شرح حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وَصَبٍ ، ولا همٍّ ولا حزنٍ ، ولا أذًى ولا غمٍّ ؛ حتى الشوكة يُشاكها ؛ إلا كفَّرَ الله بها من خطاياه ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وَصَبٍ ، ولا همٍّ ولا حزنٍ ، ولا أذًى ولا غمٍّ ؛ حتى الشوكة يُشاكها ؛ إلا كفَّرَ الله بها من خطاياه ) .
A-
A=
A+
الشيخ : قال المؤلف - رحمه الله - : وعن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وَصَبٍ ، ولا همٍّ ولا حزنٍ ، ولا أذًى ولا غمٍّ ؛ حتى الشوكة يُشاكها ؛ إلا كفَّرَ الله بها من خطاياه ) ، رواه البخاري ومسلم ولفظه : ( ما يصيب المؤمن من وصبٍ ولا نَصَبٍ ، ولا سقمٍ ولا حزنٍ ، حتى الهم يهمُّه ؛ إلا كُفِّرَ به من سيِّئاته ) ، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة وحده ، وفي رواية له : ( ما من مؤمنٍ يُشاك بشوكة في الدنيا يحتسبها إلا قُصَّ بها من خطاياه يوم القيامة ) .

" النَّصَب التعب ، الوَصَب المرض " ، هكذا يفسر المؤلف - رحمه الله - هاتين اللفظتين الغريبتين من النَّصَب والوَصَب ، لكن في بعض كتب اللغة تفسير الوَصَب بما هو أخص من المرض من مطلق المرض ؛ أي : الوَصَب هو المرض الملازم ليس المرض الذي يحلُّ ثم ينقضي ويزول ؛ لا ، إنما هو المرض الملازم والذي يستمرُّ بصاحبه المُبتلى به ، ولعل المرض بالمعنى المطلق ههنا هو الأنسب لسياق الحديث ؛ أي : المعنى الذي فسَّر المصنف لفظة الوَصَب به وهو المرض المطلق هو الأولى بسياق هذا الحديث ؛ لأنه ذكر فيه أشياء تنتاب المسلم ولا تلازمه كالهمِّ وكالشوكة يُشاكها ، فيقابل هذا المرض الذي يصيبه وليس من الضروري أن يلازمه ، ففي هذا الحديث كالأحاديث السابقة وما يأتي بمعناها بيان فضيلة البلاء الذي يُصيب المسلم ، وأنَّ هذا البلاء مهما كان صغيرًا فهو يعود بالخير الكثير على صاحبه ، ولكن هنا شيء لا بد أن نذكِّر به وأن يلاحظه من أُصِيبَ بشيء من هذه البلايا والأمراض ، وهو ما نصَّتْ عليه رواية ابن أبي الدنيا حيث قال : ( يحتسبها ) ؛ يعني ليس يتحمَّل المرض وهو ضَجِر متأفِّف بل متألِّي على الله وجريء على الله ، فيعترض ويقول كما يُنقل عن بعض اليهود حينما يُصاب أحدهم بقريبه أو ولده من الاعتراض على إماتة ربِّه إياه ؛ فالمسلم ينبغي إذا أراد أن تعود هذه المصائب التي قد يُصاب بها خيرًا له بالنسبة إليه ؛ فلا بد من أن يحتسب ذلك عند ربِّه حتى ينتفع بذلك إما تكفير سيئات ، وإما زيادة حسنات ، وإما رفع درجات ، فكلُّ ذلك مما جاء ذكره في أحاديث تأتي إن شاء الله .

أما في هذا الحديث ففيه بيان أن الله - عز وجل - يكفِّر له بسبب تلك المصائب من خطاياه ، لكن في بعض الأحاديث : ( ما من مسلم يُشاك شوكة فما قوها إلا حطَّ الله عنه بها سيِّئة ، ورفع له بها درجة ، وكتب له بها حسنة ) ، فالفوائد التي يجنيها الإنسان من صبره على الأمراض والمصائب التي تُصيبه هي من هذه الأنواع الثلاثة ؛ إما زيادة حسنات ، وإما تكفير سيِّئات ، وإما رفع درجات . فينبغي أن نلاحظ هذه الجملة التي تقيِّد وتبيِّن أن هذه الكفارة المذكورة بهذا الحديث إنما هي خاصَّة بِمَن ابتُلِيَ بشيء من ذلك وهو يحتسب ذلك من المصائب ، حيث قال في الرواية الأخيرة : ( ما من مؤمنٍ يُشاك بشوكة في الدنيا يحتسبها إلا قُصَّ بها من خطاياه يوم القيامة ) ، ومثل الشوكة الهمُّ يهمُّه الإنسان ، هذا فضل من الله - عز وجل - مجرَّد ما هَمَّه شيء أن الله - عز وجل - يكفِّر عنه ما يناسب همَّه من الخطايا والآثام .

مواضيع متعلقة