ما رأيكم في قول بعض العلماء أن حديث الآحاد يفيد الظَّنَّ ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيكم في قول بعض العلماء أن حديث الآحاد يفيد الظَّنَّ ؟
A-
A=
A+
السائل : نفس العلماء قالوا : حديث الآحاد يفيد الظَّنَّ ... يفيد الظَّنَّ ... .

الشيخ : عفوًا ، أنا لأمرٍ ما قلت أنُّو الحديث الضعيف يفيد الظَّنَّ المرجوح ، الذي أنت تنسبه للعلماء ليس هو الظَّن ، وإنما على العكس من ذلك ، ذلك هو الظَّنُّ الراجح ، علماء الـ ، كما تقول قالوا أنُّو حديث الآحاد يفيد الظَّنَّ ، ولكنهم هم إذا أطلقوا الظَّنَّ فلا يعنون الظَّنَّ الذي ذمَّه الله وعابَه ، وإنما يعنون الظَّنَّ الذي وَجَبَ علينا شرعًا أن نأخذ به ووصفُه " الظَّنُّ الراجح " ؛ فإذًا نستطيع أن نقول الآن أن الظَّنَّ ينقسم إلى ثلاثة أقسام - مش ظنين - : ظن يقيني ، وظن راجح ، وظن مرجوح .

فالظَّنُّ المرجوح لا يدخل في شرع الإسلام - والحمد لله - مطلقًا ، أما الظَّنُّ الراجح فيجب الأخذ به سواء في الأحكام أو في العقيدة ما دام أنه جاء بحديثٍ صحيح ، والظَّنُّ الآخر - وهو اليقين - فلا شك أنُّو هذا هو أحسن ما يُمكن أن يرتاح إليه عقل الإنسان أو قلبه ، وعلى هذا المعنى جاء قوله - تبارك وتعالى - حكايةً عن المؤمن : (( إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ )) ، فظنَنْتُ هنا إيش معناها ؟ اليقين .

السائل : اعتقدت .

الشيخ : نعم ؟

السائل : اعتقدت .

الشيخ : فإذًا الظَّنُّ - يا أستاذ - لا يأتي دائمًا بمعنى الظَّنِّ المرجوح ، بل لا يأتي دائمًا بمعنى الظَّنِّ الراجح ، فتارةً هو بمعنى اليقين كما سمعتم في الآية الكريمة ، وتارةً بمعنى الظَّنِّ الراجح ؛ وذلك عليه أحكام الشريعة كلها ، يعني القاضي هلق لمَّا بيحكم لفلان على فلان كذا ، أو بيحكم بقطع رأس فلان سواء هو عنده يقين في هذه القضية ولَّا ما عنده ظن راجح ... فالظَّنُّ الراجح تقوم عليه أحكام الشريعة ، أما الظَّنُّ المرجوح فلا يجوز إطلاقًا الأخذ به ، ففرق إذًا بين الظَّنِّ المرجوح وبين الظَّنِّ الراجح ، والظَّنُّ الراجح ينقسم إلى يقين وإلى ظنٍّ راجح .

عيد عباسي : اليقين الآن يظنُّون أن هناك ... .

الشيخ : كثيرًا ، نعم .

فالشاهد - يا إخواننا - أنَّ هذا التفصيل وربط أحكام تختلف باختلاف نسبة ثبوت الحديث عند الإنسان هذا لا يُمكن أن يقبلَه إنسان يعرف تطوُّر هذه الأمور مع تطوُّر العصور .

أنا أقول - مثلًا - لجماعة حزب التحرير الإسلامي الذين رفعوا راية قولهم بعدم جواز الأخذ بالحديث الصحيح بالعقائد ، فهم يقولون - مثلًا - : لا نؤمن بعذاب القبر ؛ لأنُّو الحديث في ذلك ظنِّيٌّ ؛ يعني آحاد ، وطرِّدْ ما شئتَ من العقائد المعروفة ، وأنا لي رسالة قريبًا تصدر .

ما خلصت ما هيك ؟

عيد عباسي : إن شاء الله الأسبوع القادم تكون ... .

الشيخ : رسالة عنوانها من جملة هذه المسائل " وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرَّدِّ على المخالفين " ، ذكرتُ نحو عشرين وجهًا في الرَّدِّ على هؤلاء ، وختمت هذه الرسالة بنماذج من العقائد التي ثبتَتْ بالأحاديث الصحيحة التي لم تبلُغْ مبلغ التواتر ، مع ذلك فهي عند جماهير المسلمين عقائد إسلامية ، الذين تمسَّكوا بذيل هذا الاعتقاد الخاطئ وهو أنَّ حديث الآحاد لا يجوز الأخذ به في العقيدة يلزمهم أن يُبطلوا عقائد إسلامية ، في أوائل هذه العقائد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو سيِّد الأنبياء ؛ في نصّ في القرآن في هذه الدعوة ؟ تعلمون آية صريحة في محمَّد بن عبد الله هو سيِّد الأنبياء ؟

السائل : لا .

