ما صحة حديث وفد ثقيف ، وفيه أنَّ المسلم يجعل وردًا من القرآن يحافظ عليه ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما صحة حديث وفد ثقيف ، وفيه أنَّ المسلم يجعل وردًا من القرآن يحافظ عليه ؟
A-
A=
A+
السائل : أريد أن ألقي حديث ، وأريد أن أعرف درجة صحة الحديث ؟

الشيخ : تفضل .

السائل : الحديث ورد في " سنن أبي دواد " حدثنا مسدد ، أخبرنا قران بن تمام ، ح وحدثنا عبد الله بن سعيد ، أخبرنا أبو خالد ، وهذا لفظه ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن جده - قال عبد الله بن سعيد في حديثه : أوس بن حذيفة - قال : قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد ثقيف ، قال : فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة ، وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني مالك في قبَّة له . - قال مسدِّد : وكان في الوفد .

الشيخ : مسدَّد .

السائل : مسدَّد نعم ، وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثقيف - قال : كان كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدِّثنا ، - قال أبو سعيد : قائمًا على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام - ، وأكثر ما يحدِّثنا ما لقي من قومه من قريش ، ثم يقول : ( لا سواء ، كنا مستضعفين مستذلين ) - قال مسدد : بمكة - ، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ، نُدال عليهم ويُدالون علينا ، فلما كانت ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه ، فقلنا : لقد أبطأت عنَّا الليلة ، قال : - وهنا الشاهد من الحديث - ( إنه طرأ على جزئي من القرآن ، فكرهت أن أجيْءَ حتى أتمَّه ) .

الشيخ : هذا جزئي ولَّا حزبي ؟

السائل : أنا في " سنن أبي دواد " ... النص " سنن أبي دواد " الذي أخذتها في ... ، ولكن الحديث الآن أخذته من " سنن أبي دواد " النسخة القديمة ( على جزئي ) ، فدرجة الحديث يعني ؟

الشيخ : الحديث ثابت ، وهو من حصة " صحيح أبي داود " فيما أذكر .

السائل : أنا لم أجده في " صحيح أبي داود " .

الشيخ : ما وجدته .

السائل : لم أجده ، في الجزء الثاني ، في جزأين الأول والثاني بحثت في نفس الباب بعنوان الباب لم أجده .

الشيخ : أنا أقول : الذي في ذهني أنه في " صحيح أبي داود " الذي بدأت فيه من عشرات السنين ، وأن اللفظ : ( في حزبي ) وليس ( في جزئي ) .

السائل : وهذا الذي قرأته في المجلدين ... .

الشيخ : طيب ؛ رجعت له " شرح عون المعبود " - مثلًا - ؛ الطبعة الهندية القديمة ؟

السائل : الشيخ المباركفوري .

الشيخ : إي .

السائل : ... .

الشيخ : هذا هو ، النسخة الهندية هذه أصحُّ من النسخ التي تُطبع الآن ؛ لأنُّو الحقيقة صار لي بالتجربة أن مكاتب النشر اليوم لا أجد فيها من يُعنى بتصحيح ما ينشرونه كتب الحديث كما كان يقومون على نشرها كانوا لهم عناية يتقرَّبون بإصدار هذه الكتب مصحَّحة إلى الله - تبارك وتعالى - ، أما الآن فصارت القضية قضية مادية تجارية محضة ، فلذلك لما قرأتَ ( جزئي ) تساءلت في نفسي ؛ هل أنت أخطأت أم المصدر الذي إليه لجأت ؛ لأنه القائم في ذهني منذ ذاك الزمن البعيد أنه بلفظ : ( حزبي ) ، واستدلَّ العلماء بهذا الحديث على أن للإنسان من السنة أن ينظِّم أوقاته في قراءة القرآن ، كلٌّ بحسب ما يتيسر له ، وهذا مما يشهد له حديث عبد الله بن عمر بن العاص حينما زوَّجه أبوه بفتاة من قريش ، وبعد أيام سألها أبوه سألها عن حالها مع زوجها ؟ فكان جوابها أن قالت : " إنه لم يطأ لنا بعد فراشًا " ، وهذا كناية على أن الرجل كأنه لم يتزوَّج ، وذلك لأنه قائم الليل صائم النهار ، فهو يقرأ كل ليلة القرآن ، ويصوم الدهر ، فلما سمع عمرو بن العاص من كنَّته =

-- ... ... --

= الشاهد أن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - لما سمع من كنَّته كلامها هذا كأنه شكى ابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عبدالله بن عمرو : فإما أرسل إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإما أنه لَقِيَني ، فقال لي : ( يا عبد الله ، بلغني أنك تقوم الليل ، وتصوم النهار ، ولا تقرب النساء ) . فقال : قد كان ذلك يا رسول الله . فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( إن لنفسك عليك حقًّا ، ولجسدك عليك حقًّا ، ولزوجك عليك حقًّا ، ولزَوْرك عليك حقًّا ؛ فاقرأ القرآن في كلِّ شهر مرة ) . هنا الشاهد : ( فاقرأ القرآن في كل شهر مرة ) . قال : يا رسول الله ، إني شاب ، إن بي قوة ، إني أستطيع أكثر من ذلك - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - . قال : ( فاقرأ القرآن في كلِّ أسبوعين مرة ) . قال : إني أستطيع أكثر من ذلك ، وهكذا تنازل له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى قال له : ( فاقرأ القرآن في كلِّ ثلاث - وعليكم السلام - ؛ فإنه من قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث لم يفقهه ) - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - . ثم وضع له - عليه السلام - منهجًا في الصيام فقال له : ( صُمْ من كل شهر ثلاثة أيام ؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها ) . فقال : يا رسول الله ، إني شاب ، إن بي قوَّة ، إني أستطيع أكثر من ذلك . فلم يزل - أيضًا - رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعطيه أكثر مما أعطاه ، حتى قال له أخيرًا : ( فصُمْ يومًا وأفطر يومًا ؛ فإنه أفضل الصيام وهو صوم دواد - عليه السلام - ، وكان لا يفرُّ إذا لاقى ) . قال : يا رسول الله ، إني أريد أفضل من ذلك . فقال : ( لا أفضل من ذلك ) . قال : قال عبد الله بن عمرو فلمَّا أسنَّ وكبر كان يقول : يا ليتني كنت قبلتُ رخصة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - !

وفي رواية " مسند الإمام أحمد " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ... ( من كانت فترته إلى بدعة ؛ فقد ضلَّ ) ، وهذا الذي أصاب ابن عمر ، كان عنده في عزِّ شبابه شرَّة ؛ يعني نشاط زائد ، ولذلك رغب في الزيادة في الزيادة في الزيادة ؛ مع أن الرسول - عليه السلام - أعطاه الحدَّ الأخير شرعًا ، فتمنى أن يكون قَبِل منه النصيحة الأولى ؛ أن يصوم من كل شهر ثلاث أيام ، وأن يقرأ ختمة القرآن في الشهر كله ، لكنه بعد أن فارق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على الحدِّ الذي طلبه كان يصعب عليه جدًّا أن يدعَ الشيء الذي فاصلَ وفارقَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه ، فكان يقول : يا ليتني كنت قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !

فالشاهد من هذه القصة أن للمسلم أن يتخذ حزبًا معيَّنًا حسب نشاطه وحسب فراغه ، فذاك الحديث يؤكِّد أن اللفظ هو الحزب وليس الجزء .
  • فتاوى جدة - شريط : 30
  • توقيت الفهرسة : 00:33:36
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة