المشهور عند الفقهاء العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ؛ ما صحة هذا القول ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
المشهور عند الفقهاء العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ؛ ما صحة هذا القول ؟
A-
A=
A+
السائل : المشهور عند الفقهاء العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ؛ ما مدى صحة هذا القول ؟

الشيخ : القول المشهور اليوم بأن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال هذا قولٌ من ثلاثة أقوال في الحديث الضعيف ؛ هل يُعمل به في فضائل الأعمال أم لا ؟

ونحن يجب إذا أرَدْنا أن نكون كما قال ربُّ العالمين : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) ؛ فإن أرَدْنا أن نكون على بصيرة فعلينا أن نعرف الأقوال التي تُذاع وتُشاع في بعض الأحيان هل لها أصل في الكتاب والسنة أم لا ؟ وألَّا نغتَرَّ بالقول المشهور : " الخطأ المشهور خير من الصواب المهجور " !! هذا قول مشهور !! " الخطأ المشهور خير من الصواب المهجور " ؛ هذا ليس كلامًا إسلاميًّا مطلقًا ؛ لأن الرسول - عليه السلام - قد أخبَرَنا أن الزمان كلما تأخر كلما اشتدَّ فسادًا ، وكلما اشتدت غربة الإسلام فيه ؛ حتى يصبح المرء غريبًا في أهله في عشيرته في بيته مع أهله وأولاده ؛ هذا صواب مهجور ، وذاك خطأ مشهور ؛ فالخطأ المشهور خير من الصواب المهجور ؟!! هذا لو فكَّرنا فيه قليلًا لَتبيَّن أن حكايته تُغني عن الرَّدِّ عليه .

فهذا مشهور هذا القول ؛ " يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " ؛ فمن حيث أنه قول من ثلاثة أقول يجب أن نعرف القولين الآخرين :

قول ثاني : ضده على طول الخط ؛ لا يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال مطلقًا .

وقول ثالث : يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشروط ثلاثة :

الشرط الأول : ألَّا يشتد ضعفه .

الشرط الثاني : أن يكون داخلًا في أصل من أصول الشريعة .

الشرط الثالث : ألَّا يداوم على العمل به تفريقًا بين هذا العمل الذي لم يثبت بالسنة وبين العمل الثابت في السنة .

أما الذي أدين الله به فهو القول الثاني المقابل للقول الأول ، الحديث الضعيف لا يُعمل به في فضائل الأعمال مطلقًا ، أقول هذا لأن المقصود يُعمل به في فضائل الأعمال ... بمعنى جاء حديث يتضمَّن بيان فضيلة عمل ما ، فعَمِلْنا بهذا الحديث ؛ من أين حَكَمْنا أن هذا العمل هو من فضائل الأعمال ؟ من هذا الحديث الضعيف ، لا يجوز العمل بهذا أبدًا ؛ لماذا ؟ لأنَّ حكمَنا على عمل ما بأنه من فضائل الأعمال هو إخبار .

سائل آخر : عقيدة .

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : عقيدة ... مستحب .

الشيخ : عقيدة .

أرجو أنُّو إذا كنت أخطأت وهمت باللفظ كما يقع أحيانًا تنبِّهني .

سائل آخر : جزيت خيرًا .

الشيخ : أما متأكد ما أقول فخلِّيها لما بعد ؛ لأنُّو هيك تقطع سلسلة فكري ، وأخشى أن أكون أخطأت كما هي عادتي ، فنقف شوية بدون مناسبة .

إذا جاء حديث ضعيف في حكم عمل في فضائل الأعمال ، أضرب لكم مثلًا :

قراءة المسبَّعات بعد صلاة الجمعة ، تعرفون هذا ؟ قراءة المعوَّذتين و (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) سبعًا سبعًا ، وقراءة الفاتحة بعد صلاة الجمعة ، في حديث ضعيف في هذا ؛ فيُقال : حديث ضعيف لا بأس يُعمل به في فضائل الأعمال ... .

