حديث عن الخلاف الحاصل بين أهل العلم وبين الدعاة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث عن الخلاف الحاصل بين أهل العلم وبين الدعاة .
A-
A=
A+
الشيخ : المشكلة يا أستاذ عميقة جدًّا ، عمقُها يأتي من بُعد العهد عن العهد الأنور الأطهر عهد النبوَّة والرسالة ، فلعله أنت على علم ببعض الأحاديث التي تصرِّح بأن المسلمين سيختلفون اختلافًا كثيرًا ، أقول : لعلك على علم ؟ فممكن يكون الجواب : نعم ، معروف ... في بعض الأحاديث وحديث العرباض بن سارية : ( وإن مَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ) ، معروف هذه الحديث عندك ؟ كويس ؛ الآن سؤال كما يقولون اليوم يطرح نفسه ، اليوم المسلمون مختلفون ولَّا متفقون ؟ سؤال ، مختلفون ، كويس ؛ تُرى هذا الاختلاف الذي نبأنا الرسول عنه وضع علاجًا له أم لا ؟

نفترض كل مسلم بغض النظر عن سويَّتِه الثقافية يكون جوابه : لا بد وضع له علاجًا ، ما هو العلاج ؟ في تمام الحديث السابق : ( وإنه مَن يَعِشْ منكم فيسرى اختلافًا كثيرًا ) ، كأنَّ سائلًا يسأل فيُجاب بدون ما يسمع الرسول السؤال ؛ لأنه مُنبَّأ من العليم الخبير فيقول : ( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضُّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإنَّ كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) . هذا الحديث في حدا له اعتراض أو إشكال عليه ؟ لأن هذا مو حديث الألباني ، هذا حديث يؤمن به كل مسلم ... ما دام أنُّو مسلم (( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) ، ( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضُّوا عليها بالنَّواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ) إلى آخر الحديث ، هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن يجادل فيها إطلاقًا ، إذ الأمر كذلك فأنت طرحت هذا الخلاف اللي هو جزء من خلاف أكبر بكثير ، كيف حلُّه ؟ أليس بالرجوع إلى ما قال إلى العلاج الذي جعل الرسول بعد أن حكى الخلاف قال : ( فعليكم بسنتي ) .

نحن الآن ندعو كلَّ المسلمين خاصة المترئِّسين على الناس ، وبصورة أخص الذين يشاغبون على الدعوة الإسلامية الصحيحة دعوة الكتاب والسنة ؛ ندعوهم إلى كلمةٍ سواء ، تعالوا نشوف نحن مختلفين معكم أنتم مختلفين معنا ، اسمعوا حجَّتنا منسمع حجَّتكم ، أنا على اليقين لأني بلغت من الكبر عتيًّا لا يستجيبون ، لا تقدر أن تخبر واحد منهم إطلاقًا ، ولذلك قلت للأستاذ أبي مالك : سوف لا تستطيع ؛ لأنهم لا يستحقُّون ، لكن الآن نحن شو بدنا بهدول الغائبين عنَّا ، هَيْ أنت الآن عرفت المشكلة ، كيف نحلُّ المشكلة ؟ أنت متفق معنا بهذا المقدمات ، في عندك شبهة فيها إشكال ؟ الآن أنت اقرأ أيَّ مسألة ونشوف شو جوابنا عليها ، هل قال الألباني قال أبو مالك ولَّا قال فلان ولَّا كذا ، ولَّا قال الله قال رسول الله ؟ حينئذٍ تحكم أنت بنفسك كيف تستطيع أن تنجو من هذه الحيرة ؛ لأنك أنت عرضت أنه نحن عوام ما نعرف ، لكن هل كل إنسان من العامة وما عنده ثقافة علمية شرعية معنى ذلك أنه لا يستطيع أن يكون على بصيرة من دينه ؟ ما أظن الجواب يكون إي نعم هو لا يستطيع ؛ لأننا جميعًا نعلم أن صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا أمِّيِّين لا يقرؤون لا يكتبون ، (( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا )) ، لكن مع ذلك فهم صاروا سادة العالم ، وهم قدَّموا العلم والعقل الرجيح إلى العالم كله كما هو معلوم لدى الجميع ، ومما أمر الله - تبارك وتعالى - به أمَّة الإسلام في شخص الرسول - عليه السلام - حين قال : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) ، الآن ليكونَ الإنسان على بصيرة ينبغي أن يكون عنده مبدأ في الإسلام وأدلَّته ما هي ؟ هل هو الدليل قال فلان وعلان ؟ أما العلم كما قال ابن قيم الجوزية معبِّرًا ببيتين من الشعر جميلين عن أدلة الكتاب والسنة حول القضية اللي نتكلم فيها حين قال :

العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويهِ

ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيهِ

كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرًا من التعطيل والتشبيهِ

مع العلم نصبك للخلاف سفاهةً ** بين الرسول وبين رأي فقيهِ ، نحن نقول : قال الله قال رسول الله ، غيرنا يقول : هذا بدعة ، هذا خروج عن الجماعة ، طيِّب ؛ قولوا مرَّة واحدة لنا دلونا على ما قال الله وخفي علينا ، دلونا على حديث من أحاديث رسول الله وجهلناه ، لا نجد شيء من ذلك ، والبحث كما أشار أبو مالك بحث طويل جدًّا ، لكن الآن أنا أرجو منك أنك تطرح مسألة من هذه المسائل هاللي يعني موجودة الآن في الساحة من الأمور الخلافية اللي تُزعج كل مسلم غيُّور حتى اللي ما فيه تجربة شو موقفنا نحن تجاهها ؟ وشو موقف الآخرين تجاهه ؟ ترى هذا أن تأتي بمثال ؟

السائل : ... الحقيقة أنا بدي أشير إلى مسألة ، الأخ زهير قال بأنُّو نحن يعني وسط في الواقع ؛ لأنه نحن ما عندنا علم اللي نستطيع أن نرجِّح بين الرأي والرأي هذا ، ولذلك نحن حرنا ، في الحقيقة هو ما حار أبدًا ، ولا أنا حر ، هذه الحرية منفية بالواقع ؛ لأنه هو اختار الناس اللي مال إليهم قلبه لأنهم علماء ، وأنه اتبعهم لهذا ، ولولا ثقته بهم لَمَا مال إليهم وأحب الجلوس معهم وأكثر التردُّد عليهم وأخذ العلم عنهم ، لذلك الأخ زهير محجوج بهذه القضية ومردود عليه فيها ، فإما أن يدفع عن نفسه هذه التُّهم التي أشار إليها بقوله : لا أستطيع الترجيح ، وإما أن يثبت فعلًا بأنه قادرٌ على الترجيح .

السائل : ... مش ممكن مهما أقنعتني أنت والشيخ ناصر مع احترامي وتقديري الشديد جدًّا أنكم ما تختلفوا أنتو الاثنين في قضيَّة معيَّنة ، ولو أنا اعتقد بكلِّ شجاعة يمكن أنكم مدرسة واحدة ، حسب علمي وفكري ، أنا كرجل ما وصلت من العلم والفكر الإسلامي إلى مستواك ومستوى الشيخ ناصر ... كيف أستطيع أنا ولم أصل على علمكما أني أرجح علمك أو رأيك في تلك المسألة أفضل أم رأي الشيخ ناصر ، كذلك أنا أسحب هذا الأمر على الناس ، أول شيء كل علمائنا محل تقدير واحترام ، لنا الظاهر والله يتولى السرائر بشوفهم وأشوف لهم مواقف ، ومش معصومين عن الخطأ ، وصل الواحد فيهم إلى درجة كبيرة ، يعني أقل واحد فيهم دكتور ، أو - مثلًا - له باع طويل في النواحي الدينية ، وأعرف وكل واحد يعرف من الإخوان أنُّو ما لهم أمور دنيوية من خلال المظاهر الخارجية اللي أحسُّ بها وأشعر بها ، وأنا أحكي بصفتي شخص صفة أكثر من آلاف الناس ؛ لأني شايف ... أنُّو أنتم كل واحد فيكم محل تقدير ومحبَّة ويعني ثروة لا تُوصف ، لكن بصراحة يعني عملية الاختلاف بالآراء ، وعملية تناول علمائنا بعضهم لبعض نحن عم نشعر بإحباط وبخيبة أمل ، علماؤنا يركِّزون في كلِّ جلسة وفي كلِّ حادثة وفي كل وقت على أنُّو ما يجوز للمسلم أنُّو يستغيب ، في الحد الأدنى المتيقَّن من الفكر أو من السلوك الإنساني أنُّو ما يجوز اثنين من العوام أن يستغيبوا بعض .

سائل آخر : أنت بعَّدت ، أنت بعَّدت .

السائل : ما ابتعدت .

سائل آخر : لا والله .

السائل : أنت ما وصلت للنتيجة ... .

سائل آخر : والله بعَّدت .

الشيخ : بدها صبر .

سائل آخر : أنت بعدت ، خليك أنت حول النقطة الأولى .

السائل : بلاش النقطة الثانية ، كذلك أركِّز على ناحية معينة أنُّو أنا وغيري لا نستطيع ولا نرجح أنُّو مين اللي رأيه سليم ؛ لأنه لم نصل لا لعلمه ولا لعلم الشيخ ناصر ولا لعلم زيد ولا عبيد ، ولا لأيِّ إنسان تاني ، وهذا يخلِّينا في حيرة .

الشيخ : أنت تقول هذا الكلام أنا - ولا مؤاخذة - ما سمعتك .

السائل : لا ، أنا استمعتك عدَّة مرات .

الشيخ : بيجوز ... .

مواضيع متعلقة