باب : - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
باب :
A-
A=
A+
الشيخ : قال المؤلف - رحمه الله - : " باب اللعان " . ثم روى بإسناده الصحيح . عن أبي الدرداء قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ يَومَ القيامةِ شهداءَ ولا شفعاءَ ) .

في هذا الحديث الصحيح بيان أن الذين يكثرون اللعن اللعانين هم الذين يُكثرون اللعن ، هم الذين جعلوا لعن الناس وغير الناس كالبهائم والجمادات ونحو ذلك فهم يُحظرون يوم القيامة أن يكونوا شهداء على الناس بما عملوا وأن يكونوا شفعاء - أيضًا - لأحبابهم ولأصدقائهم .في هذا الحديث إشارة إلى فوائد كثيرة ، أوَّلًا أن صيغة : " اللَّعَّانين " صيغة مبالغة ، ففي ذلك إشارة إلى أن الإنسان أحيانا قد يلعن شيئًا غير مستحق للعنه وقد يكون من الصديقين والشهداء ، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفى في هذا الحديث عن اللَّعَّانين وهم الذين يبالغون ويكثرون من اللعن أن يكونوا شهداء وشفعاء ، فمفهوم هذه الصفة أنه لا ينافي أن يكون المسلم مسلمًا مؤمنًا كامل الإيمان صدِّيقًا وشهيدًا لا ينافي ذلك أن يقع منه بعض الهفوات من اللعن أحيانا ، فالمبالغة في اللعن هي التي ذكر الرسول - عليه السلام - أن الذين يتصفون بهذه المبالغة لا يليق بهم أن يكونوا شهداء ولا شفعاء يوم القيامة .ومن تلك الفوائد : إثبات الشفاعة في هذا الحديث لغير الرسل والأنبياء ، وهذا طبعًا منقبة يشارك فيها هؤلاء المؤمنون السابقون الذين من صفاتهم أنهم لا يكثرون اللعن ويشاركون الأنبياء في الشفاعة للناس يوم القيامة ، وهذه منقبة عظيمة كما هو واضح ظاهر . ومن ذلك - أيضًا - أننا إذا لاحظنا صيغة المفاعلة المبالغة " اللَّعَّانين " كذلك قلنا إنه لا ينافي أن يصدر من أحدهم اللعن أحيانًا بغير حقٍّ ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أطهر الناس قد كان يصدر منه أحيانًا شيء من ذلك ، ولكن الله - تبارك وتعالى - لكي يُجبل ويتم عليه نعمته وأجره وثوابه قد ألهمه أن يدعو ربه ويقول : ( اللهم أيما رجلٍ استغَبْتُه أو لَعَنْتُه وهو غير أهلٍ لذلك فاجعَلْ ذلك رحمةً له وأجرًا ) هذا فيه إشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد تغلب عليه صفة البشرية أحيانًا ، فيصدر منه ما لا يليق بمقام النبوة والرسالة ، ولذلك دعا ربه - عز وجل - أن يجعل ما قد يصدر منه من وضعه اللعنة في غير محلِّها خطًا أو غضبًا أن يقلب ذلك إلى على من توجَّه منه إليه اللعنة رحمة له وزكاة ، فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - رفع له شيء من ذلك قد يكون الذين مرتبتهم دون شك دون مرتبة النبوَّة والرسالة أحق أن يقع منهم شيء من ذلك ، ولكن لا يجوز بهم أن يكقروا من ذلك ، فلأمر ما جاءت الصيغة بالمبالغة : ( إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ يَومَ القيامةِ شهداءَ ولا شفعاءَ ) .

مواضيع متعلقة