هل يجوز لطالب العلم أن ينتقد أحاديث الصحيحين بعد تلقي الأمة لهما بالقبول.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز لطالب العلم أن ينتقد أحاديث الصحيحين بعد تلقي الأمة لهما بالقبول.؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة لطالب العلم الذي ضعّف حديث طبعا كان الحديث كلّه يدور حول الصحيحين ، طبعا هو لم يضعّف حديث خارج الصحيحين فنقول مثلا أنّ هذه الأحاديث لعلّها ما مرّت على كثير من العلماء وكثير من الشراح , لكن الصحيحين يعني يوجد فيهما ميزة وأنهما منذ أن ألفا والعلماء يتدارسونها إما في حلق العلم وإما في الشرح وإما في الانكباب عليها قراءة حتى أن الدارقطني رحمه الله أخذ بعض المؤاخذات على ما في الصّحيحين كما هو معلوم ، ومن أتى من بعده بعضهم لم يأخذ هذه المؤاخذات ولعل كلمة الذهبي التي ذكرتها في الحديث الذي كان قبل الإفطار وهي أنه قال وفي النفس منه شيء لو لا مهابة الصحيحين ، وهو حديث أبي الزبير وكذلك بينت يا شيخ أن هناك من سبقك أبو حسن القطان رحمه الله ؛ لكن طالب العلم هذا الذي لم يسبقه في انتقاد هذه الرواية أحد من العلماء المتقدّمين كما حصل لماذا ؟ كما حصل لأبي الزبير رحمه الله ، وهذين الكتابين يعني هذان الكتابان مرّ على معامل كثيرة من العلماء ما بين شرح وإلى غريب وإلى آخره فهل نقول له أنه يطلق لك التضعيف كونك طالب علم وكونك متمكّن حتّى ولو لم يسبقك أحد ، في حين الذين سبقوه من الأئمّة الذين درسوا هذه الكتب وشرحوها فلو تبيّن لنا ذلك بارك الله فيك ؟
الشيخ : ليس عندي شيء جديد جوابا على سؤالك إنمّا هو إعادة الماضي , ولكن بفلسفة جديدة وهي نقول لك الآن جدلا طالب العلم هذا لا يجوز له ، زين ؟
السائل : زين .
الشيخ : طالب العلم هذا لا يجوز له فهل هناك أحد يجوز له ؟
السائل : يا شيخ هذه المسألة تختلف عن مسائل أخرى مثل المسائل الفقهية أو غيرها .
الشيخ : بلاش دوبلة ، أجب جوابا صريحا ، سؤال مختصر هل هناك من يجوز له ؟ الجواب نعم أو لا .
السائل : هناك من يجوز له وقد فعل الدارقطني .
الشيخ : اسمح شويه ، ما صفة هذا الجائز له ؟
السائل : أن يكون عالما من العلماء الذين تمكنوا
الشيخ : وهذا الذي دندنت حوله ورجعت أنت إليه أخيرا ..
السائل : لا مو هذه القضية ...
الشيخ : قلت تمكن ,يضحك الشيخ رحمه الله , لكن الفرق بيني وبينك أنّني ما سميت طالب العلم عالما , أما أنت فتجرأت على كلامي وقلت عالما متمكّنا ، قلت عالما متمكّنا إذا الخلاف بيني سابقا في كلامي وبينك أنت لاحقا خلاف لفظيّ بدليل أنّك الآن ستوافق على القولة الجديدة التي ما وجّهتها آنفا إلى السّائل السّابق قبلك فسأقول لك يجوز نقد أحاديث الصحيحين من عالم متمكّن ، الآن لا تجد ما تعارضني به أليس كذلك ؟
السائل : يا شيخ أنا قصدي ...
الشيخ : وبقول ما يعطي جواب ...
السائل : يا شيخ أنا قصدي بارك الله فيك أن أحاديث الصحيحين محصورة من واحد إلى كذا ...
الشيخ : الآن بتحكي غير الكلام السابق بارك الله فيك أم هو إعادة يعني إدارة الكوانة بتعرف الكوانة ؟ في شيء جديد عندك ؟
السائل : والله يا شيخ مسألة الصحيحين يعني مسألة ليست بالهينة لأن الصحيحين أحاديثها محدّدة من واحد إلى كذا ومحصورة ومرّت عليها شروح ومرّ عليها قوافل العلماء ، فلما يأتينا شخص ينتقد شيء لم تنتقده هذه القوافل على هذا الكمّ المحصور يعني النّفس ما ترتاح كثيرا ، بارك الله فيك .
