بعض الشباب يتزوَّج في بلاده الإسلامية ، ثم يسافر للدراسة في تلك البلاد الكافرة ، وهو في جوٍّ إسلامي لكونهم يسكنون جانب المسجد ؛ فهل له أن يجلس في بلاد الكفر للعمل والدعوة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بعض الشباب يتزوَّج في بلاده الإسلامية ، ثم يسافر للدراسة في تلك البلاد الكافرة ، وهو في جوٍّ إسلامي لكونهم يسكنون جانب المسجد ؛ فهل له أن يجلس في بلاد الكفر للعمل والدعوة ؟
A-
A=
A+
السائل : الذي يحصل الآن كثير من الإخوة يتزوَّج هنا ويذهب في مجال الدراسة في مجال العلم ، وحال ما يصل إلى أمريكا فتفتح لهم المجال وفرصة إلى العمل في الخارج هناك ، ويعيشون ضمن جوٍّ إسلامي مئة بالمئة ممكن يكون ؛ فهل ممكن للأخ أن يبقى هناك طالما أن الفرصة سانحة له للعمل والشغل وفي مجال الدعوة - أيضًا - ؟

الشيخ : والله إذا كان معروف عند العلماء أن الفتوى على قدر النَّصِّ ، فإذا كان النَّصُّ كما جاء بلفظك ؛ فالجواب : نعم ، لكن يا ترى يقبل السؤال المناقشة ولَّا لا ؟ يعني - مثلًا - أنت قلت آنفًا أنُّو جوّ إسلامي بالمئة مئة ؛ هذا لا يمكن أن يكون كذلك !

الحلبي : أحاول أخفِّف لك شوية .

الشيخ : ها ؟

الحلبي : أحاول أخفف لك شوية ... .

الشيخ : كيف ؟

الحلبي : كتقريبًا يعني .

السائل : يعني يا دوب ... نطاق مجتمع إسلامي ؛ لأنُّو كثير من الإخوة عند ذهابهم إلى أمريكا يتحرَّوا أن يسكنوا ضمن نطاق المسجد الموجود في ... .

الشيخ : معليش يا أخي ، لكن هدول السُّكَّان في هذا المسجد يعني عايشين على الأحكام الإسلامية بالمئة مئة ؟ لا ، قُلْ في المئة خمسين كثِّر خيرهم .

السائل : طبعًا هذا غير ممكن !

الشيخ : هذا الطبيب . أنا عارف ؛ لأنُّو غير ممكن أقول : في مبالغة !

السائل : المجتمع هو غير ممكن في لبنان ، هو نفس الوضع .

الشيخ : إي ، لكن لبنان .

السائل : ... .

الشيخ : هذا الطبيب الدكتور اللي قدَّمت لك كتابته ما شاء الله يعني رجل فاضل سلفي ، لكن لا يمكن أن تشهد بأنُّو هذا إذا ما عرفته شخصيًّا أنه مسلم ؛ شو السبب ؟ حتى - سبحان الله ! - من بعدما غاب من عندي خطر ببالي أنُّو لو يتصل معي هاتفيًّا حتى أنصحه بهذه النصيحة ، مربي لحية جليلة عظيمة وهو شاب وسيم أبيض البشرة ، وأسود الشعر حاسر الرأس ، وحاطت كرافيت ، هذا الجو اللي عايشينه هنيك ، نحن كنا نقترح عليه أنُّو يضع طاقية بيضاء أشبه بهذا " الشَّيخ أحمد " اللي شفتوه !

سائل آخر : " ديدات " .

الشيخ : " ديدات " ، شايف ؟ لأنُّو أصبحت هذه علم للمسلم يميِّزه عن المجتع اللي عايش فيه ، فصعب جدًّا أنُّو الإنسان لما يخرج من بيئة إسلامية ويعيش هناك على التقاليد الإسلامية صعب ، الصعوبة تجي من ناحيتين ، ناحية علمية ؛ أي : تحتاج القضية إلى ناس من أهل العلم محيطين بالإسلام من كلِّ جوانبه ، فهنّ اللي يتولَّوا توجيه هالجماعة هدول توجيه إسلامي كامل وصحيح ، هذه الصعوبة الأولى ، الصعوبة الثانية أنُّو الناحية التربوية هذه يصير صعب جدًّا على نفس المسلمين إذا كانوا لم يعتادوا هذه المعيشة في عقر دارهم وفي البلاد الإسلامية .