من أين عرفنا أن من فضائل الأعمال قراءة هذه السور في هذا المكان بالضبط وبعدد سبعة بالضبط لا يزيد ولا ينقص ؛ من أين عرفنا هذا ؟ من هذا الحديث طبعًا ؛ طيب ، عَمَلُنا معناه كأننا نخبر عن الله المشرِّع لا مشرِّع سواه أنه جَعَلَ لهذا العمل بهذه القراءة هذه الفضيلة ؛ أَفَيجوزُ أن نحكم بالحديث الضعيف هذا الحكم ؟ لا يجوز أبدًا ؛ لذلك الذين يطلقون هذا القول فيقولون : يجوز العمل بالحديث الضعيف في ... الأعمال معناه يجوز التشريع في فضائل الأعمال ، لا يجوز التحريم ولا يجوز الإيجاب والفرض بحديث الآحاد ، لكن يجوز أن تقول : يُشرع أن تفعل كذا وكذا بالحديث الضعيف ؛ مع أن العلماء جميعًا اتفقوا أن أقلَّ الأحكام المشروعة الاستحباب ، وأن الاستحباب لا يثبت بحديث ضعيف ؛ لذلك من أجل هذا وغير كما سأذكر لا نتبنَّى هذا القول إطلاقًا ؛ لأنه معناه تشريع شيء لم يثبت في الشرع بحديث ضعيف ، هذا أولًا .

وثانيًا : الحديث الضعيف باتفاق علماء المسلمين لا يفيد إلا الظن المرجوح ، والظن الراجح الذي يجب الأخذ به لا يثبت إلا بالحديث الثابت اللي هو الحَسَن فصاعد ، أما الحديث الضعيف فلا يجوز العمل به ، أما الظن المرجوح فلا يجوز العمل به اتفاقًا ؛ لقوله - تبارك وتعالى - : (( إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا )) ، ووصفه للمشركين بقوله : (( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ )) ، وأكد ذلك الرسول - عليه الصلاة والسلام - : ( إياكم والظَّنَّ ؛ فإن الظَّنَّ أكذبُ الحديث ) ، فيا سبحان الله ! إذا كان علماء المسلمين قاطبةً أجمعوا على أن الحديث الضعيف لا يفيد إلا الظن ، وأجمعوا - أيضًا - أن الظن قسمان ؛ قسم راجح فيجب العمل به ، وقسم مرجوح فلا يجوز العمل به ، والحديث الضعيف لا يفيد إلا الظن المرجوح ؛ إذًا العمل بالحديث الضعيف داخل في عموم قوله - تعالى - : (( (( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ )) ، داخل في عموم قوله - تعالى - : (( إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا )) ، داخل في عموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إياكم والظَّنَّ ؛ فإن الظَّنَّ أكذبُ الحديث ) .

وليس عند الجمهور اليوم الذي يقول : يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس عنده حجة من الكتاب والسنة إطلاقًا ، وإنما هو الاجتهاد والرأي ، والاجتهاد والرأي معرَّض للصواب وللخطأ ، وما كان محتملًا للصواب وللخطأ فيجب عرضه على الكتاب والسنة كما هو الأصل في كلِّ ما تنازَعَ الناس فيه واختلفوا ، (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) ، لقد وجدنا ذمَّ الظن في القرآن والسنة وإجماع الأمة حينما يكون الظَّنُّ مرجوحًا ، ووجدنا العلماء أنفسهم يقولون بأن الحديث الضعيف لا يفيد إلا الظَّنَّ المرجوح ؛ فينتج من هذه المقدِّمات المسلَّمة كلها أنه لا يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضئل الأعمال ، هذا ثانيًا .

وثالثًا : إن هذا القول - أي : يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال - كان له آثار وخيمة في هذه الأمة ... .

... من وجوه :

منها : أن العالم الجليل الذي يتبنَّى هذا القول يعمل بحديثٍ ما لم يبحث عنه مطلقًا ؛ أَهُوَ صحيح ؟ أَهُوَ ضعيف ؟ حتى إذا كان صحيحًا تبنَّاه على أنه سنة ، وإذا كان ضعيفًا تبنَّاه على أنه ضعيف ، وعلى أنه يُعمل به في فضائل الأعمال ؛ فتجد أهل العلم الذين يتبنَّون هذه القاعدة المزعومة هم فضلًا عن العامة مجرَّد أن يجدوا حديثًا فيه فضيلة عمل ما عملوا به دون أن يعرفوا هذا حديث ضعيف أو صحيح ، فتمشي هذه السنة المزعومة ؛ أي : الثابتة عندهم بالحديث الضعيف ، تمشي بالأمة فتصبح جزءًا من حياتها ، وجزءًا لازمًا من عباداتها ، فإذا جاء رجل مثلي أُوتِيَ حظًّا قليلًا من علم الحديث ، وقال للشيخ الفاضل : يا أستاذي ، هذا الحديث أنت تعمل به هذا حديث ضعيف ؛ رأسًا يجاوبك : الحديث الضعيف في فضائل الأعمال . لِكْ أنت جعلته شريعة مستمرَّة !! كل جماعتك يفعلوه ، ولا أحد منهم ولا أنت كنت تعلم قبل هذه اللحظة أنُّو تعمل بحديث ضعيف ؛ فكيف يكون هذا صحيحًا أن يعمل الإنسان بحديث ضعيف لا يعلم ضعفه ، ويجعله شريعة ماشية بين الناس ، فيرثه الخلف عن السلف ؟!