الشيخ : المهم عندي جديد وأنت مثلي أو أنا مثلك يعني ما عندنا شيء جديد لكن عندي شيء جديد الآن ، أنت حينما تقول جاءت هذه القوافل من العلماء ودرسوا الصحيحين إلى آخره ترى هذا الطالب المتمكّن في العلم في تعبيري أو ذاك العالم المتمكّن في علمه في تعبيرك أنت هل أحاط علما بهذه القافلة ؟ أجبني بس اشترط بدون حيدة ؟
السائل : قد يكون أحاط وقد لايكون ما أحاط .
الشيخ : هذه حيدة ، يا أخي قد وقد هذه تقال للتشكيل .
السائل : نفع الله بك ، قد يكون اطلع على بعض هذه وقد يكون ما اطلع .
الشيخ : أرأيت ما قلت على بعض وأنا أسأل عن البعض الآخر هل اطلع على الكلّ ؟ قل لا .
السائل : لا .
الشيخ : إذا ما يفيدك قولك اطلع على البعض مفهومه أنه ما اطلع على البعض الآخر , إذا جزاك الله خير أطلت عليّ الجواب ، أنا سألتك سؤالا بلسان عربي مبين هل تتصوّر أنّ هذا الطالب في تعبيري أو ذاك العالم في تعبيرك أحاط علما بكلّ من تكلّم على الصّحيحين سواء من النّاحية الحديثيّة أو غيرها ؟ الجواب لا ، بداهة الجواب لا ؛ إذا لماذا تفترض أن الجواب بلا ؟ لأنك حينما تضخّم الإشكال وتقول أنّه مرت قوافل على هذه الكتب ودرسوها ونقدوها إلى آخره وهذا جاء في الزمن الأخير ينقد ما لم ينقده السابقون الأولون لماذا تدعي هكذا ؟ وأخيرا بعد المناقشة الهادئة العلمية تقول لا ليس الأمر كذلك ؛ وهذه مشكلة الشباب الناشئ اليوم في العلم يضخّم الأمور ، فبارك الله فيكم إذا عرفتم أنّ العلم وأنّ حجّة الله قائمة على مرّ الزّمان والدّهور وأنّ العلم لا ينقطع أبدا وإلاّ تقوم السّاعة على النّاس ( لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله حتى تقوم الساعة ) روايات كثيرة في هذا الحديث ، الشّاهد فإذا نحن اشترطنا أن يكون على حدّ تعبيرك عالما متمكّنا فما هو الخوف ؟ وقد اتفقنا أنّنا لا نستطيع أن نقول أننا أحطنا بكل هؤلاء العلماء الذين كانوا مع تلك القوافل العالمة والدّارسة للكتابين ؛ ثانيا مثل الإمام الذّهبي رحمه الله الذي ذكرته آنفا مذكّرا بقولي أنا كويّس ، ترى جاز للإمام الذهبي أن يقول تلك الكلمة ؟ أجبني بدون حيدة ، جاز أم لم يجز ؟
السائل : جاز وقالها .
الشيخ : هل قالها أحد قبله من تلك القوافل ؟
السائل : أبو الحسن القطان كما ذكرت .
الشيخ : ما أجبتني ، هل قال أحد يعني في صحيح مسلم لأبي الزبير أحاديث في القلب منها شيء هل قالها غيره ؟
السائل : لا .
الشيخ : طيب جاز له أن يقول ؟
السائل : جاز .
الشيخ : طيب ما الفرق بينه وبين مثله فيما إذا جاء متأخرا عنه ببضع سنين أو بقرن أو بقرون ؟ لا فرق ؛ المهم في الموضوع أن يكون الناقد عالما وانتهى الأمر .
السائل : نفع الله بك .
الشيخ : جزاك الله خيرا ، شغلت الجلسة بالعلم والحمد لله .
سائل آخر : في بعض الاستشكالات تنتج عن ما ينقل عن الإجماع على حديث الصّحيحين التي لم تنتقد ولم يتكلّم في حديثها وسؤال الأخ في البداية حول الأحاديث الّتي لم يتكلّم عليها أحد من الحفّاظ وجاء أحد المتأخّرين على أنّ الإجماع قد انعقد على الأحاديث التي لم يتكلّم عليها ؛ فهذا الإشكال لعله ينتج عنه هذا السؤال وغيره ؟
الشيخ : الإشكال سبق الجواب عنه .
