هل الحاكم المسلم ملزم بتوفير فرص العمل والكسب للمواطنين المسلمين في حالة عدم وجود عمل آخر لديهم ؟ أم أن عليهم السعي وتدبير أرزاقهم وأمور معيشتهم بأنفسهم ؟ وإذا كان الحاكم المسلم لديه أموال كافية لتشغيل كلِّ شعبه ؛ أَلَا يأثم لو تَرَكَهم بدون فرص عمل مع يُسْر الدولة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل الحاكم المسلم ملزم بتوفير فرص العمل والكسب للمواطنين المسلمين في حالة عدم وجود عمل آخر لديهم ؟ أم أن عليهم السعي وتدبير أرزاقهم وأمور معيشتهم بأنفسهم ؟ وإذا كان الحاكم المسلم لديه أموال كافية لتشغيل كلِّ شعبه ؛ أَلَا يأثم لو تَرَكَهم بدون فرص عمل مع يُسْر الدولة ؟
A-
A=
A+
السائل : سؤال آخر : هل الحاكم المسلم ملزم بتوفير فرص العمل والكسب لمواطنيها المسلمين في حالة عدم وجود عمل آخر لديهم ؟ أم إن هؤلاء المواطنين عليهم تدبير أرزاقهم وأمور معيشتهم بأنفسهم ، وعليهم أن يسعَوا في أرض الله الواسعة ؟ ثم إذا كان الحاكم المسلم لديه أموال كافية لتشغيل كلِّ شعبه ؛ أَلَا يأثم لو تَرَكَهم بدون فرص عمل مع يُسْر الدولة ؟

الشيخ : الواقع أن الجواب عن هذا السؤال يُؤخذ من نفس السؤال ، وبيان ذلك أنه ينبغي علينا أن نتصوَّر الوظيفة الأساسية الأصيلة التي يُكلَّف بها الحاكم المسلم ، ولا يخفى على كلِّ دارس للإسلام أن الوظيفة الأساسية التي يُكلَّف بها الحاكم هو أن يحكم بين الناس بما أنزل الله من جهة ، ومن جهة أخرى أن ينشر دعوة الإسلام في سائر أقطار الدنيا ، وكل ذلك في حدود طاقاته واستطاعاته ، وليس من وظيفة الحاكم المسلم أن يُشغِلَ نفسه بما يشغل به نفسَه حكَّامُ غير المسلمين ، الحكام الغير المسلمين ليس لهم همّ ولا هدف في قيامهم على رؤوس شعوبهم سوى تأمين السعادة الدنيوية ، ومن هنا يجب أن نلاحظ الفرق بين الحاكم المسلم وغيره ، فالأصل أن الحاكم المسلم لا يتَّسع وقته للنظر في تأمين الحياة المادية لكلِّ فرد من أفراد الشعب المسلم ، فهذا مما وُكِلَ أمرُه إلى نفس أفراد المسلمين ، لكن إذا توفَّر عند الحاكم مال كثير فهذا المال ليس ماله ، وإنما هو مال الله - عز وجل - ، وعليه أن يُنفِقَه على المسلمين وأن يوسِّعَ عليهم ، ثم هؤلاء المسلمون هم الذين يتصرَّفون بهذه الأموال التصرُّفات التي تتناسب مع اختصاصاتهم وقدراتهم وميولهم .

وخلاصة القول : ليس الأصل في الحاكم المسلم أن يعمل عَمَلَ الحاكم غير المسلم ؛ أي : أن يهتمَّ بسعادة المسلمين الدنيوية ؛ ليس هذا هو الأصل ، الأصل أن يهتم بتأمين السعادة الأخروية للمسلمين ، بعد ذلك إذا تمكَّنت الدولة المسلمة أن تؤمِّن - أيضًا - للمسلمين شيء من السعادة الدنيوية فذلك مما يجب عليها ، وهذا فيما أتصوَّره لا يمكن إلا بمثل ما كان الحكَّام الأولون من المسلمين يؤمِّنونه للأمة المسلمة ؛ وذلك بطريق توزيع ما يأتيهم من الأموال بسبب الفتوحات الإسلامية ، وبسبب ما يكشف الله - عز وجل - لهم من كنوز الأرض ، فَمِن هذا الطريق يمكن للحاكم المسلم أن يفيض على الشعب المسلم بشيء من السعادة الدنيوية ، أما أن نُشغِلَ الدولة بتأمين المعيشة والرفاهية للشعب المسلم فهذا ليس من وظيفة الحاكم المسلم ، إلا إن تيسَّر ذلك بعد قيامه بما يجب عليه أصالةً .

هذا هو الجواب .

السائل : أحسنت .

مواضيع متعلقة