كان أُتِيح لي منذ نحو عشر سنوات أن أسافر إلى بريطانيا ، وطُفْنا بعض البلاد حوالي لندن ، وكان الوقت رمضان ، فدعانا أحد الدعاة الإسلاميين هناك في بلدة نسيت والله شو اسمها ، فهمت فيما بعد أنُّو هو من جماعة " الشَّيخ أبو الأعلى المودودي " - رحمه الله - ، دعانا لنفطر عنده في رمضان ، فذهبنا إليه ، واستقبلنا الرجل استقبالًا جيِّدًا ، وآنَسَنا منه رشدًا ، ملتحي الرجل ولابس بدلة طبعًا أوروبية جاكيت وبنطلون ، وحاطط كرافيت ، من الرشد الذي آنسْتُه منه طمَّعني في أن نتكلَّم معه فيما يتعلق بالإسلام وزيّ المسلمين وعدم التشبُّه بالكافرين ، قلت له : بصراحة ... سنة ، وهو أكثر من سنة هو واجب ، فإعفاء اللحية فرض وحلقها إثم ؛ لأنُّو في مخالفة لعديد من النصوص الصحيحة من الرسول - عليه السلام - ، فأنت ربنا عافاك من هذا وربيت هذه اللحية ، لكن في ظني أنك أنت على علم ؛ لأنُّو هو طالب علم شعرت ، على علم بأن الرسول - عليه السلام - نهى المسلم أن يتشبَّهَ بالكفار ، وبخاصَّة أنت تعيش في بلاد الكفر ، فمَن ينظر إليك لا يكاد يعرفك أنك مسلم ، وأكبر زيّ يمثِّل الكفر هو الكرافيت ؛ لأنُّو كون الإنسان يلبس جاكيت ، جاكيت يعني يدفع به شرَّ الحرِّ والبرد ، أما هذه العقدة هنا اللي يضعها الإنسان فلا فائدة منها إلا إضاعة الوقت في تركيزها ، وعلى الطريقة اللي تناسب المكان ، والتشبُّه بها بهالكفار ، ومن طيبة قلب هذا الإنسان ونحن على مائدة الإفطار في رمضان رأسًا حلَّها هيك ورماها أرضًا ، فكان سريع التجاوب ، لكن الذي أزعَجَني بعد أن أفرحني كثيرًا بما فعل قال لي : الحقيقة أنُّو نحن وضعناها هذه العقدة الكرافيت لأنُّو البريطانيين هنا ينظرون إلى الفلسطينيين نظرة إهانة واحتقار ؛ لأنُّو هنّ يخلوا قميصهم هيك غير مزرَّر ، وبدون إيش ؟ كرافيت . قلت له : سامحك الله ! أنت عم ... الكفار هدول على احتقار إخوانك المسلمين بسسب عدم تزيِّيهم بزيِّ الكفار ؟! هذا - كما يقال - عذر أقبح من ذنب .

الشاهد : هذا الإنسان الطيب ما استطاع إلا أن يتأثَّر بهداك الجو ، فهذه تحتاج إلى علم متين وتربية صحيحة ، فلا يستطيع المسلم أبدًا في بلاد الكفر أنُّو يحيى حياة إسلامية ، والأمر واضح جدًّا أنُّو البلاد اللي عاشت أربعة عشر قرن في تطبيق الإسلام لا يمكن أن يساويه بلد حلَّ فيه الإسلام لربع قرن من زمان أو نصف قرن من الزمان ، القضية تحتاج إلى زمن كثير وطويل جدًّا ؛ ولذلك الحقيقة نحن ما ننصح مسلمًا أن يسافر إلى تلك البلاد للإقامة ، وإنما إذا سافر للتجارة - مثلًا - على أن يعود بعد أسبوع أسبوعين شهر شهرين إلى آخره ، ما في عندنا مانع على أن يكون مُحصنًا ، وأعني بالإحصان أن يكون مربًّى تربية إسلامية صحيحة ، وأن يكون متزوِّجًا - أيضًا - الزواج الشرعي المطلوب حتَّى لا يفتن هناك بالرُّخص الموجود في بيع الأعراض بكلِّ وسيلة .

فإذًا جواب السؤال السابق : لا نستطيع أن نقول : يعود أو لا يعود ؛ لأنُّو لكلٍّ منهما مشكلة ، فهو السَّائل أو المسؤول عنه هو الذي يقدِّر الموضوع .

مواضيع متعلقة