السائل : لا ، عن الإجماع يعني بعض الناس الآن ينقلون ويقولون أحاديث الصّحيحين التي لم يتكلّم عليها بعد أن تكلم الحافظ الدّارقطني على الأحاديث أجمعت الأمّة على صحّة ما سواها ينقله بعض النّاس ويتحرّج بعض الناس في الكلام على بعض الأحاديث من أجل هذا الإجماع المنقول .
الشيخ : أخي سبق الجواب عن هذا ؛ لكن ليس مباشرة هل يمكن حصر الأحاديث الّتي تكلّم فيها آنفا ، ذكر أحد إخواننا الحاضرين وهو الذي قبلك بأنّ الإمام الدّارقطني انتقد من الصّحيحين ثلاث مائة حديث وزيادة ، ثم الذين جاءوا من بعده ، لم يسلّموا إلى الناقد الدارقطني إلاّ في أفراد من الأحاديث ألا يمكن أن يكون هذا المتأخّر هذا الطّالب الذي دار الحديث آنفا حوله ألا يمكن أن يكون انتقد حديثا من تلك الأحاديث الّتي انتقدها الإمام الدّارقطني ولكن العلماء لم يعرّجوا على نقده ؟ ممكن أم لا ؟
السائل : ممكن , لكن سجلت هذه الأحاديث ، الأحاديث التي انتقدها الدارقطني مسجلة ومعروفة
الشيخ : معروفة لكن هل كل ناقد وكل سائل يعرفها ؟
السائل : ليس كل سائل ولكن هم يقولون أن هناك إجماع ...
الشيخ : أنا أريد أن أقول الإجماع على ما دون ما نقده الدارقطني ؟ أم زايد ما نقده الدّارقطني ولم يسلّم له ؟ مفهوم السؤال ؟
السائل : نعم مفهوم .
الشيخ : ما هو الجواب ؟
السائل : الإجماع على غير الأحاديث التي تكلّم عليها سواء سلّم أو لم يسلّم .
الشيخ : أحسنت إذا ففي هناك أحاديث الآن عمليا جارية مجرى المقبولة من الأحاديث ولو كان فيها شيء ممّا انتقده الدارقطني , طيّب إذا حصيلة الجواب ليس عندنا كلام واضح جدّا ، لو فرضنا صحيح البخاري مطبوع طبعة جيّدة بأرقام متسلسة وجاء الإجماع الّذي تشير إليه ليقول الأحاديث المرقّمة بكذا وكذا وكذا وهي الألوف المؤلّفة ، هذه تلقّتها الأمّة بالقبول لأنهّا لم تنتقد وما سوى ذلك فهي التي انتقدها الدّارقطني وغير الدارقطني ، لو كان مثل هذا البيان وهذا التحرير الدقيق كان يمكن أن يتّخذ هذا حجّة مع ذلك هناك تحفّظ سبق بيانه آنفا وهو حينما افترضنا هذه الصّورة نسخة من صحيح البخاري مطبوعة طبعة عصريّة مرقّمة بأرقام متسلسلة وفرضنا أنّ هذا التّرقيم كان موجودا في عصر ادّعاء الإجماع ونصّ على أرقام هذه الأحاديث الّتي أجمع عليها العلماء سنقول الآن ألا يمكن أن يكون هناك ناس من أهل العلم كالدّارقطني مثلا نقدوا أحاديث أخرى غير أحاديث الدّارقطني ؟
السائل : يمكن .
