ما هو معنى حديث ( إنما الأعمال بالنيات ). والتنبيه على أخطاء بعض من يستدل به في غير موضعه ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هو معنى حديث ( إنما الأعمال بالنيات ). والتنبيه على أخطاء بعض من يستدل به في غير موضعه ؟
A-
A=
A+
الشيخ : حديث : ( إنَّما الأعمال بالنيات ) . السؤال : شرح الحديث مع بيان كيفية اقتران النية بالعمل ، ونلاحظ أن كثيرًا من المسلمين اليوم يشوِّهون معنى الحديث من جانب يمكن نياتهم الطيبة وأعمالهم التي تنافي الشرع مصرِّحين : ( إنما الأعمال بالنيات ) ؛ فما الجواب ؟

كأنه السَّائل يريد أن يسأل عن قضية فعلًا يخطئ فيها كثير من المسلمين وذلك حينما يأتي أحدهم بعمل غير مشروع فإذا نُبِّئ ونُبِّه عن عمله هذا وأنه غير مشروع بادر بقوله : يا أخي ، ( إنما الأعمال بالنيات ) ، أنا نيتي طيبة ، فهذا الاستدلال بالحديث في هذا المقام خطأ ولنضرب على هذا مثلًا واضحًا : رجل - مثلًا - يصلي في وقت الكراهة ، فبتنبه بتقول له : يا أخي ، هلا الصلاة منهي عنها . بيقول لك : أنا نيتي طيبة ، ما ني قاصد لا الصلاة سجود الشمس ولا لأيِّ شيء آخر . مثال ثاني : إنسان يصلي يأتي إلى قبر ، ويصلي عنده باسم التبَرُّك بنبي أو ولي أو نحو ذلك ، فيقال له : يا أخي ، ما بيجوز الصلاة عند القبر . بيقول لك : أنا نيتي طيبة ، أنا مو نيتي إني أعبد صاحب القبر ، أنا أصلي لله - تعالى - . ومثلًا ثالثًا وأخيرًا : إنسان بيتشبَّه بالكفار بيضع القبعة على رأسه ، فينكر عليه ذلك هذا التشبه بالكفار ، بيقول لك : يا أخي ، ( إنما الأعمال بالنيات ) ، أنا ماني قاصد التشبه بالكفار ، لكن شو قاصد ؟ بيقول لك - مثلًا - : منشان ضربة الشمس أو الشمس بتضرني أو ما نحو ذلك من التعليلات ، وقد يحتج بعضهم لبالغ جهله بحديث يحرِّفه بسبب جهله بالحديث فيحتج ويقول العبرة بما في القلب والله - عز وجل - يقول والرسول - عليه السلام - يقول : ( إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أجسادكم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ) ، فيحتج بكلمة القلب وبيقول : وأنا قلبي طيب إذا شفته لابس برنيطة مو معناه إنه أنا بحب الكفار لا إذا شفتني إنه أنا عم أصلي عند القبر مو معناته إنه أنا أعظم صاحب القبر إذا إذا إلى آخره . والرد على هذا بالنسبة للحديث الآخر وبالنسبة للحديث المسؤول عنه وهو : ( إنما الأعمال بالنيات ) ما يأتي الحديث : ( إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم ) له تتمة إذا استحضرنا هذه التتمة بيّنا خطأ المستدل بالحديث فالتتمة ولكن ينظر إلى قلوبكم عطف على ذلك وقال : ( وأعمالكم ) ليس ينظر فقط إلى القلوب بل وإلى الأعمال ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أجسادكم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) .

فإذًا الأعمال يجب أن تكون طاهرة كالقلوب فلا يشفع لتصليح هذه الأعمال الفاسدة صلاح القلب فلابد من صلاح الأمرين القلب والعمل ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث المشهور : ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) نرجع إلى الحديث : ( إنَّما الأعمال بالنيات ) ، فمعنى الحديث : إنما الأعمال الصالحة بالنيات الصالحة هذا معنى الحديث ليس معنى إنما الأعمال يعني أي عمل كان ولو كان فاسدا ولو كان منهيا عنه فإذا كان هذا العمل منهيا عنه وكانت النية الصالحة انقلب العمل السَّيِّئ إلى عمل صالح لا وإنما الحقيقة أن هذا الحديث هو كالتفسير أو كالتأييد لقول الله - تبارك وتعالى - : (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) . قال علماء التفسير في هذه الآية دليل أن العمل لا يقبل إلا إذا توفر فيه شرطان الأول بيكون صالحًا والصالح لا يكون إلا موافقا للسنة كما ذكرنا مرارًا وتكرارًا .

والآخر : أن يكون خالصًا لوجه الله فالعمل المقبول يتوفَّر فيه شرطان الشرط الأول يكون موافقًا للسنة ، والشرط الثاني أن يكون خالصًا لوجه الله - تبارك وتعالى - هذا الحديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) هو دعم لهذه الآية ، ومعناه باختصار : إنما الأعمال الصالحة للنيات الصالحة فإذا اختلَّ أحد الشرطين لم يكن عملًا صالحًا إنما الأعمال الصالحة بالنيات الصالحة ، فإذا كانت النية غير صالحة فسد العمل وبالعكس ؛ إذا كانت النية صالحة لكن العمل ليس صالحًا - أي : ليس موافقًا للكتاب والسنة - ؛ فليس مقبولًا عند الله - تبارك وتعالى - . فلا يجوز إذًا الاحتجاج بقوله - عليه السلام - إنما الأعمال الصالحة في سبيل إصلاح العمل الفاسد بدعوى إنه النية صالحة ، فالعمل الفاسد لا يصبح أبدًا صالحًا لمجرَّد أن النية صالحة ، فلا بد من صلاح النية وصلاح العمل ، وهذا هو المقصود لحديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، والدليل على ذلك كمان بالحديث : ( فَمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) ، الهجرة المقصود هنا السفر إلى الرسول للجهاد في سبيل الله كأنه يقول فمن كان جهاده في سبيل الله فهو كذلك فالجهاد عمل صالح لذلك قال : ( فَمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ) هي فساد النية ، ( فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . فإذًا الحديث دَلَّ على ضرورة توفر الشرطين العمل الصالح كالهجرة في سبيل الله والنية الصالحة التي هي الإخلاص لله ، فلا يقصد دنيا بهجرته ولا بعلمه ولا بقراءته ولا بأيِّ شيء ، إنما يبتغي وراء ذلك رضا الله - تبارك وتعالى - ، فإذًا : ( إنما الأعمال بالنيات ) ؛ أي : إنما الأعمال الصالحة تكون مقبولة عند الله بالنيات الصالحة . وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة