باب : - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
باب :
A-
A=
A+
الشيخ : من هذا الباب ما أتبعه المصنف بالباب الحادي عشر بعد المئة وهو قوله : " باب من لم يجد المكافأة فليدع له " هذا الباب هو معنى فقرة من فقرات حديث ابن عمر السابق ، لكن تحت هذا الباب يأتيها المصنف - رحمه الله - بحديث آخر يرويه بإسناده الصحيح عن أنس وهو أبو مالك : " أن المهاجرين قالوا : يا رسول الله ، ذهب الأنصار بالأجر كله . قال : ( لا ، ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم به ) هذا حديث طريف يبيِّن أن كل مجتمع لا بد من أن يكون فيه أغنياء وفقراء ، لا بد من أن يكون فيه مَن يُحسِنْ ومَن يُحسَنْ إليه ، وهذا ما وقع في الصحابة . بعض الصلوات " فبلغ ذلك الفقراء ، فعاد رسولهم إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - . قالوا : يا رسول الله ، بلغ الأغنياء ما ذكرت لنا أو ما قلت لنا ، ففعلوا مثل ما فعلنا . فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ، فالغرض من هذا وهذا ليس المقصود هو ما يزينه دعاة الاشتراكية للناس اليوم من التسوية التامة بين الناس هذا أمر مستحيل ( نحن قَسَمْنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ) ، ولكن المسلم الفقير الذي يجد حسرةً في نفسه ألا يجد ما يتصدَّق به يجد من الوسائل ومن التشريعات الكثيرة التي شرعها الرسول - عليه السلام - ما لو قام بها لَاستغنى غناء أكثر من غناه من كثير من الأغنياء الذين يكسبون الأجور بالأموال ، فهذا الحديث بين الرسول - عليه السلام - أن هذه التسبيحات والتحميدات والتكبيرات ( لو فعلتم ذلك سبقتم من قبلكم ، ولن يُدرِكَكم إلا مَن فعل مثل فعلهم ) وفي حديث آخر أنه قال لهم - عليه السلام - : ( إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وبكل تحميدة صدقة ، وبكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ) إلى آخر الحديث ، فإذًا الذي لا يجد قروشًا يتصدَّق بها يجد مجالًا لأن يذكر الله ويسبحه ويكبره ، فيكسب بذلك ما شاء الله من الصدقات ، في الوقت الذي نجد أكثر الأغنياء قد تفرَّغوا بكليتهم لجمع المال ؛ ولذلك تجد منهم الأقل من القليل من يتفرَّغ للطاعة خاصة الإكثار من النوافل ، لأنهم لا يجدون هذا الوقت الذي صرفوه في سبيل جمع المادة فاصرفها أنت أيها الفقير في سبيل ذكر الله - عز وجل - وتسبيحه وتكبيره وتحميده فتكسب بذلك من الصدقات ما يعجز عن مثلها أولئك الأغنياء .الشاهد في هذه الأحاديث : أن الرسول - عليه السلام - يؤدب طائفتين من الناس الأغنياء والفقراء ، الأغنياء القادرين على إغاثة المستغيثين وإعاذة المستعيذين وإعطاء السَّائلين فيأمرهم بأن يعيذوا من استعاذ بهم وأن يعطوا من سألهم هذا هو القسم الأول من المجتمع أغنياء .ثم يربي - عليه الصلاة والسلام - القسم الثاني من المجتمع ألا وهم الفقراء ، لأنهم إن استطاعوا مقابلة المكافأة بمثلها فبه ، إن لم يستطيعوا فليثنوا خيرًا على الذي أحسن إليهم وليكثروا لهم من الدعاء حتى يعلموا أنهم قد كافؤوه ، وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة