ذكر كلام ابن القيم في اشتداد نكير السلف على مَن يقدِّم القياس على الحديث أو يضرب له الأمثال . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر كلام ابن القيم في اشتداد نكير السلف على مَن يقدِّم القياس على الحديث أو يضرب له الأمثال .
A-
A=
A+
الشيخ : وقال ابن القيم - أيضًا - : " وقد كان السلف الطَّيِّب يشتدُّ نكيرهم وغضبهم على مَن عارض حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنًا من كان ، ويهجرون فاعل ذلك ، ويُنكرون على مَن يضرب له الأمثال ، ولا يُسوِّغون غير الانقياد له - صلى الله عليه وسلم - والتسليم والتلقِّي بالسمع والطاعة ، ولا يخطر بقلوبهم التوقُّف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان ، بل كانوا عاملين بقوله - تعالى - : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) وأمثاله مما تقدَّم ، فدُفِعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم : " ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال كذا وكذا ؛ يقول : مَن قال هذا ؟ دفعًا لصدر الحديث ، ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به .

ولو نصح نفسه لَعَلِمَ أن هذا الكلام من أعظم الباطل ، وأنه لا يحلُّ له دفع سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا الجهل ، وأقبح من ذلك عذره في جهله ؛ إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة ، وهذا سوء ظنٍّ بجماعة المسلمين ؛ إذ ينسبُهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأقبح من ذلك عذرُه في دعوى هذا الإجماع ، وهو جهله وعدم علمه بِمَن قال بالحديث ، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة ، والله المستعان " انتهى .

قلت : وإذا كان هذا حالُ من يُخالف السنة وهو يظنُّ أن العلماء اتفقوا على خلافها ؛ فكيف يكون حال مَن يُخالفها إذا كان يعلم أن كثيرًا من العلماء قد قالوا بها ، وأن مَن خالفها لا حجَّةَ له إلا بمثل تلك القواعد المشار إليها أو التقليد على ما سيأتي في الفصل الثالث .

مواضيع متعلقة