مناقشة في الكفر البواح . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مناقشة في الكفر البواح .
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ ، أوَّل تعقيب على ما ذكرت ، في رد - أيضًا - على هذا القول قول التكرار ... وابن عباس حكموا في كثير من القضايا ... وليست قضية واحدة ... .

الشيخ : هذا تعقيب ولَّا تأييد ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : إي ، تفضل .

لا ، بس أسأله : تأييد ولَّا تعقيب ؟!

السائل : تأييد .

الشيخ : كويس .

السائل : توافق على هذا يعني ؟

الشيخ : وافقت على ماذا ؟

السائل : على ما ذكرت بالأمس .

الشيخ : وهو ؟

السائل : أن ... ابن عباس ... حكموا في أمور كثيرة ... .

الشيخ : طبعًا طبعًا .

السائل : ... .

الشيخ : طبعًا طبعًا .

السائل : ... هذا يؤيِّد ما ذكرت .

الشيخ : طيب .

السائل : طيب ، يُقال - أيضًا - يقولون ... الأشخاص ، وأتينا إلى تفسير أو الحكم على ... هل هو كفر دون كفر أو كفر بواح ... ؟

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

السائل : ... الكفر البواح ... أريد الخروج بالتالي إلى قضية أخرى .

الشيخ : الكفر البواح هو اللي يعلن يذرُّ قرنه بجحد قسم من الشريعة إذا ما جحد الشريعة كلها ، بعدين الخروج هذا اللي يُبيح الخروج ؛ ما الفائدة - أنا أقول : مرَّة أخرى - ؟

السائل : أنا معك ... السؤال ؛ الحكم بغير ما أنزل الله ... يُعتبر نسمِّيه الآن كفر دون كفر أو كفر بواح ، أو خاصَّة إلحاق ... ... ؟

الشيخ : هذا كفر بواح يا أخي ، عم نقول لك نحن .

السائل : هذا كفر بواح .

الشيخ : وأنا قلت آنفًا في تضاعيف كلامي أنُّو إذا سمعنا من الرجل كلامًا من فمه يقول هذا الإسلام ما عاد يصلح للحكم وإلى آخره ؛ فهذا كافر كفر ردَّة لا نشكُّ فيه ، لكن بحثنا فيمَن لا نسمع منه مثل هذا الكلام ، ومن جهة أخرى نرى منه عملًا بالإسلام في كثير من النواحي ؛ فهذا كيف نكفِّره ولم نسمع منه شيئًا يلزمه بالتكفير ؟

السائل : نحن اتَّفقنا على ذلك ، لكن نأتي الآن إلى نموذج آخر ، من يتلفَّظ ... .

الشيخ : النموذج الآخر أنا أشرت إليه آنفًا ، وأنت الآن وضَّحت النموذج ، وقلنا لك : هذا كفر بواح .

السائل : حتى لو استثنَينا ... التأوُّل يكون جاهل أو متأوِّل - مثلًا - ، يكون كلام في منتهى الخطورة جدًّا ... ؟

الشيخ : كونه جاهل هذا بحث ثاني ، أقول لك : إذا واحد كَفَرَ جهلًا هذا ليس بكافر عند الله ، وبالتالي أنا لا أستطيع أن أكفِّرَه إلا بعد إقامة الحجة ، هذه قضية أخرى تمامًا ، وهذا ممَّا ذكرناه مع طوائف من جماعة التكفير ، الحديث الذي جاء في " الصحيحين " من طريق أبي سعيد الخدري وغيره أنُّو : ( كان فيمَن قبلكم رجلٌ حضرته الوفاة ، فجَمَعَ بنيهِ حوله ، فقال لهم : أيُّ أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أبٍ . قال : فإني مذنبٌ مع ربي ، ولَئِن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ، فإذا أنا متُّ فخذوني وحرِّقوني بالنار ، ثم ذرُّوا نصفي في الريح ، ونصفي في البحر ) ، فلما مات الرجل ونفَّذوا هذه الوصية ، هذه يمكن لا يُتصوَّر أغرق في الجهل وفي الضلال منها ، أنُّو حرِّقوه في النار وذرُّوا نصف الرماد في الريح المائج ، والنصف الثاني في البحر الهائج ، نفَّذوا الوصية ، يقول الرسول - عليه السلام - في الحديث : ( فقال الله - عز وجل - لذرَّاته : كوني فلانًا ؛ فكانت بشرًا سويًّا ، قال الله - عز وجل - : أي عبدي ، ما حَمَلَك على ما فعلت ؟ قال : ربِّ خشيتك . قال : اذهب فقد غفرت لك ) .

الآن هذا الحديث أمثال هؤلاء المتعجِّلين أو الجاهلين رأسًا يقولوا : هذا حديث باطل ؛ لأنُّو مخالف للقرآن الكريم ، والقرآن يقول : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) ، وصدق الله ، هذا نصّ ومبدأ أنه لا يغفر لمشرك ، ولعلكم تعلمون جميعًا أن مقصود المشرك هنا الكافر ، وليس المقصود به المشرك اللغوي وهو الذي يجعل مع الله إلهًا آخر ؛ المقصود به الكافر أي نوعٍ كان كفره ؛ حتى لو لم يكن مشركًا يعبد الله وحدَه لا شريك له ، لكن - مثلًا - ينكر الإسلام ، نبوَّة الرسول - عليه السلام - ، أو ينكر بعض آيات القرآن ، أو أي شيء يكفر به المسلم ؛ فهذا مشرك ولو كان لغةً ليس بمشرك .

الشاهد : فهذا الذي أوصى بهذه الوصيَّة الجائرة في عرف العلماء والفقهاء وعلماء التوحيد إلى آخره كَفَرَ لمَّا قال : ( لَئِن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعذِبَنِّي ) ؛ فهذا معناه أنه شَكَّ في قدرة الله - عز وجل - ، وكأنه كان مثلُه هو المقصود بقوله - تعالى - في آخر سورة يس : (( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )) إلى آخر الآية ، مع ذلك نجد هنا أنُّو ربَّنا - عز وجل - عامَلَه معاملة خاصة ، غفر له بالرغم أنه وقع في الشرك وفي الكفر ؛ لم ؟ لأنَّ هذا الإنسان نرى في نفس الحديث اعترافه بأنه مذنب مع ربِّه ، فهو مؤمن بالله ، ومؤمن بأن الله إن عذَّبَه فهو عادل فيه ، وخوفُه حَمَلَه على أن يفكِّر بتفكير الخلاص من هذا العذاب الذي يستحقُّه ، فأوصى بتلك الوصية الجائرة ، فلما عَلِمَ الله - عز وجل - أن هذا الإنسان معترف بالله ، وبعدالة الله ، وباستحقاق عذاب الله ، وهذا هو الذي حَمَلَه على هذه الوصية الجائرة ، وخوفه من عذاب الله ؛ قال له : ( اذهب فقد غفرت لك ) .

فإذًا الغرض من هنا ليس كلُّ مَن وقع في الكفر وقعَ الكفر عليه وتلبَّسَه ، فنحن نعرف - مثلًا - ممَّن يُعرفون عند العلماء بأهل الفترة ، فأهل الفترة كفار في واقع أمرهم ، لكن لا يُعاملون عند الله - عز وجل - معاملة الكفار ؛ لأنهم لم تبلُغْهم الدعوة ؛ (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ، فإذًا يجب الفصل بين أنُّو رجل يكفر وهو يعلم ، وبين إنسان والله ما يعلم أنُّو هذا كفر ؛ فهذه المسألة اتركها جانبًا ، قضية بركي هو مش فهمان أنُّو هذا كفر ، أنا أقول الحقيقة وقلتها منذ أسبوعين هناك في قطر في نقاش مع بعض العلماء حول أهل الفترة ، ومَن هم أهل الفترة ؛ لأنُّو جاء حديث المشهور حديث لمَّا جاء رجل ، وسأل الرسول - عليه السلام - عن أبيه فقال : ( أبوك في النار ) ، فرجع السَّائل طبعًا حزينًا ، فناداه الرسول - عليه السلام - فقال له : ( إن أبي وأباك في النار ) .

كان السؤال : هل هذا حديث صحيح ؟ قلنا : طبعًا حديث صحيح ، أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " ، وله شواهد كثيرة . قال : ألا يتعارض هذا مع قوله - تعالى - : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) ؟ قلنا : لا ، الآية تفيد أنَّ مَن لم تبلُغْه دعوة الرسول فهو غير معذَّب ، لكن الحديث لا يفيد أنُّو هذا الرجل ما بلَغَتْه الدعوة ، بالعكس ؛ الحديث يفيد لمَّا حكم الرسول - عليه السلام - على أبيه وأبي السَّائل بالنار ؛ ذلك يفيد أنه ليس من أهل الفترة بلغَتْه الدعوة ، وهذا واضح من عديد من الأحاديث الثابتة عن الرسول - عليه السلام - ، وحسبنا أنَّ العرب كان عندهم بيت الله الحرام الذي بنى الكعبة فيه إسماعيل وإبراهيم - عليه السلام - كما هو مصرَّح فيه بالقرآن . فإذًا هؤلاء بَلَغَتْهم الدعوة بالمقدار الذي تقوم الحجة عليهم ، أما مَن لم تبلُغْه الدعوة فهذا لا سبيل للحكم عليه ؛ لأنه كافر مخلَّد في النار ، وإن كان هو في واقع الأمر كافر .

واستطردنا في البحث ؛ لأنُّو استغربوا بعض الناس أنُّو يكون هؤلاء بلغتهم الدعوة ؛ يعني اللي كانوا من قبل بعثة الرسول - عليه السلام - . ... الكلام قلت : يا جماعة ، الآن نحن أليس قد بَلَغَتْنا الدعوة مع أنُّو ما جاءنا الرسول مباشرةً ، إنما جاءتنا الدعوة ؟ قال : نعم . قلت له : مع ذلك أنا أعتقد في هذا العصر هناك الملايين من البشر ما بلَغَتْهم دعوة الإسلام ، بل أعتقد في المسلمين مَن لم تبلُغْه الدعوة ؛ هؤلاء الذين يستغيثون بالله ويشركون بالله صباح مساء إلى آخره ، والمشايخ الذين يُفترض فيهم أنُّو يكونون مرشدين لهم وهداة لهم ؛ يقولون : هذا ما فيه أي شيء ، وهذا توسُّل ، وهذا جائز ، وإلى آخره ؛ فهل بلَغَتْهم الدعوة مع قلة دعاة التوحيد في هذا العالم الإسلامي اللي يقولوا يعدُّ تسع مئة مليون مسلم .

فإذًا قضية كونه له عذر أو ليس له عذر ، أو - مثلًا - بلَغَه أن هذا كفر ، أو ما بلغه شيء آخر هذا ؛ لأن البحث لما يدور في هذا المجال هو بالنسبة لأناس يعلمون أن الإسلام يأمر بإقامة الحدود مثلًا ، بقتل القاتل ، وإقامة الحدِّ على الزاني إن كان محصنًا وغير محصن على التفصيل المعروف ، هذا كله معروف لديهم ، فالبحث يكون في هذا المجال ، ولما يأتي بقى بركي ما عنده علم ؛ يأخذ بقى هذا البحث اتجاه آخر ولا شك .

السائل : ... .

مواضيع متعلقة