ما معنى حديث : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما معنى حديث : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : في سؤال آخر له دخل في الموضوع عن تأويل حديث : ( بين الرجل والكفر ترك الصلاة ) أيضًا ؟

الشيخ : نعم ، هذا بحث يطول ، لكن خلاصته .

السائل : الحديث ... .

الشيخ : بين .

عيد عباسي : ( الرجل والكفر ترك الصلاة ) .

السائل : ... .

الشيخ : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ؛ فَمَن ترك الصلاة فقد كفر ) .

الكفر نوعان : كفر اعتقادي وكفر عملي ، إذا كان المسلم ؛ المسلم الذي نعرفه مسلمًا يشهد أن لا إله إلا الله ، وقد يصلي مرة ولو في رمضان ولا يصلي في أكثر الأيام ؛ إذا كان تركُه للصلاة عن عقيدة ؛ بمعنى إنه يتركها اعتقادًا لعدم وجوبها وعدم فرضيتها ؛ فهذا كفره كفر اعتقادي ؛ لأنه قد حلَّ في قلبه عقيدةٌ ليست هي عقيدة المسلمين ، وإنما هي عقيدة الكفار الذين يتحسَّرون يوم القيامة فيقولون : (( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ )) ، أما إذا كان تركُه للصلاة كسلًا مع اعتقاده بفرضيتها ووجوبها و ... ذلك من الله - عز وجل - فهذا كفرُه كفرٌ عملي وليس كفرًا اعتقاديًّا ، ومعنى الكفر العملي أنه يعمل عَمَلَ الكفار ، فالكفار لا يصلون ، فأيُّ مسلم لا يصلي فلا شك أنه عَمِلَ عَمَلَ الكفار ، فإذا اقترنَ بعمله هذا عقيدتهم فهو منهم بالمئة مئة ، يكون كفره حين ذاك كفرًا اعتقاديًّا وكفرًا عمليًّا ، أما إذا خالَفَهم في العقيدة فَهُم لا يؤمنون بالصلاة وبشرعيتها ، أما هو فيؤمن بها وبشرعيَّتها ، لكنه يدَعُها اتباعًا لهواه واغترارًا بركضه وراء دنياه ونحو ذلك ؛ فهذا يكون كفره كفرًا عمليًّا ؛ أي : إنه يعمل عَمَلَ الكفار .

فهذا ما دام اعتقاده مخالف لِاعتقاد الكفار فَمِن الظُّلم البيِّن الواضح أن نحكم عليه بالكفر لأنه يخالف الكفار ، الكفار لا يؤمنون بشرعية الصلاة ولا يدينون الله بها ، أما هذا فهو مؤمن ومصدِّق ، وفي كثير من الأحيان ولو بينه وبين ربِّه يقول : " ربِّ اهدني ، رب اغفر لي " ؛ فلا يجوز القول بأن الذي يترك الصلاة كسلًا هو كافر كفرًا اعتقاديًّا ؛ لأنُّو هذا يخالف ما في قلبه ، يخالف اعتقاده ، هو يعتقد بأن الصلاة مشروعة ، والكافر لا يعتقد ذلك ، فاختلف من هذه الحيثية ؛ أي : من حيثية العقيدة ، الكافر يجحد ويكفر شرعية الصلاة ، المسلم يؤمن بها ويصدِّق ويسلِّم تسليمًا ، لكن يلتقي هذا المسلم الفاسق حين يترك الصلاة مع الكافر من الناحية العملية ؛ لذلك ( بين الكفر والرجل ترك الصلاة ؛ فَمَن تركها فقد كفر ) ، قد كفر لا شك ، ولكن هذا الكفر تارةً يُفسَّر بأنه كفر اعتقادي ؛ وذلك حين يشارك الكفار في إنكار شرعية الصلاة كما هو شأن بعض المنحرفين من الشبيبة الناشئة اليوم ، وتارةً يُفسِّر هذا الكفر بأنه كفر عملي وليس كفرًا اعتقاديًّا ، وهذا خاص بالذين يشاركون المسلمين جميعًا بالإيمان والتصديق بشرعية هذه الصلوات ، ولكنَّه يخالفهم بأنه لا يصلي معهم إما دائمًا - لا سمح الله - ، وإما في بعض الأحيان ، فإذا هذا الإنسان أنكر شرعية الصلاة صار كفره كفرًا اعتقاديًّا عمليًّا ، وحينئذٍ يكون الحديث في حقِّه على ظاهره ( فَمَن ترك الصلاة فقد كفر ) ؛ فمن ترك الصلاة عملًا واعتقادًا فقد كفر كفرًا اعتقاديًّا ، ومَن ترك الصلاة مؤمنًا بها ولكن كسلًا فهذا كفره كفر عملي وليس كفرًا اعتقاديًّا .

هذا جوابنا باختصار ، وهذا البحث مما تكرَّر منا كثير وشيء من التفصيل ، وأرجو أن يُحفظ حتى لا يتورَّط الإنسان بتفسير بعض الأحاديث تفسيرًا على طريقة الخوارج قديمًا وحديثًا ، وهذه مصيبة نحن وقعنا اليوم في بعض البلاد الإسلامية ، ( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ) ، لا بد - أيضًا - هذا اللفظ من تفسيره على النمط السابق ، وإلا تضارَبَ الحديث مع الآية : (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ )) . الشاهد أن كلًّا من الفئتين المتقاتلتين إحداهما باغية كلٌّ منهما وَصَفَهما ربنا - عز وجل - بأنها مؤمنة ، كيف مؤمنة والحديث بيقول : ( وقتال المسلم كفر ) ؟ يأتي التفصيل السابق ؛ إن استحلَّ قتله فهذا يُلحق بالكفار اعتقادًا وعملًا ، وإن اعترف بأنه مخطئ في قتاله لكن متَّبع هواه فكفره كفر عملي وليس كفرًا اعتقاديًّا .

والسلام عليكم .

مواضيع متعلقة