ولذلك نجد اليوم في عبادات المسلمين عبادات لا أصل لها بالألوف المؤلَّفة ، لا أصل لها إطلاقًا ؛ شو السبب ؟ هذه القاعدة المزعومة ، لماذا ؟ لأنه حين يُقال : حديث ضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال دخل فيه الحديث الضعيف الذي يشتدُّ يقوى بما إذا جاء من وجه آخر ، أما إذا لم يأتِ من وجه آخر بَقِيَ ضعيفًا ، الحديث الضعيف هَيْ مرتبة أولى ، مرتبة دونها الحديث ضعيف جدًّا ، مرتبة الأخرى والأخيرة الحديث الموضوع ، فيرى العالم منهم ممَّن لا علم عندهم بالحديث حديثًا في فضائل الأعمال يأخذه ، يأخذه وقد يكون ضعيفًا ، يأخذه وقد يكون ضعيفًا جدًّا ، يأخذه وقد يكون موضوعًا ، فيمشي العمل منه إلى تلامذته وهو بيموت ، وبكرة التلامذة بيصيروا مشايخ ، وبيولِّدوا تلامذة آخرين ، وهكذا يرث الخلف عن السلف ؛ العمل بماذا ؟ بحديث غير صحيح ، ويدور حكمه بين أن يكون ضعيف أو ضعيف جدًّا أو موضوع .

وهكذا تنتشر البدع بين المسلمين في الوضوء في الصلاة في الصيام في الحج في كل العبادات والطاعات .

مثلًا عندنا بدعة صلاة ليلة النصف من شعبان ، هذه التي يُحتفل بها في بلاد الإسلام اليوم ، إيش أصل هذه الصلاة ؟ يزعمون أن الرسول - عليه السلام - قال : ( إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها ، وصوموا نهارها ) ، وهذا حديث موضوع ، فباسم حديث ضعيف صرنا نحيي هذه الليلة ، ثم انضمَّ إلى الإحياء إضافة أشياء أخرى لا يجوز إضافتها إلى السنن الثابتة ؛ مثل الصلاة هذه الصلاة جماعة وفي المساجد ؛ إعلانها في المساجد ، الصلاة الثابتة صلاة الليل الثابتة في الكتاب والسنة لا يُشرع الاجتماع صلاتها جماعةً على التداعي ، وأقول : على التداعي ؛ حتى نبيِّن صوابًا فتفهموا صوابًا كذلك ، صلاة الليل لا يُشرع التجمُّع فيها إلا في رمضان ، وإلا لصدفة باتفاق ، قام رجل من بيناتكم في هذه الليلة في هذا المكان يصلي بعدما نام هزيعًا من الليل ، أحسَّ به واحد آخر كان نايم ، فقام وتوضأ واقتدى وراءه لا بأس ، أما تَعْ يا أحمد يا محمد يا زيد يا بكر بكرا بدنا نحييها ؛ بكرا بدنا نحييها الليلة ، نصلي صلاة ؛ هذا لا يجوز ، بتصلُّوا تصلُّوا لحالكم في البيت في المسجد ما في مانع .

سائل آخر : وإذا كان اعتكافًا ؟

الشيخ : أما الجماعة ، والاعتكاف كذلك إلا في رمضان ، أما التجمُّع على هذه السنن الثابتة فالتجمُّع غير مشروع ؛ لِمَ ؟ لأن الرسول - عليه السلام - ما فَعَلَ ذلك ؛ لذلك قال العلماء : لا يجوز صلاة النوافل جماعةً إلا على سبيل الاتفاق لا التداعي ، وهذا في قيام الليل ، أما سنن النهار لا يجوز الاجتماع فيها إطلاقًا إلا صلاة الكسوف ، إلا صلاة الاستسقاء ؛ فهذه أحكام شرعية يجب التزامها .

لو قال لنا قائل : ندخل المسجد نريد أن نصلي صلاة الظهر ، وبين يدي صلاة الظهر ركعتين أو أربع ركعات سنة مؤكدة ، ليش ما نصليها جماعة مثلما نصلي الفرض بعدها ؟ الجواب عند أهل العلم خاصَّة الذين ينتسبون إلى السلف الصالح إذا قيل لهم : لماذا لا تصلون سنة الظهر القبلية جماعة مثلما تصلوا الفريضة ؟ الجواب : لأنُّو هيك الرسول صلَّاها ، أما عند الناس ما بيعرفوا ليش ، ليش ؟ ما تثقَّفوا ولا تفقهوا بالفقه السلفي المستند إلى الكتاب والسنة .

