هل حديث : ( من رمى جمرة العقبة إلخ..) شاذ كما يرى بعض العلماء.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل حديث : ( من رمى جمرة العقبة إلخ..) شاذ كما يرى بعض العلماء.؟
A-
A=
A+
الشيخ : إذا صحّ الحديث فهو مذهبي وقد قيل للإمام الشّافعي في مسألة ما أستحضرها الآن " أنت تقول كذا وكذا و فلان يقول كذا وكذا " يقول: " أتراني قد خرجت من الكنيسة ؟ أو تراني شددت الزّناّر في وسطي ؟ أقول لك: قال رسول الله وتقول قال فلان وفلان " . أنا لست نصرانيّا خرجت من الكنيسة أنا مؤمن بالله ورسوله والحديث يقول كذا وكذا فإذن لا يغرنّكم قول بعض العلماء أنّ هذا حديث شاذّ إلاّ بشرطين اثنين أوّلا أن يكونوا من أهل العلم بالحديث تصحيحا وتضعيفا , وثانيا أن يكونوا قد عنوا باللّفظة المذكورة وهي لفظة الشّاذ ما يعنوه المحدّثون وليس أن يصطلحوا هم من عند أنفسهم أن يطلقوا هذه اللّفظة على كلّ حديث خالف مذهبهم أو فتاوى شيوخهم أو نحو ذلك لأنّ هذا اصطلاح مبتدع , الحديث الشّاذ هو كما قلنا آنفا ما خالف فيه الثّقة من هو أوثق منه أو أكثر عددا. مثاله الحديث المتّفق عليه بين الشّيخين من حديث ابن عبّاس رضي الله عنه قال: ( يدخل الجنّة من أمّتي سبعون ألفا بغير حساب و لا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر ) في قصّة لا نطيل الآن الكلام بذكرها قال عليه السّلام: ( هم الّذين لا يسترقون و لا يكتوون ولا يتطيّرون وعلى ربّهم يتوكّلون فقام رجل اسمه عكّاشة أو عكاشة قال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم فقام آخر فقال قولة الأوّل فقال: سبقك بها عكّاشة أو عكاشة ) هكذا الحديث جاء في الصّحيحين وفي غيرهما بالسّند الواحد مدار هذا الإسناد على عبد الرّحمن بن أبي حصين أظنّه عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس وعن عبد الرّحمن بن أبي حصين يرويه هشيم الواسطي مصرّحا بالتّحديث كلّ الطّرق إلى هشيم تروي الحديث كما ذكرنا في صحيح مسلم وفي البخاريّ لكن في صحيح مسلم تفرّد برواية أخرى عن شيخه سعيد بن منصور صاحب السّنن الّذي طبع منه جزءان , سعيد بن منصور روى عن هشيم بنفس السّند الحديث بتمامه لكنّه قال: ( هم الّذين لا يرقون ولا يسترقون ) فزاد في الحديث لفظة لايرقون فقال شيخ الإسلام في فتاويه: " هذا الحديث بهذا اللّفظ ضعيف " ولم يقف لبيان علّته والعلّة هي تفرّد سعيد بن منصور بهذه اللّفظة دون كلّ الثّقات الّذين رووه عن هشيم بن بشير الواسطيّ فكانت زيادته هذه شاذّة اسمها عند علماء الحديث زيادة شاذّة لأنّه شذّ عن رواية الجماعة في الحديث الواحد فكانت الزّيادة ضعيفة كما صرّح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , هذا هو الحديث الشّاذ أمّا أن يروي ثقة عن ثقة عمّن فوقه هكذا حتّى ينتهي إلى الصّحابيّ إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حديثا لم يشارك ذلك الصّحابيّ صحابيّ آخر في روايته ولم يشارك ذلك التّابعيّ تابعيّ آخر في روايته عن نفس الصّحابيّ وهكذا , هذا لا يسمّى حديثا شاذّا وتسميته بالحديث الشّاذّ فيه إيهام بخلاف الحقيقة وهذا ما ينبغي أن يقع فيه طالب علم , فضلا عن أن يقع فيه عالم فاضل جليل على ذلك فالحكم الّذي تضمّنه هذا الحديث هو أنّ من رمى جمرة العقبة يوم النّحر فقد تحلّل الحلّ الأصغر بنصّ الحديث المرويّ في السّنن وغيرها ولكنّه قال عليه السّلام في ذلك الحديث الّذي قيل إنّه شاذّ (فإذا أمسى المساء ولم يفض طواف الإفاضة عاد محرما كما كان من قبل ) وقال الرّسول عليه السّلام هذا الحديث حينما رأى شابّا من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قد لبس قميصه أي دليل أنّه قد تحلّل فقال له عليه السّلام: ( هل أفضت ؟ قال: لا. قال: فعد إلى إحرامك ) ثمّ اجعلها شريعة عامّة مستمرّة إلى يوم القيامة أنّه من رمى جمرة العقبة ثمّ أمسى عليه المساء ولم يفض طواف الإفاضة عاد محرما كما كان قبل الرّمي , وهذا نحن ننتهي إليه ونسلّم قيادة أمرنا لنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم ولا نعالج القاعدة بأهوائنا وعاداتنا .

مواضيع متعلقة