بيان إهمال بعض الخَلَف لكثير من السنة بسبب أصول تبنَّوها من علم الكلام ، وكيف أدَّى بهم ذلك إلى البعد الكبير عن السنة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان إهمال بعض الخَلَف لكثير من السنة بسبب أصول تبنَّوها من علم الكلام ، وكيف أدَّى بهم ذلك إلى البعد الكبير عن السنة .
A-
A=
A+
الشيخ : ثم خَلَف من بعدهم خلفٌ أضاعوا السنة النبوية وأهمَلُوها بسبب أصول تبنَّاها بعض علماء الكلام ، وقواعد زَعَمَها بعض علماء الأصول والفقهاء المقلدين ، كان من نتائجها الإجمال المذكور الذي أدَّى بدوره إلى الشَّكِّ في قسم كبير منها ، وردِّ قسم آخر منها لمخالفتها لتلك الأصول والقواعد ، فتبدَّلت الآية عند هؤلاء ، فبدل أن يرجعوا بها إلى السنة ويتحاكموا إليها ؛ فقد قلبوا الأمر ورجعوا بالسنة إلى قواعدهم وأصولهم ، فما كان منها موافقًا لها قَبِلُوها وإلا رفضوها ؛ وبذلك انقطعت الصلة التامة بين المسلم وبين النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وخاصَّة عند المتأخرين منهم ، فعادوا جاهلين بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وسيرته وعبادته وصيامه وقيامه وحجِّه وأحكامه وفتاواه ؛ فإذا سُئِلوا عن شيء من ذلك أجابوك إما بحديث ضعيف لا أصل ، أو بما في المذهب الفلاني ، فإذا اتَّفق أنه مُخالف للحديث الصريح وذُكِّروا به لا يذكرون ، ولا يقبلون الرجوع إليه لشبهات لا مجال لذكرها الآن ، وكلُّ ذلك سببه تلك الأصول والقواعد المُشار إليها ، وسيأتي قريبًا ذكرُ بعضها - إن شاء الله تعالى - .

ولقد عمَّ هذا الوباء وطمَّ كل البلاد الإسلامية والمجلات العلمية والكتب الدينية إلا نادرًا ؛ فلا تجد مَن يفتي فيها على الكتاب والسنة إلا أفرادًا قليلين غرباء ، بل جماهيرهم يعتمدون فيها على مذهب من المذاهب الأربعة ، وقد يتعدَّونها إلى غيرها إذا وجدوا في ذلك مصلحة زعموا ، وأما السنة فقد أصبحت عندهم نسيًا منسيًّا إلا إذا اقتضت المصلحة - أيضًا - كما فعلَ بعضهم بالنسبة لحديث ابن عباس في الطلاق بلفظ ثلاث ، وأنه كان في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يُعتبر طلقة واحدة ، فقد أنزلوها منزلة بعض المذاهب المرجوحة ، وكانوا من قبل أن يتبنَّوه ، من قبل ، وكانوا قبل أن يتبنَّوه يحاربونه ويحاربون الداعون إليه .

مواضيع متعلقة