الشيخ : كل ما في الأمر في عدة أحاديث في ذلك ، لكن هذه الأحاديث لم تبلُغْ درجة تواتر عشرين طريق ، ثلاثين طريق مع ثلاثين صحابي ؛ لا ، مع ذلك فالمسلمين - والحمد لله - يعتقدون أن محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - هو سيد الأنبياء ، من أين جاءت هذه العقيدة ؟ جاءت من أحاديث الآحاد ، وهو - مثلًا - العشرة المبشرين بالجنة في أحد من عامة المسلمين ما يعرفهم ؟ طبعًا لا أحد ، كلهم يعرفونهم ، في آية بأنُّو العشرة المبشَّرين بالجنة أبو بكر وعمر وعثمان و و إلى آخره ؟ ما في آية ، طيب ؛ في حديث متواتر ؟ ما في حديث متواتر ، لَكان ؟ في حديثين ثلاثة بيكفي ، فاعتقَدَ المسلمون أنُّو هدول العشرة المبشرين بالجنة ، وهكذا ذكرنا عشرين مدري ثلاثين .

السائل : ثلاثين .

الشيخ : ثلاثين عقيدة كلها عقائد إسلامية وليس عليها أحاديث متواترة ، فلو نحن تشبَّثنا بهذه العقيدة المنحرفة ؛ وهو أنه لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة نسَفْنا عشرات إن لم نقل مئات العقائد الإسلامية الصحيحة .

فأقول بمناسبة الرَّدِّ على هؤلاء : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث الرُّسل المبشِّرين بالإسلام كمعاذ وعلي وغيرهم إلى البلاد .

...

الشيخ : هذا الحكم تعرَّض له ابن قيم الجوزية في كتابه " زاد المعاد " ، فهو كعادته إنما يذكر القصَّة يعقد فصولًا في استنباط الأحكام الشرعية مما في القصة ، فمن جملتها عقد فصلًا لبيان هل يجوز قتل الجاسوس الذي تجسَّس على الدولة المسلمة أم لا ؟ فحكى القولين ، ورجَّح قول مَن يقول بقتل الجاسوس في هذا الحديث ؛ قال : لأنُّو الرسول - عليه السلام - إنما مَنَعَ عمر من قتله ليس بعلة الإسلام ، وإنما بعلة كونه من أهل بدر .

السائل : نعم ، بدريًّا .

الشيخ : في هذا إشارة إلى أنُّو الإسلام وحده غير كافي لعصمة دم هذا الجاسوس ، وإنما لأنه كان من أهل بدر عَصَمَه ذلك من القصاص .

السائل : خاصة - أستاذ - معناها ؟

الشيخ : خاصة ، نعم .

السائل : هذا للآن ... .

الشيخ : إي نعم .

سائل آخر : وليس هناك حديث آخر ؟

الشيخ : لا .

عيد عباسي : إي ، هذا حد أو ؟

السائل : حد .

الشيخ : حد .

سائل آخر : حد .

عيد عباسي : تُضاف للحدود .

الشيخ : حتى هذا الحديث بالذات كان من جملة مشاكل الطائفة التي ذكرناها في الأردن ، وكانت انحرفت عن سائر .

عيد عباسي : وكفَّروا المسلمين .

الشيخ : وكفَّروا المسلمين ، ففي تضاعيف كلامي وإقامتي الحجَّة عليهم ذكرت هذه القصَّة للرجل ؛ لأني شعرتُ بأن هؤلاء يعني وقعوا في الخروج مع الخوارج ، أي : بمجرَّد ما يرتكب الإنسان خطأ يكفر .

السائل : يكفر .

الشيخ : إي نافق يعني كفر .

السائل : إي نعم .

الشيخ : فقلت له : إيش رأيك في قصة حاطب بن أبي بلتعة ؟ قال : اذكر لنا إياها . هذا من تؤدته - أيضًا - في البحث ، فذكرت له ما يحضرني منها خاصَّة فيما نحن في صدده يومئذٍ ، قال : طيب . قال عمر : دعني أقتل هذا المنافق والرسول أقرَّه ، هنا فصَّلت له ما فصَّلت أمس في حلب ، النفاق قسمان - أيضًا - مثل الكفر والظلم والفسق ؛ كفر عملي كفر اعتقادي ، نفاق عملي نفاق اعتقادي ، فسق عملي فسق اعتقادي ، ظلم عملي ظلم اعتقادي ، فقلت له : قول عمر : دعني أقتل هذا المنافق لا يعني أنه مرتد عن دينه ، وإلا لو كان يعني هذا لَكان أصبح كافرًا مرتدًّا عن دينه .

