ما هي أدلَّة القائلين بالزكاة في عروض التجارة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هي أدلَّة القائلين بالزكاة في عروض التجارة ؟
A-
A=
A+
السائل : في الذين يرون الزكاة في عروض التجارة يستدلُّون بأثر عن عمر أنه قال ... الصدقة ، وما هو المبررات أو الأدلة اللِّي سوَّغت أرباب المذاهب وبعض من يفتي بالزكاة المعروضة ، هل عنده أثر يعتمد عليه ؟

الشيخ : أثر عمر هو وارد يذكره سيد سابق وغيره ، ولكن حينما نرجع إلى " تلخيص الحبير " أو نرجع إلى سند هذا الأثر ، وهو في " مسند الإمام الشافعي " أو في كتاب " الأم " للإمام الشافعي ؛ نجد فيه رجلًا مجهولًا لا يُحتجُّ به عند علماء الحديث ، وأظن أنه اسمه إما حُماس أو أبو حُماس ؛ فهو مجهول ، فالأثر غير ثابت عن عمر ، ومع ذلك فهناك حديث في " سنن أبي داود " من حديث سمرة بن جندب قال كنَّا نُخرج الزكاة في عهد للنبي - صلى الله عليه وسلم - مما نعدُّه للبيع ، هذا - أيضًا - في سنده جهالة ، أو أكثر من جهالة ، فلا شيء هناك كما أشرت في أوَّل كلامي يُلزم أو يُوجب على الغني أن يُخرج زكاة عروض التجارة ، ثم لهم حجج أخرى هي صحيحة من حيث ثبوتها لكن ليست صحيحة من حيث دلالاتها ؛ كأن يقولوا مثلًا أن هناك نصوص عامة كالآية السابقة الذكر : (( خذ من أموالهم صدقة تطهِّرهم )) ، وهذه أموال ـ فينبغي أن تُؤخذ منها الزكاة ، فنقول : إن هذه النصوص العامَّة التي يستدلُّون بها يوجب بالقول بعمومها ما لا يقول به عالم في الدنيا لا قديمًا ولا حديثًا ، مثلًا العموم يستوجب إخراج زكاة الخُضَر ، ... هذا مال خاصة في الزمن الحاضر الآن ، يعني المزارع الكبير اللي عنده أراضي وفيرة ، وعنده مياه غزيرة ، يعني في كل شهر ما نقول في كل فصل ، تثمر أرضه الألوف المؤلفة ، مع ذلك ما عليها زكاة اتفاقًا ، مع أنها مال ، كذلك في هناك مَزَارع تزرع نوعًا من النباتات مثل قصب السكر مثلًا ، وهذا يُثمر ثمرة من حيث المال الشيء الكثير جدًّا في بعض البلاد كمصر وغيرها ، وعنده حقل طويل عريض كلُّه مزروع قصب السكر ، فلمَّا يحصد بيتجمَّع عنده الألوف المؤلفة من الدراهم أو الدنانير ، كمان ما عليه زكاة ، فمن الذي يستطيع إذًا أن يحتجَّ بعموم قوله - تعالى - : (( خذ من أموالهم صدقة تطهِّرهم وتزكِّيهم بها )) ؟ مع ذلك فبعض العلماء يلاحظون أنُّو هذه (( من )) تبعيضية ، فيمكن أن يكون المعنى خذ من بعض أموالهم ، وهذا ما بيَّنته السنة كما ذكرنا ذلك آنفًا في حديث معاذ : ( لا تأخذ الصدقة إلا من التمر والزبيب والشعير والقمح ) ، إذًا معناه أنه في هناك أشياء قد يحكم الرَّأي بوجوب الزكاة منها ، وقد يذهب إلى ذلك معاذ ابن جبل حينما يجتهد اجتهادًا دون أن يكون عنده نص ، فقال له سلفًا : لا تأخذ من حواصل أرضهم إلا من هذه الأنواع الأربعة .

وخلاصة القول : إن الجمهور الذين يذهبون إلى إيجاب عروض التجارة :

أولًا : ليس عندهم نص صريح في الموضوع .

ثانيًا : عندهم نصوص عامة هم أوَّل من يخالفها .

ثالثًا وأخيرًا : لم يأت في الشرع كيف تُعامل هذه العروض ، فقولهم أنه تُقوَّم ويُخرج زكاتها ؛ هذا مجرد رأي ، فنحن ذكرنا لكم آنفًا أثرًا وحديثًا ، لو صحَّا لَانفتح المجال للقول بوجوب أخذ الزكاة من عروض التجارة ، لكن بقي الشيء بقي شيء هام هناك غامضًا ، كيف تُؤخذ الزكاة من هذه العروض ؟ لقائلٍ أن يقول في عندك قمح عفوًا رز ، في عندك سكر ، بتطالع من هذا النوع ، في عندك مثلًا أي شيء آخر بتطالع من جنسه ، فمن أين جاء التقويم ؟ هذا رأي محض ، ليس له أي سند حتى ولو بأثر ضعيف ، في هذا نحن اطمأننَّا بعد دراسة من مكنونات الكتب المطوَّلة ، ثم عرض القضية على بساط البحث الاقتصادي ، فوجدنا أن الشَّرع حينما لم يُوجب على الأغنياء زكاةً على عروض التجارة وعلى العقارات ؛ إنما حقَّق في ذلك مصلحة الفقراء أكثر مما يحقِّق مصلحتهم فيما فرض على الأغنياء ، الذين يخرجون أموالهم من النسبة المعروفة بالمائة اثنين ونصف .

مواضيع متعلقة