التي هي شرط من أشراط الساعة ، إلا أن هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف ، وإن كان هو - أعني الحافظ ابن كثير - قد ذهب إلى تقوية وتجويد بعضها ، لكني تبيَّن لي بدراسة عاجلة أنه غيرُ مصيب في ذلك ، ولكن يحتاج الأمر بعد إلى زيادة تحقيق في تلك الأسانيد ، ولعلي آتيكم بالجواب في درس آخر إن شاء الله .

وقبل أن أنهي الكلام على هذه الآية من الآيات السِّتِّ ألا وهو الدخان ؛ أريد أن أذكِّر أن الآية السابقة : (( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ )) الظاهر أنها لا تعني الدخان الذي هو شرط من أشراط الساعة ، فقد ثبت في " الصحيحين " من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن الدخان المذكور في الآية أُصِيبَ به المشركون في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فالدخان المذكور في الحديث إذًا هو غير الدخان المذكور في الآية .

ونقف ههنا لنتمَّ التعليق - إن شاء الله - في الدرس الآتي على بقية الحديث .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :

فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

كان درسنا الماضي آخر حديث فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( بادروا بالأعمال ستًّا : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصَّة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم ، وكنَّا تكلَّمنا عن بعض الفقرات وصلنا إلى الدخان ، وذكرنا أن هذا الدخان المذكور في هذا الحديث هو غير الدخان المذكور في الآية التي ذُكِرَ فيها الدخان ، وهذا على قول بعض العلماء ، والمهم أن هذا الدخان المذكور في هذا الحديث هو علامة من علامات الساعة ، وذكرنا أنه لم يرد في السنة الصحيحة شيء من صفات هذا الدخان ، وحينما أقول الصحيحة أعني أن هناك روايات فيها ضعف من حيث إسنادها فيها تفصيل لهذا الدخان ، وأنه يأخذ بقلوب الكفار ويموتون خنقًا بخلاف المؤمنين ؛ فإنه لا يؤثِّر فيهم .

مواضيع متعلقة