عيد عباسي : قتله .

الشيخ : إي ، بينما الرسول - عليه السلام - لم يعامله هذه المعاملة ، بل قال : ( وما يدريك ؟ ) ، إلى آخر الحديث .

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : شو هالكلام هذا ؟

الشيخ : شو بيعرفك أنُّو هذا إنسان يستحقُّ أن يُعامل غير معاملة الجاسوس الذي يتجسَّس ، هذا فعلًا تجسَّس ، لكن هذا له وضع عند الله ومنزلة سبق إليها بفضل كونه كان من أهل بدر ، ( وما يدريك لعل الله اطَّلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم ؛ فإني قد غفرت لكم ) . فقلت له : هذا الرجل لو كان قول عمر منافق بمعنى كافر كان الرسول - عليه السلام - ما عامَلَه بذاك الجواب .

رجعت سألته السؤال الفاصل في الموضوع فاسمعوا الجواب وتعجَّبوا ، قلت : يعني كيف بقى أنت تتصوَّر الموضوع أنُّو رجل كفر بهذا التجسُّس ومع ذلك ، لا ، سألته هل تعتقد ... .

...

الشيخ : ... أنه صحابي ؟ [ الجميع يضحك ! ] .

...

سائل آخر : ... الشَّيخ - رضي الله عنه - !

الشيخ : أبدًا هي بذاتها ، تعرفوها هَيْ كمان قضية الشَّيخ - رضي الله عنه - ؟ من بادية الشام أحد المشايخ يدرِّس " الفتوحات المكية " ، وبتعرفوا أكثركم ما في " الفتوحات المكية " مما يسمُّونه بالشطحات ، نسمِّيه نحن بالكفريات ، وهذا الشَّيخ بيظهر عنده باب التأويل واسع وشاطر في اللغة والمجاز والحقيقة وما أدري إيش ، فكان كل ما يجي قدَّام طامَّة يؤوِّل له إياها ؛ أنُّو هَيْ معناها مو هيك ، لا هيك ، لا هيك لا هيك لَوصل لعند واحدة أعيا الشَّيخ تأويلها ، فكَّر فكَّر قال له : ... تأويل ما كان ، قام كتب على الهامش : كفر الشَّيخ - رضي الله عنه - [ الجميع يضحك ! ] .

...

الشيخ : الشاهد : بقى هذا الرجل مسكين هذا ... في ضلال ، قال : هذا حاطب بن أبي بلتعة كفر لولا أنه صحابي ، قلنا له : سبحان الله ! يا رجل ، أين تذهب بقوله - تبارك وتعالى - : (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) ؟ فإذًا ربنا - عز وجل - ما بيغفر الشرك ، وربنا ما عنده محاباة ؛ هذا صحابي يغفر له الشرك ، هداك ما هو صحابي ما بيغفر له إياها .

السائل : مع أنه يقول للرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )) .

الشيخ : فعلًا ذكرت له هذه الآية وغيرها قام سكت ، قلت له : طيب ؛ بدي أسألك سؤال ؛ لو أنُّو هذا الصحابي اعتقد بأن محمَّدًا - عليه الصلاة والسلام - هو جزء من ربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - مثل ما هو مضمون قول من يقولون أنُّو قبض قبضة من نوره .

السائل : هذه موجودة هذه .

الشيخ : فقال لها : كوني محمَّدًا فكانت ؛ يعني محمد جزء من ربِّ العالمين ، شو رأيك يا أستاذ إذا صحابي مثل هذا حاطب قال أنُّو محمد - عليه الصلاة والسلام - جزء من رب العالمين هذا كفر ولَّا ليس بكفر ؟ قال : كفر . قلت : يُغفر له ؟ قال : لا . قلت : ليش ما تفرِّق بين هذا وبين ذاك ؟ فكان هذا من جملة الأشياء اللي كشفت له طريق الهدى .

السائل : الحق .

الشيخ : إي نعم .

سائل آخر : شيخنا .

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : في بعض ... بيقولوا أنه ... شو معناها ؟

الشيخ : والله هذا شيء .

سائل آخر : هذا هو الحكي الآن .

الشيخ : هذا شيء عريق .

سائل آخر : كفر .

الشيخ : إي نعم ، عريق في الضلالة .

مواضيع متعلقة