نحن لا نصلي السنن الرواتب جماعة ؛ لأن الذي بيَّن لنا شرعيتها ما بيَّن لنا أنَّ مِن شرعيتها التجميع فيها ، فليش بقى ما منصلي جماعة ؟ لأن الرسول ما صلى جماعة ؛ فما بالكم إذا صلينا صلاة ليلة النصف من شعبان هاللي ما ثَبَتَتْ كسنة بحديث صحيح مثل السنن الراتبة ، ومَن صلى جماعة بيكون ابتدعنا بدعتين اثنتين في آنٍ واحد مع الأسف ؛ البدعة الأولى : أننا سَنَنَّا للناس سنة بحديث موضوع ؛ ( إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها ، وصوموا نهارها ) .

والبدعة الثانية جمعناهم ، وبدعة ثالثة ورابعة وإلى ما لا نهاية من الصِّياح والعياط في المساجد والتشويش على المصلين وإلى آخره ؛ وهذا كما يقال يُنسب إلى الرسول - عليه السلام - وإسناده ضعيف ، وإنما هو قول لبعض السلف : " ما أُحدِثت بدعة إلا وأُمِيتت سنة " ، ونحن نلمس هذا لمس اليد في واقع المسلمين اليوم ، " ما أُحدِثت بدعة إلا وأُمِيتت سنة " ؛ لذلك كان السلف يشدِّدون النكير على المبتدعين ولو بأبسط الأشياء ، الإمام مالك مرَّة دخل المسجد النبوي وجد شخص من أجلَّاء علماء زمانه أو أمراء زمانه ، وجده مادد بساط مثل سجادة الصلاة ، فبعث زلمة من أتباعه لهذا الشخص قال له بيقول لك فلان مالك : لا تبتدع في مسجدنا ؛ ارفع هذا البساط ، وهو شو في ؟ بساط حاطه ، خشية إيش ؟ أن يقتدي الناس به فيصبح سنة مع الزمن ، وما أكثر هذه الأشياء وما أكثرها !!

قلت : نحن نلمس تُحيا بدعة فتموت سنة مقابلها لمس اليد ، وأضرب لكم مثلًا بسيطًا ، وغرضي من ذلك أن أرمي عصفورين بحجر واحد ؛ أثبت دعواي " ما أُحدِثت بدعة إلا وأُمِيتت سنة " ، وأدلُّكم على بدعة منتشرة بين الناس ، وإذا قيل : هذه بدعة ؛ بيقولوا لك : شو فيها ؟ ح أبيِّن لكم شو فيها .

يدخل أحدكم المسجد فيجد صاحبه على الميضأة يتوضَّأ ، بيقول له : من زمزم ، طاحت سنة كالفريضة بسبب هالبدعة هَيْ ؟ عرفتم شو هي هالفريضة يلي طاحت ؟

الحاضرون : السلام عليكم .

الشيخ : السلام عليكم ، لأنُّو نبيَّك - عليه السلام - يقول : ( حقُّ المسلم على المسلم خمس ) - وفي رواية : ستٌّ - ، منها : ( إذا لقيتَه فسلِّم عليه ) ، ها أنت أيها المسلم لقيتَه فلم تسلِّم عليه ؛ من الذي صَدَّك عن هذا السلام الواجب عليك ؟ البدعة التي تداوَلَها الناس مع بعضهم البعض وهم لا يحسُّون أبدًا بشرِّها وضررها . حلَّت محل إيه ؟ الواجب مو بس السنة ؛ فإذًا البدعة لا تعالجوها من زاوية ... نفسها ؛ ولكن عالجوها - أيضًا - من زاوية أنها تُبطِل عليكم أمورًا مشروعة قد تكون مستحبة ، قد تكون سنة مؤكدة ، قد قد إلى آخره .