الشيخ : يمكن ، إذا ادّعاء الإجماع في مثل هذه المسألة تشبه تماما ادّعاء الإجماع في مسائل فقهيّة كثيرة يدعى فيها الإجماع ثم يتبيّن بعد الفحص والبحث أنّ هناك مخالفين كثيرين فيسقط حينئذ ادّعاء الإجماع , ولهذا فنحن نقول حديث الصّحيحين الأصل فيهما القبول لعامّة المسلمين , أمّا أهل العلم وأهل الاختصاص فلهم مجالهم العلمي الخاص بهم ، فقد يثبت لديهم علّة في بعض الأحاديث لم يذكرها الأوّلون , الذي يدرس شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني يجد انتقادات لا يجدها فيما انتقده الإمام الدارقطني أبدا ، وابن حجر هو الذي ينقل مثل هذا الكلام أنه ما سوى ما انتقده الدارقطني فالأمة تلقتها بالقبول , الان أنا أضرب لكم مثالا في بعض الأحاديث الموجودة في صحيح مسلم وربمّا بعضه الآخر في صحيح البخاريّ ، في صحيح مسلم وهذا من غرائب الموجود في صحيح مسلم ويتسائل المتسائل كيف هذا ، الحديث المعروف والذي يعزى في الكتب الجامعة بين الصحيحين وغيرها ، يعزى هذا الحديث للشّيخين فيقال متّفق عليه ، ما هو ؟ الحديث المشهور من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( سبعة يظلهم الله تحت ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه إمام عادل عادل ، وشابّ نشأل في طاعة الله ... ) وذكر السبعة وذكر أخيرا ( ورجل تصدق بيمينه حتى ما تعلم شماله ما أنفقت يمينه ) قد تستغربون جدا أو على الأقل جلّكم أو أقلّ من القليل بعضكم تستغربون ماذا سأقول لكم ، الحديث حتى اليوم في صحيح مسلم يروى بلفظ ( حتى ما تعلم يمينه ما أنفقت شماله ) هذا نوع من علم الحديث يسمى بالحديث المقلوب ، هذا الحديث موجود في صحيح مسلم مقلوبا على من انقلب ، أعلى المؤلّف ؟ أم على شيخه أم أم إلى آخره ؟ وجاءنا صحيح مسلم هكذا ، يا ترى وقوع مثل هذا الخطأ في حديث يدلّ معناه على خطئه فضلا عن أنّه روي في صحيح البخاري على الصّواب وقوع مثل هذا الخطأ الجلي المجسّم أقرب أم وقوع بعض الأخطاء في الرواية خفيّة لا يتنبه لها إلا أولو العلم ؟ لاشكّ أنّ مثل هذا الخطأ المجسّم المجسّد وقوعه في صحيح مسلم أشكل بكثير من وقوع بعض الأخطاء الّتي لا تخفى إلاّ على أهل العلم , فبماذا يعلّل ؟ بكلمة تروى عن الإمام الشافعي رحمه الله ألا وهو قوله " أبى الله أن يتمّ إلا كتابه " هذه حقيقة , حقيقة نلمسها لمس اليد " أبى الله أن يتمّ إلاّ كتابه " لا يهمّني أبدا أن أثبت لكم هذه الكلمة عن الإمام الشافعي كما أثبت لكم الأحاديث النّبويّة الصّحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حسبنا أن نعتقد أن هذا المعنى من الكلام لا يمكن أن يختلف فيه اثنان " أبى الله أن يتمّ إلا كتابه " مادام أنّ المسلمين قد اتّفقوا أنّ في الصّحيحين ما هو منتقد بحقّ وهناك انتقاد بخطأ إذا صدق من قال " أبى الله أن يتمّ إلاّ كتابه " وهذه معجزة من معجزات القرآن أنّ أيّ كتاب ألّفه مؤلّف ما مهما كان حريصا في انتقاءه وفي توثيقه وفي تصحيحه فهو ليس من الله " أبى الله أن يتم إلا كتابه " ولذلك ليس موضع استغراب واستنكار إذا ما توجّه بعض العلماء على مرّ الزّمان والدّهور في انتقاد بعض الأحاديث الّتي جاءت في الصّحيحين بالعلم وليس بالجهل وليس بالهوى وليس بالتّأثّر بتربية أو فلسفة غربيّة أو شرقيّة كما يفعل بعض الكتّاب المعاصرين اليوم الّذين لم يشمّوا رائحة العلم ولا عرفوا مراتب العلماء والرّواة في رواة الأحاديث فيتجرّؤون على نقد الأحاديث لمجرد أنّ هذا الحديث ما دخل في مخّه ما قبلته نفسه ، وهو يرفضها ويرميها أرضا لأتفه الأسباب ، لا هذا هو خروج عن هدي الإسلام والمسلمين جميعا ؛ أمّا كما نقول وندندن حول ما نقول رجل عالم ممّا مضى أو أتى أو يأتي متمكّن في هذا العلم ولا ينقد إلا اتّباعا لقواعد هذا العلم واعتمادا على علماء الجرح والتّعديل فأنا أتمنّى أن يوجد في علماء المسلمين عشرات بل مئات من أمثال هؤلاء العلماء النّقاد , لأنّ بأمثالهم تقوم حجّة الله على عباده , أما بالتقليد قال البخاري كذا ، رواه البخاري كذا ، هذا ليس علماء وأنا يؤسفني جدا أن بعض المتحمسين من الإسلاميين وهذه حقيقة وقعت قد يكون بعضكم على علم بها ، كنت قرأت منذ أكثر من عشر سنوات بحثا لأحد الكتاب المصريين الذين لا علم عندهم ... .

مواضيع متعلقة