ذكر الله - عز وجل - في آية الشورى مراتب الوحي الثلاث : (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ )) ، وقال في آية القصص : (( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ )) ؛ فهل صحيح أن معنى الوحي هنا هو الإلهام ؟ وذكر الراجح أن أمَّ موسى ليست نبيَّة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر الله - عز وجل - في آية الشورى مراتب الوحي الثلاث : (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ )) ، وقال في آية القصص : (( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ )) ؛ فهل صحيح أن معنى الوحي هنا هو الإلهام ؟ وذكر الراجح أن أمَّ موسى ليست نبيَّة .
A-
A=
A+
السائل : قلت لك أنُّو الله - سبحانه وتعالى - ذكر في نهاية سورة الشورى أنه مراتب الوحي ثلاثة مراتب : (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ )) ، وقال في آية القصص : (( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )) ، راجعنا هَيْ بالتفاسير وجدنا هذا الإيحاء إلهام ، إيه هون بقى ... الشَّيخ أنُّو الله - سبحانه - قال : (( إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )) ؛ فكيف يجي هالوعد عن طريق يعني الإلهام قلنا هذا تشرح لنا إياه ؟

الشيخ : الجواب عن هذا السؤال من وجهين :

الأول : أن يقال : إن هذه الآية نفسها دليل على أن أم موسى كانت نبيَّة ، الوجه الأول أن يُقال : إن هذه الآية تدل على أن أم موسى كانت نبيَّة ؛ بدليل أن الله - تبارك وتعالى - أوحى إليها هذا الوحي الصريح المخبر بأن الله - عز وجل - سيجعل هذا الغلام الرضيع فيما بعد نبيًّا ورسولًا .

القول الثاني : بناءً على أنه لم يثبت في الشرع أن الله - عز وجل - أرسل نبيَّة فيما سبق ؛ فيُقال حين ذاك على أن هذا إلهام وليس وحيًا ، وهذا القول هو الذي نميل إليه ؛ لأن هناك آية في القرآن هي كالصريحة أو صريحة فعلًا أنه لم يُرسَل من قبلُ شخص من النساء نبيًّا ، قال - تعالى - : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى )) ؛ فهذا حصر بعد نفي يفيد إيش ؟ الحصر وعدم إرسال نبيَّة ، إنما رجلًا نبيًّا .

في هذه الآية ولعدم وجود أيِّ خبر في القرآن أو في السنة يتحدَّث هذا الخبر عن نبيَّة إطلاقًا لا يوجد مثل هذا ؛ فمِلْنا إلى أن نُنكِرَ أن يكون الله - عز وجل - بعث نبيَّة من قبل ، فعلى ذلك لا بد من تفسير ، وعلى ذلك فلا بد من تفسير الآية السابقة بأنه وحي بمعنى الإلهام ، ويؤيد هذا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لقد كان فيمَن قبلَكم محدَّثون ؛ فإن يكُنْ في أمَّتي فعمر ) ، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يُصرِّح في هذا الحديث بأنه قد كان يوجد قبل الرسول - عليه السلام - أناس محدَّثون أي : ملهمون وليسوا بأنبياء ؛ بدليل أنه قال - عليه الصلاة والسلام - لعلي - رضي الله عنه - حينما خَلَّفَه بعده على أهله وعلى أهل المدينة حينما ذهب إلى تبوك ، فبكى عليٌّ وقال : تدعني مع الأطفال والنساء ؟! فقال له - عليه الصلاة والسلام - ... .

سائل آخر : ( أنت منِّي بمنزلة هارون ) .

الشيخ : ( أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى ؛ غيرَ أنه لا نبيَّ بعدي ) ؛ لذلك لما قال : ( لقد كان فيمَن قبلكم محدَّثون ؛ فإن يكن في أمَّتي فعمر ) مش معناه هنا محدَّثون يعني منبَّؤون ؛ لا ؛ لأنُّو لا نبيَّ بعد الرسول - عليه السلام - بنصِّ ذاك الحديث وغيره ممَّا في معناه ، فاضطُررنا أن نفسِّر ( محدَّثون ) بمعنى غير منبَّؤون ، وإنما ملهمون ، وهكذا فعلًا فسَّره العلماء جميعًا فقالوا : معنى الحديث : قد كان فيمَن قبلكم من الأمم مُلهمون ، فإن يكن في هذه الأمة ملهمون فعمر ، وفي الحقيقة كلنا يعلم أن هناك حوادث كثيرة أُلهِمَ فيها عمر بن الخطاب ، فأصاب بإلهامه كبِدَ الحقيقة ، إذا كان هذا ثابتًا بدلالة هذا الحديث ؛ فكذلك نقول : إن أمَّ موسى أُوحِيَ إليها ذلك النَّصُّ الذي تَلَوْتَه سابقًا بمعنى الإلهام لا بمعنى الوحي الذي يختصُّ به الأنبياء والرسل الكرام .

مواضيع متعلقة