من شرِّ البدعة - وهذا يعني خطر جذري - أن العبادات التي كلَّفنا الله بها كلَّفنا في حدود الطاقة البشرية ، على أساس أن حكمة الله - تبارك وتعالى - اقتضت (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) ؛ فلو فرضنا أن العبادات غير المفروضة المشروعة من العبادات غير المفروضة في مئة عبادة وبس ، وأنُّو أتقى الناس وأعبد الناس هو داود - عليه السلام - لا يستطيع أن ينهض ... فهو إذا قام ستين سبعين ثمانين والله كتِّر خيره ، ومن باب فرض المستحيل - يا أخي - لح يقوم بمئة عبادة ، شو رأيكم إذا كان انضمَّ إلى هالمئة عبادة أخرى مئة عبادة أخرى بطريق إما البدعة الحسنة أو عمل بالحديث الضعيف ، وقد يكون ضعيفًا جدًّا كما ذكرنا ، أو حديث موضوع ؟ نحن بالكاد حتى سلَّمنا أنُّو يقدر يقوم بمئة عبادة مشروعة ، فإذا انضمَّ لها مئة عبادة غير مشروعة ؛ وأخذ منها خمسين ؛ على حساب مين الخمسين ؟ على حساب المئة المشروعة ؛ إذًا هو سيقوم بخمسين مشروعة بخمسين بدعة غير مشروعة ؛ إذًا البدعة عم تصدُّ الناس عن السنن المشروعة يا جماعة ، ليش ؟ لأنُّو أعبد الناس ما يستطيع أن يحيط بالسنن كلها ، وخذوها مثال في الأذكار ، أبسط شيء في الأذكار ، الأذكار الواردة عن الرسول - عليه السلام - في الطعام ، في الشراب ، في الدخول للمسجد في قيام الليل ، وما شابه ذلك ، من الذي يستطيع أن يحيط بها ؟ أكاد أقول : علمًا ، أكاد أقول : من ذا الذي يستطيع أن يحيط بها علمًا ؟ فمن ذا الذي أن يستطيع أن يحيط بها تطبيقًا وعملًا ؟ لا أحد أبدًا .

أنا أضرب لكم مثلًا بسيطًا ، لا لِأُظهر لكم بأني والله أنا أحطت بكثير ؛ لا ، لكن أحطت بقليل ، (( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )) ، الأذكار الواردة إذا شبع الإنسان من الطعام في ثلاثة أربع أذكار صحيحة ، وفي أشياء أخرى غير صحيحة ، فيقول الإنسان : ( الحمد لله الذي أطعَمَنا وسقانا وآوانا ) ... يقول : ( الحمد لله الذي أطعَمَ وسقى ... وجعل له مخرجًا ، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه مباركًا عليه ، غير مستكفى ربَّنا ولا مستودع ) ، ثلاثة أذكار من بعد الفراغ من الطعام واردة عن الرسول - عليه السلام - ، مين - بالله عليكم - قائم بهالسنن هَيْ ومن بعدما .. وشبع وبدو يحمد ربه ؟ ما في أحد ، قليل وقليل جدًّا ، فما بالك بقى بكل الأذكار الواردة ، هَيْ كتاب " الأذكار " للإمام النووي ، هَيْ كتاب " الأذكار " للإمام ابن تيمية ، ابن قيم الجوزية ، وما أكثر الكتاب الواردة في الأذكار النبوية ؛ مَن الذي يستطيع أن يحيط بها علمًا ثم عملًا ؟ لا أحد ، وإن كان فقليل ، والقليل لا حكم له .

بعد ذلك تأتي - مثلًا - " دلائل الخيرات " ، " دلائل الخيرات " هو من هذا النوع الذي أُحدِث في الإسلام ، تصدُّ المسلمين عن معرفة أذكار سيد المرسلين ، ويهتمون بهذه التي صنَّفها إنسان مثل حكايتي أو أحسن مني صلاحًا وعلمًا ، لكن ما هو رسول الله الذي ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحيٌ يوحى . فنجد إذًا هذه البدع التي مِن أسبابها الأخذ بالحديث الضعيف صدَّت المسلمين عن السنن الصحيحة ، ولو أراد إنسان يؤلِّف كتاب تحت هذا العنوان : " صد البدع عن السنن " ، ومنها صد الأحاديث الضعيفة عن الأحاديث الصحيحة لَخرج معه كتاب بمجلد كبير .

خلاصة القول : لا دليل في السنة فضلًا عن الكتاب أنه يجوز الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال المستلزم إثبات فضيلة بدون نص صحيح ثابت عن الرسول - عليه السلام - ، بل النهي عن العمل بالظَّنِّ المرجوح ، والحديث الضعيف يفيد الظَّنَّ المرجوح فقط ؛ النهي عن العمل بالظَّنِّ المرجوح يُبطِل هذه القاعدة ، وفيما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة الصحيحة والحسنة غنية للمسلم المتعبِّد عن العمل بالأحاديث الضعيفة .

غيره ؟

مواضيع متعلقة