الجواب عن السؤال: ما رأيكم في كتاب حياة الصحابة؟ ومعنى قول الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات، أو قول بعض أهل العلم: رجاله رجال الصحيح - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الجواب عن السؤال: ما رأيكم في كتاب حياة الصحابة؟ ومعنى قول الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات، أو قول بعض أهل العلم: رجاله رجال الصحيح
A-
A=
A+
الشيخ : بالنسبة لهذا السؤال كتاب " الصحابة " هو دليل لما نقول نحن ، الذي ألف هذا الكتاب ليس فردًا من أفراد جماعة التبليغ ، بل هو رأس ، إن لم يكن من رؤوسهم فهو رأس الرؤوس ، ألف هذا الكتاب ، والجماعة ينطلقون على هداه ، ولكن هذا الكتاب جمع ما هبّ ودبّ ، أي : لم يخصص هذا الكتاب بأن يذكر فيه ما صح أولاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس ككلام غيره من الناس ، ولو كانوا أولياء وصالحين .

ثانيًا : ذكر روايات كثيرة عن الصحابة - رضي الله عنهم - فيها أيضًا من باب أولى إذا كان في الأحاديث التي نسبها إلى الرسول فيها أشياء لا تصح نسبتها إلى الرسول عند من ؟ عند أهل العلم بطريق معرفة الحديث ، ومعرفة الأسانيد ، وتراجم رجال الأسانيد ، ونحو ذلك ، فمن باب أولى أن يذكر في هذا الكتاب روايات كثيرة وكثيرة جدًا عن الصحابة من أقوالهم ، من أفعالهم ، من منهجهم ، من سلوكهم ، وكثير منها لا يصح .

ويعجبني بهذه المناسبة قول لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهذا من نفيس كلامه ودقيق منهجه العلمي ، حيث قال ما معناه : أن على كل باحثٍ أن يتثبت فيما يرويه عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يتثبت فيما يرويه عن الله ورسوله ، هذه كلمة جماهير العلماء قديمًا وليس حديثًا فقط ، قديمًا وحديثًا قد أخلوا بها ، فما تعود إلى كتاب إلا ما ندر جدًا جدًا ، مثل كتاب مثلا " نيل الأوطار " للشوكاني ، هذا من الكتب التي نحن نحض طلاب العلم على الاعتناء بدراسته والاستفادة منه ، ومع ذلك تجد يحشد فيه أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم بمناسبة الكلام عن آية أو حديث ، لكنه لا يسلك هذا السبيل ، وهو سبيل التثبت مما يُنسب إلى الصحابة ، كما يجب التثبت لما يُنسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قل من يفعل هذا .

ومن هنا : يصيب المجتمع الإسلامي شيء من الانحراف ، لماذا ؟ وهذه نقطة في الحقيقة مهمة جدًا ، نحن قلنا دائمًا وأبدًا : أن منهجنا كتاب الله ، وسنة رسول الله ، وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح ، لا يكفي اليوم أبدًا أن ندعو الناس إلى الكتاب والسنة فقط ، لأنك لن تجد في كل هذه الجماعات المختلفة حديثًا وقديمًا ، لن تجد جماعة منهم ولو كانوا من المرجئة أو كانوا من المعتزلة يقولون : نحن لسنا على الكتاب والسنة ، كلهم يقولون هكذا ، إذًا ما هو الفارق بين هذه الجماعات التي كلها تقول - وهي صادقة فيما تقول ، ما نستطيع أن نتهمها ، صادقة فيما تقول - نحن على الكتاب والسنة ، لكنها غير صادقة في تطبيقه على ما كان عليه سلفنا الصالح - رضي الله تعالى عنهم - .

من هنا نقول : لا بد من معرفة ما كان عليه السلف لنستعين به على فهم الكتاب والسنة ، فإذا جاءتنا رواية عن بعض الصحابة وهي غير صحيحة ، وأخذنا بها على أساس أنها بيان للكتاب والسنة انحرفنا كما لو أخذنا بحديث ضعيف أو موضوع ؛ لهذا ابن تيمية يقول : " يجب التثبت فيما نرويه عن الصحابة كما نتثبت فيما نرويه عن الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - " هذا الكتاب كتاب " الصحابة " خالف هذا النهج العلمي ، فهو جمع ما هب ودب ، وأنا أضرب لكم مجملاً مثلاً : هو ينقل مثلاً حديثًا عن كتاب " مجمع الزوائد " ، يقول : رواه أحمد ، والطبراني ، وقال في " مجمع الزوائد " : " رواته ثقات " الذين يتداولون هذا الكتاب ، حينما يقرؤون قال في " مجمع الزوائد " : " رجاله ثقات " ما الذي يفهمونه منه كما يقولون في بعض الأعراب في سوريا: " خوش حديث " ما دام رجاله ثقات صار حديث ثابت - لا - عند أهل العلم : أي حديث يقولوا فيه أحد المحدثين : " رجاله ثقات " فليس يعني ذلك هذا المحدث أنه حديث صحيح ، بل أي حديث يقول فيه مؤلف الكتاب : " رجاله رجال الصحيح " فلا يعني أنه صحيح ، وهذا أشد إيهامًا لصحة الحديث من قوله الأول ، إذا قال : " رجاله ثقات " قد يتوهم بعض الناس أنه صحيح ، لكن الإيهام بالتعبير الثاني " رجاله رجال الصحيح " أكثر ، مع ذلك لا هذا ولا هذا في علم الحديث يعني صحة الحديث .

إذًا كان ينبغي على مؤلف هذا الكتاب أن يختار ، ما نقول أن يصحح كل هذه الروايات ويدقق القول فيها ؛ لأنه الحقيقة أنا أعتقد أنه لو أراد رجل عالم متثبت يريد أن يصحح وأن يضعف ، أن يؤلف كتابًا مثل كتاب " الصحابة " لأخذ منه سنين عديدة ، لأن الحديث الواحد التحقيق فيه قد يأخذ منه ساعات ، بل قد يأخذ منه يوم وأيام ، وهذا نحن نعرفه بالتجربة ، فإذًا هو أراد أن يؤلف مثل هذا الكتاب على هذه الطريقة كأن يأخذ منه عمره ، أو بعض عمره على الأقل ، لكن كنا نرجو منه أن يختار ما صح عنده بأقرب طريق ، بدون ما يأتي يخصص الكلام في كل حديث من هذه الأحاديث ؛ إذًا هذا هو الجواب عن كتاب " الصحابة " : أنه لا ينبغي الاعتماد عليه إلا بشيء من التحفظ كأكثر الكتب ، وأنا أضع بين أيديكم الآن قاعدة لكي لا تحترموا الاستفادة من مثل هذا الكتاب ، فأقول : كلما رأيتم حديثًا معزوًا أولاً لأحد الصحيحين في هذا الكتاب أو في غيره ، يقول : رواه البخاري ومسلم ، رواه البخاري ، رواه مسلم ، فعضو عليه بالنواجذ ، هذا أولاً .

ثانيًا : إذا رأيتموه نقل عن أحد المحدثين أنه قال : هذا حديث إسناده صحيح ، أو قال إسناده حسن ، أيضًا تمسكوا به ، وما سوى ذلك فعرجوا عنه ، ولا تعرجوا عليه ، غيره .

الطالب : بارك الله فيك ، هذا شيخنا في الكتاب نفسه ، أو قاعدة عموم الكتب يعني ؟

الشيخ : كل الكتب ؛ لعلك تحفظ سؤالك لمناسبة أخرى إن شاء الله .

مواضيع متعلقة