باب : - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
باب :
A-
A=
A+
الشيخ : وكأنه - عليه الصلاة والسلام - بهذا التفصيل يجيب عن سؤال مقدر وهو كأن قائلًا يقول إذا كان في كل يوم على كلِّ مفصل صدقة ؛ أي : على الإنسان أن يتصدَّق في كل يوم صدقة ، وكان كما ذكر - عليه الصلاة والسلام - مجموع المفاصل ثلاث مئة وستين صدقة ثلاث مئة وستين مفصل فمعنى هذا أن على الإنسان في كل يوم ثلاث مئة وستين صدقة . فمن الذي يستطيع أن يتصدَّق في كل يوم بثلاث مئة وستين صدقة ؟ فكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أراد أن يقرِّب الأمر على الناس وألَّا يستصعبوه ، وألَّا يقولوا إنه ما أحد بيقدر بيتصدَّق في كل يوم ثلاث مئة وستين صدقة ؛ ولذلك شرع - عليه الصلاة والسلام - يذكر أنواعًا من الصدقات على سبيل التمثيل لا على سبيل التحديد . فيقول مثلًا - عليه الصلاة والسلام - في هذا الحديث : ( كلُّ كلمةٍ طيِّبةٍ صدقةٌ ) ؛ إذًا الإنسان إذا تكلم مع هذا ومع هذا ومع ذاك في أثناء النهار والليل كلمة طيبة سجلت الكلمة الواحدة صدقة يعني مثلًا بسيطة وهذا مما يحضنا على العناية بأنفسنا وبغيرنا أنا إذا رأيت بنتي أو ابني اخطأ فأكل بالشمال فقلت له يا ابني أو يا ابنتي كلي باليمين هذه مو كلمة طيبة كلي باليمين لفظتين ما فيها ثقل ما فيها نفس طويل إذن مجرد ما قلت أنا لأي إنسان كان لكن ضربت مثلًا بابني أو ابنتي كل بيمينك فهي صدقة تسجَّلت . فتصوَّروا بقى معي كم وكم من الصدقات يستطيع المسلم أن يجمع في اليوم الواحد فقط بالكلام الطيب هذا بغض النظر بقى عن الأمور الأخرى التي سيذكرها أيضًا - عليه الصلاة والسلام - في الحديث على سبيل التمثيل لا التحديد . فهو إذًا يقول - عليه الصلاة والسلام - ( كلُّ كلمةٍ طيِّبةٍ صدقةٌ ، وعونُ الرَّجلِ أخاه صدقةٌ ) فهذا الحديث يأتي بمثال ثاني يقول عون الرجل أخاه صدقة جاء في بعض الأحاديث المشار إليها الصحيحة أن الرسول - عليه السلام - قال : ( وحملُكَ المتاعَ على دابَّةِ أخيكَ صدقةٌ ) ؛ يعني - مثلًا - إنسان بده يحمل على دابته حمل ما بيستطيع هو يرفعه لوحده فبيمر إنسان ويرى حاجته إلى من يعاونه فيساعده حتى يضع الحمل على الدابة سجلت فورا صدقة لكن هون الحديث جاء بلفظ أعم عونك أخاك بأي شيء أعنته فهو لك منك عليه صدقة هذا مثال ثاني . المثال الأول كل كلمة طيبة صدقة وعلى هذا الوزان كل إعانة منك لأخيك صدقة مهما كانت هذه الإعانة ولو إنك مشيت مشوار معه لتدله على محل يسأل عنه . ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( والشربة من الماء يسقيها ) أي : الرجل ( صدقة ) خاصَّة لما بيكون المسقى عطشانا فبتيجي أنت بتغيثه وبترويه كتبت لك صدقة والحديث هنا يقول ( والشربة ) يعني مطلقًا أي إنسان طلب منك شيء من الماء وسقيته كتب لك صدقة هذه الشربة لكن بلا شك الصدقات تتفاوت عند الله - تبارك وتعالى - بنسبة فائدتها وتأثيرها في المسقى فإنسان - مثلًا - ما هو عطشان كثير ، لكن يشرب بحاجة إلى الماء فسقاه الرجل كتبت له صدقة ، لكن إنسان ثاني عطشان كتبت له صدقة لكن هذه الصدقة أقوى وأكثر أجرًا عند الله - تبارك وتعالى - .

وأخيرًا مثال ثالث والأمثلة تتعدد إنسان راح يموت من العطش لو لم يباشر أخوه المسلم بإسقائه لمات عطشا فإذن هو أحياه بهذه الشربة التي أشربه إياها لا شك هذه صدقة أقوى من الأولى وأقوى من الثانية وما بين هذه الأنواع الثلاثة بلا شك مراتب من حيث فائدة الشربة من الماء . ثم قال في هذا الحديث ( وإماطة الأذى عن الطَّريق صدقة ) ، إماطة الأذى أي إزالة الأذى وهو كل ما يؤذي الناس في الطريق صدقة حجرة خشبة مثلًا فيها مسمار بتمر السيارة بتدوس على المسمار بتبنشر وبيتعطل صاحبها ويتعذب فيها ما شاء الله فإذا جاء الرجل بطريقه عمل لها برجله هيك لجابها لناحية الرصيف أو قشرة الموزة كمان أزاحها من الطريق إلى الرصيف أو حجرة قد تجرح إنسان ونحو ذلك من المؤذيات في الطريق بيزيلها كل ذلك يكتب على الإنسان صدقة . وقد جاء في بعض الأحاديث الأخرى المشار إليها آنفًا أنواع أخرى من الأمثلة ولذلك قلنا إنه هذه الأمثلة التي جاءت في هذا الحديث ليس على سبيل التحديد والحصر وإنما على سبيل التمثيل وإلا فهي أكثر . لذلك أنه - عليه السلام - قال في تلك الأحاديث : ( وإصلاحٌ بينَ اثنين صدقة ) ، اثنين مختلفين مع بعضهم البعض أي نوع من الاختلاف جيت أنت تدخلت بينهما ووفقت بينهما وأصلحت فكتب لك هذا التدخل في الإصلاح صدقة . وقال - أيضًا - في تلك الأحاديث ( وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، وفي كل تسبيحة صدقة ، وفي كل تكبيرة صدقة ، وفي كل تحميدة صدقة ) إلى آخره . ثم جوابًا على ذلك السؤال المقدر الذي حكيته آنفًا إنه لما ذكر الرسول هذه الأمثلة كأنه كان جوابًا لسائل يقول ثلاثة وستين صدقة .

السائلة : ثلاث مئة وستين .

الشيخ : ثلاث مئة وستين صدقة من الذي يستطيع أن يقوم بهذه المجموعة بهذه المئات من الصدقة في كل يوم وليلة فجاء بهذه الأمثلة تهوينًا وتسهيل الأمر ، لكنه جاء بجملة أخيرًا سهل الأمر بالكلية فقال - عليه السلام - : ( ويجزئ عن ذلك كلِّه ركعتا الضحى ) ؛ يعني إذا صلى الإنسان المسلم ركعتي الضحى في كل يوم كأنه تصدق بثلاث مئة وستين صدقة أي هذه المفاصل التي امتَنَّ الله - عز وجل - بها على هذا الإنسان فهو عليه أن يشكر الله - عز وجل - على هذه النعمة التي لا يمكن أن يقوم الإنسان بواجب شكرها ، فإذا صلى ركعتي الضحى كأنه تصدق بثلاث مئة وستين صدقة .

السائلة : يعني ركعتي الضحى مثلًا ... .

مواضيع متعلقة