التعليق على استدلال الباحث بحديث : ( إلا رقمًا في ثوب ) أن الصور المحرَّمة إنما هي المجسَّمة التي نطلق عليها التماثيل ؟! - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التعليق على استدلال الباحث بحديث : ( إلا رقمًا في ثوب ) أن الصور المحرَّمة إنما هي المجسَّمة التي نطلق عليها التماثيل ؟!
A-
A=
A+
الشيخ : يقول يسرد الأحاديث التي تدل بزعمه ... هذه الصور التي تُعلَّق ، ولكن لا لِتُعبد من دون الله ، روى مسلم في " صحيحه " عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة ) أخرجه مسلم . قال بُسْر : ثم اشتكى زيد بعدُ فعُدْناه ، فإذا على بابه سِترٌ فيه صورة ، قال : فقلت لِعُبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وكان معه : أَلَم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول ؟ يعني ما قال : ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ) ؟ فقال عُبيد الله : أَلَم تسمعه حين قال : ( إلا رقمًا في ثوب ) ؟ في بعض الروايات قال له : نعم ، قال هذا الاستثناء ، والغرض من الحديث .

عيد عباسي : رفعه ... .

الشيخ : نعم ؟

عيد عباسي : رفع هذه الجملة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

الشيخ : إي ، طبعًا ، هذا من تمام الحديث ، بس يبدو أنُّو اللي أنكر القرام اللي فيه الصورة ما كان ضبط تمام الحديث ، فذكَّره الرواي فتذكَّر .

قال : وروى الترمذي بسنده عن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده ، فوجد عنده سهل بن حنيف صحابي آخر ، قال : فدعا أبو طلحة إنسانًا ينزع نمطًا تحته . النِّمط : ثوب أو بساط فيه نقوش وصور . فقال له سهل : لِمَ تنزعه ؟ قال : لأن فيه تصاوير ، وقال فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما قد علمت . قال سهل : أَوَلَمْ يقل : ( إلا ما كان رقمًا في ثوب ؟! ) . فقال أبو طلحة : بلى ، ولكنه أطيب لنفسي . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

قال : " ألا يدل هذان الحديثان على أن الصور المحرَّمة إنما هي المجسَّمة التي نطلق عليها التماثيل ؟! " ، هو يتساءل وكأن في نفسه شك من هذا الاستدلال ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لَقطع ولَقال : في ذلك دليل على ما ذهب إليه ، لكنه تساءل : ألا يدل هذان الحديثان على أن الصور المحرَّمة إنما هي المجسَّمة التي نطلق عليها التماثيل ؟! الجواب : لا يدلان ، وقبل بيان ذلك أريد أن ألفت النظر إلى حقائق :

أوَّلًا : الحديث حديث واحد وليس حديثين ، فجعْلُهما حديثان هو من باب الاستكثار في غير محلِّه .

ثانيًا : يجب أن نفرِّق بين استعمال الصور وبين تصويرها ، فالتصوير شيء واستعمال الصور شيء ، وسيظهر لكم الفرق .

ثالثًا : يجب أن نفرِّق بين تقصُّد اقتناء الصور وبين عدم التقصُّد ، فلنفصِّل هذه الحقائق فأقول : أوَّلًا : فرق بين تصوير وبين استعمال الصورة ، فقد علمتم أن الرسول - عليه السلام - حرَّم التصوير تحريمًا عامًّا ؛ ولذلك فلا يجوز استثناء مصوِّر يصوِّر صورة من هذه الأدلة العامة إلا ما دلَّ الدليل مثل لُعَب السيدة عائشة ، وما أُلحِقَ بها إلحاقًا صحيحًا ، كما ذكرنا لكم مثل ما سبق مثل تصوير ... وتصوير - مثلًا - الهويَّات وما شابه ذلك .

أما الاقتناء فالاقتناء شيء آخر ، فأنا - مثلًا - صوَّرت نفسي من أجل الجواز ، من أجل الهوية ؛ هذا شيء ، لكن أن أضع هذه الصورة أزيِّن بها بيتي فشيء آخر ، فأنا قد أصوِّر نفسي للحاجة ، وقد يُصوِّرني غيري لحاجة ، ولكن اقتنائي لهذه الصورة وتزييني للبيت فيها لا محل له من الإعراب كما يقال .

لذلك إذا أردت أن أزيِّن بيتي تزيينًا إسلاميًّا فليس ذلك بأن أزيِّن جوانب البيت الأربعة بالصور الفوتوغرافية ؛ بزعم أنها أوَّلًا ليست مجسَّمة ، وثانيًا أنها لا تُعبد من دون الله - عز وجل - ؛ لأن في هذا التزيُّن مشابهة للكفار كما علمتم ، وثانيًا فيه مساعدة يا جماعة لهؤلاء المصوِّرين الملعونين بنصِّ الأحاديث الصريحة ، فأنت حينما تقتني هذه الصور تساعدهم ، والقضية عرض وطلب كما يقال ، فكلما وجد المصوِّر سوقًا رائجة كلما ازداد نشاطه في التصوير ، والعكس بالعكس ؛ فإذا تصوَّرنا نحن مجتمعًا إسلاميًّا سلفيًّا لا يتصوَّر إلا للضرورة ، لا يقتني صورة إلا للضرورة ؛ فحينئذٍ المصوِّرون ينفق سوقُهم ، لا ينفق سوقهم ، وسيظلُّون منحصرين في دائرة إيش ؟ الضرورة ولا بد ، كأيِّ شيء من الضرورات .

عيد عباسي : عدد قليل .

الشيخ : إي نعم .

فإذًا أنا إذا أردت أن أفرش بيتي بالسجاد ، وكنت أعلم هذه الحقيقة أن الصور لا يجوز اقتناؤها ؛ فأول شيء يجب أن أنظر بأنُّو هذه السجادة فيها صور ولَّا لا ، فإن غُلِبت على أمري بحثت وما تنبَّهت ، وجئت بالسجادة للبيت وإذا بها صورة ؛ حين ذاك ممكن أن يقال لك ومع شيء من التحفظ - أيضًا - إذا لم تستطع إعادته إلا بخسارة مادية ، فيقال لك : إذًا تمتَّع به على سبيل الامتهان لا على سبيل الإكرام حتى يَهترئ ويتمزَّق ، وعلى هذا تُحمل الصور التي تمرُّ معنا في بعض البُسُط في بعض الأحاديث . فهناك فرق إذًا بين أن تتقصَّد شراء البساط فيه صورة فتعين المصوِّر الملعون في الأحاديث ، وبين أن تُغلب فتجد الصورة كما تجد الصليب أحيانًا ، وأنت لم تتنبَّه حينما اشتريت البساط أو السجاد ؛ هذا شيء .

شيء آخر أن البسط التي فيها الصور كثيرًا ما تكون سببًا للسجود على الصور ، فيقع المحذور الأكبر الذي يفرُّ منه حتى الذين ضيَّقوا دائرة التحريم للصور الذين يقولون بأن المحرَّم منها هو ما يُعبد من دون الله - عز وجل - ، فإذا بنا اليوم بسبب تساهلنا إما فهمًا وإما عملًا نقع في نفس المحظور الأكبر الذي لا خلاف فيه ، فنسجد على الصور ونسجد على الصلبان حتى في بيوت الله - عز وجل - .

فهل ترون أن المسلمين لو كانوا واعين أوَّلًا ، وعلماء ثانيًا ، وسلفيين في مفاهيمهم ثالثًا ؛ هل كنتم ترون السجاجيد والبسط في بيوت الله فيها الصور وفيها الصلبان ، وكثيرًا ما يضطر أحدنا وقد تنبَّه للصليب أن ينحرف يمينًا أو يسارًا ، أو يتقدَّم قليلًا أو يتأخَّر ، وقليل من هؤلاء من يتنبَّه لذلك ؟! إذًا ألا يكفي أن يُقال : لو لم يكن هناك أيُّ دليل لتحريم اقتناء الصور ، ألا يكفي أن يقال لا يجوز اقتناء الصور من باب سد الذريعة ؟ سد الذريعة لمنع المصوِّرين أن يصوِّروا ، سد الذريعة حتى لا نسجد على الصور ولا نعبدها بجباهنا من دون الله - عز وجل - ، فهذا هو الفرق بين التصوير وبين اقتناء الصور ، فإذا جاز لك أن تقتني صورة ؛ أليس معنى ذلك أنه يجوز أن تتعاطى تصوير هذه الصور بصورة إيش ؟ مطلقة وعامة ، هذا الفرق في الأول بين التصوير وبين الصور .

وإيش قلنا ؟ فرق ثاني يدل على حرمتها ، هكذا يقول ، " ليس هناك نصٌّ صحيح صريح سليم من المعارضة يدل على حرمتها " ، نعم هناك أحاديث صحيحة أظهر فيها النبي كراهِيته فقط لهذا النوع من التصاوير لِمَا فيه من مشابهة المترفين وعشَّاق المتاع الأدنى .

مواضيع متعلقة