ما رأيكم في من جعل مسألة الحكم والحكام أهم مسألة في الدين والعقيدة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيكم في من جعل مسألة الحكم والحكام أهم مسألة في الدين والعقيدة ؟
A-
A=
A+
الطالب : شيخنا ، ما رأيكم في مَن جعل مسألة الحكم والحكام أهم مسألة في الدين والعقيدة ؟

الشيخ : هذا في الحقيقة يذكرني بقول من قال :

" فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا *** فكل إناء بما فيه ينضح "

هذا هو الفرق بين أهل السنة حقًّا وبين بعض الدعاة في العصر الحاضر ، لقد شغلوا أنفسهم بالحكام ونسوا المحكومين ، فهم يرون الشرك يعمل عمله في عُقر دورهم وبين أتباعهم وأنصارهم ثم لا يدندنون حول ذلك ببيان الحكم الشرعي وأعني بذلك : التوحيد بأنواعه الثلاثة خاصة توحيد العبادة أو الألوهية أو توحيد الأسماء والصفات ، فهذا حكم يجهله عامة المسلمين ، ومن آثارها الشركيات الضاربة أطنابها بين جماهير المسلمين منها العمل ومنها القول ، فما أكثر ما تسمع بين الناس حتى الصالحين والمتعلمين لا يطوفون بين القبور ولا ينذرون لغير الله ولا يذبحون بيحلف برأس أبوه بيحلف بابنه إلى آخره ، والناس الذين يحاربون الحكام وبكفروهم صم بكم عُمي فهم لا يفقهون ، كأن ما عاد يهمهم من المسلمين إلا الحكام وهم غير واصلين إلى إرشادهم ولا إلى هدايتهم ، بينما الذين يرجى أن يهتدوا إلى الحق لأن ما في عندهم هالعناد والاستكبار وهم جمهور المسلمين هم لا يعنون بتثقيفهم وبهدايتهم ، لذلك نحن نعتقد أن اهتمام هؤلاء الشباب بما أطلق اليوم بالحاكمية لله - عز وجل - فهذه كلمة حق لكن يراد بها باطل ، يراد بها فقط حصر التوحيد بمحاربة هؤلاء الحكام وهدر التوحيد الذي ينفع جميع الأنام فهم لا يهتمون به ، هذا أقل ما يقال لا يهتمون به عمليًا ، وقد لا يهتمون به فكريًا أيضًا ، وهذا نشاهده بين هؤلاء المدعين .وأنا بمثل هذه المناسبة أذكر ما وقع لي في دمشق ذات يوم صلينا في مسجد فخطب شابٌ متحمس جدًّا من هالجماعة ، وكانت خطبته كلها : الحاكمية لله ، فبعد ما انتهى من الصلاة تقدمت إليه ولفت نظره إلى مخالفته للسنة في بعض ما فعل ، فأجابني على الفور أنا حنفي ، قلت : والخطبة التي خطبتها الحاكمية لله وينها بس بالنسبة للحكام ؟ !هذا واقع هؤلاء الجماعة ، لذلك فهم ابتدعوا هذه التسمية وإن كنا نحن لا ننكر أن الحكم لله - عز وجل - ، وقد سُئلت قريبًا من نحو أسبوع من أحد إخواننا في الكويت يقول : بأن فلانًا ألّف رسالة بأن الحاكمية لله ، فما رأيك فيها ؟قلت : والله أنا ما اطلعت عليها لكني أقول كلمة جامعة : إن كان الرجل لا يريد من هذا الإطلاق ومن رسالته أكثر مما هو معروف عند المسلمين أن الحكم لله فقط فنحن لا نخالفه في هذا ، أما إن كان يريد بُعدًا أكثر من ذلك فهنا ينشأ الخلاف بيننا وبينه . فالشاهد أن واقعهم يدل على أنهم لا يعنون فقط هداية الناس كافة إلى أن يحكموا شريعة الإسلام سواء كانوا حكامًا أو كانوا محكومين . وأنا أقول بهذه المناسبة : الحكام قسمان وهم يعنون بقسم واحد وهو الأقل ، المفروض أن العالم الإسلامي كله يكون حاكمه هو الخليفة ، واحد ، في الواقع اليوم مع الأسف أن المسلمين انقسموا إلى دول عشرين أو ثلاثين أو أكثر من ذلك ، فنحن عندنا ثلاثين حاكمًا فنحن ندندن حول هؤلاء الثلاثين فقط : (( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ )) ، لكن في عندنا حكام ، كل واحد في بيته حاكم كما قال - عليه السلام - : ( كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته ) هذا الموضوع مطوي تمامًا ، ولذلك تدخل بيوت المسلمين ولا تجد فيها حكم رب العالمين قائمًا ، من المسؤول عن الحكم في الدار هو هذا الحاكم الذي نصبوا عداءه وتكفيره بحق أو بباطل ؟ !المسؤول هو هذا الراعي راعي البيت ، لكن هو مو بهذا الوادي ، قد يلقي الخطب الطنانة الرنانة في محاربة هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ثم ينسى نفسه وذويه ، شو الآية التي بتقول : (( وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ )) !

الطالب : (( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ )) .

الشيخ : (( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )) هؤلاء هم الجهَّال بعينهم .

مواضيع متعلقة