شرح حديث : ( لا صدقة لغنيٍّ ولا لذي مِرَّةٍ سويٍّ ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث : ( لا صدقة لغنيٍّ ولا لذي مِرَّةٍ سويٍّ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ... فمع قول الرسول - عليه السلام - في الحديث السابق : ( لا صدقة لغنيٍّ ، ولا لذي مرَّةٍ سويٍّ ) نجده قد فعل خلاف ذلك ، والشأن فيه كالشأن في حديث أجرة الحجَّام ، ولكن هذا الحديث أو هذا الحكم الثاني جاء بيان سبب مخالفة الرسول - عليه السلام - للقاعدة التي وضعها لنا : ( لا صدقة لغنيٍّ ولا لذي مرَّةٍ سويٍّ ) قد ذكر السبب وهو سبب شرعيٌّ ومنطقيٌّ في آنٍ واحد ، فممكن لكل من أوتي شيئًا من العلم أن يرتاح إليه ، وأن يسهل التوثيق بين ما فعله - عليه السلام - وما قاله من ذاك الحديث ؛ فقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يأتيه الرجل فيسأله فيعطيه ، فإذا ما خرج من عنده يقول لمن حوله : ( لقد خرج من عندي وهو يتأبَّطها نارًا ) ، قالوا : يا رسول الله ، فإذًا لماذا تعطيه ؟ لماذا تعطيه ما دام أنه يتأبَّطها نارًا ؟ فقال - عليه السلام - - وهنا الشاهد ، وبه ينتهي الجواب وتقرير المسألة الأولى - قال : ( يسألونني ويكره الله لي البخل ) ، فلو أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كان موقفه مع القاعدة : ( لا صدقة لغنيٍّ ولا لذي مرَّةٍ سويٍّ ) فلم يعط هذا السَّويَّ أو ذاك الغنيَّ فسيعود إلى قومه ويُشيع بينهم أن الرسول بخيل ؛ أنا سألتُه ولم يُعطني ، فإشاعة البخل عن الرسول - عليه السلام - مفسدتها أكثر من مفسدة إعطاء شخص قد يتقوَّل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لا ينبغي أن يقول .

المثال العكسي لما فعله الرسول تمسُّكًا بالقاعدة التي قالها الرسول - عليه السلام - : ( لا صدقة لغنيٍّ ولا لذي مرَّةٍ سويٍّ ) ؛ إذا جاءك السائل يسألك فيغلب على ظنِّك أنه ليس فقيرًا وليس محتاجًا . =

-- نعم ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، نطرحها ، الحمد لله ، متى ؟ --

= فإن كثيرًا من الناس في بعض البلاد وليس في كل البلاد قد اتَّخذوا السؤال - أي : الشحاذة - مهنةً وصنعةً ، ويسترزقون بها أكثر - والله أعلم - مما يسترزق العامل الكاسب بمهنته أو بجَلَده وبقوَّته ، ولذلك طابت لهم طريقة هذا المكسب . =

-- لا تسكر الباب يا أخي ، خليه مردود ، بس حط النعل فاصل بين الباب ، أيوا --

= فمثل هؤلاء السَّائلين أو الشَّحاذين إذا غلب على ظنِّ المسؤولين إنهم لا يجوز لهم السؤال ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال في بعض الأحاديث : ( من سأل وعنده عشاء ليلة وغداء يوم - أو غداء يوم وعشاء ليلة - جاء يوم القيامة وعلى وجهه خموشٌ وخدوشٌ وكدوحٌ ) ، فالسؤال محدود جوازه في الشرع بأن لا يكون عنده غداء ولا عشاء ، واليوم - ما شاء الله ! - هؤلاء الذين يسألون الناس إنهم أغنياء ، فإذا غلب على ظنِّ المسؤول المشحوذ منه بأن هذا ليس محتاجًا ، وهذا في الواقع مُكتسب بالشحاذة ؛ فهنا تأتي القاعدة : ( لا صدقة لغنيٍّ ولا لذي مرَّةٍ سويٍّ ) ، لكن قد يتكلم هذا المردود المحروم ليس في قفا المسؤول بل في وجهه ، قد يسبُّه ، وقد يشتمه ، لكن هو ليس رسول الله حتى يؤثِّر فيه الشتم والوصف بالبخل وما شابه ذلك ؛ فلا عليه إذًا هو يطبق القاعدة ، ولا يجوز له أن يُخالفها كما فعل الرسول - عليه السلام - ؛ لأن له خصوصية على العالمين جميعًا ؛ فضَّله الله - عز وجل - بها دون سائر الناس .

إذا عرفنا هذا =

-- ... نعم ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أيوا ، كيف ؟ ، وجزاك الله خيرًا ، كيف حالكم ؟ ، أحمده وأشكره ، الله يسلمك ، بشرك الله خيرًا ، والله اليوم راجعناهم المرة الثانية ، فصورونا عدة صور ... هذه بدعة عندكم أليس كذلك ؟ الحمد لله ، إي نعم --

= فإذًا علينا نحن أن نتمسَّك بالقواعد ، فإذا جاء عن الرسول - عليه السلام - فعلٌ خالف القاعدة التي قدَّمها لأمته ؛ فأقلُّ ما يقال فيها أو آخر ما يقال فيها : إذا لم يمكن التوفيق بينها وبين القاعدة إنها من خصائصه - عليه السلام - ، فقد جمع الحافظ السيوطي كتابًا ضخمًا سمَّاه بـ " الخصائص الكبرى " ، وهو كتاب مفيد ، وإن كان مليئًا ومحشوًّا بالأشياء التي لا تصحُّ ولا يجوز أن تنسب إلى الرسول - عليه السلام - كخصوصية ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أسمى وأعلى من أن يُفضَّل بما لم يصح عنه ؛ مثلًا كالحديث الذي ذكره هو وغيره : " أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا أتى الخلاء ثم خرج لم يجدوا نجوَه على الأرض " .

السائل : تبتلعه الأرض ؟

الشيخ : آ ، فسألته السيدة عائشة ؟ فقال لها - فيما زعموا - : ( ألم تعلمي - أننا نحن معشر الأنبياء - أنَّ الأرض تبتلع ما يخرج منَّا ) ، ذكرها خصوصية ، لكن الحديث موضوع ؛ فلا يجوز نسبته إلى النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإن كان في ذلك - لو صحَّ - خصوصية ، وهكذا .

غيره ؟
  • فتاوى جدة - شريط : 7
  • توقيت الفهرسة : 00:05:38
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة