امرأة طلقها زوجها ثلاثا أمام القاضي فحكم عليهما بالبينونة الكبرى ثم تبين لهم بعد سنين أن السنة في مثل هذا الطلاق أنه يقع واحدا لا ثلاثا فماذا يفعلون؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
امرأة طلقها زوجها ثلاثا أمام القاضي فحكم عليهما بالبينونة الكبرى ثم تبين لهم بعد سنين أن السنة في مثل هذا الطلاق أنه يقع واحدا لا ثلاثا فماذا يفعلون؟
A-
A=
A+
السائل : عطفا على موضوعنا السابق موضوع الطلاق كان من الأسئلة أن السائل إذا استفتى مستفت عالما عن مسألة شرعية فأفتاه بها وعمل بها ثم استفتى آخر وكان يرى نقيض ما رآه الأول ويرى أن الفتوى الأولى مخالفة لنص ثابت في الدين فهل للمستفتى أن يرجع عن فتواه والمثل الواقع لذلك جرى معي فأنا كنت أظن أرسلت إليكم بواسطة أحد الإخوة أسأل هذا السؤال وأريد الآن أن أحظى بالجواب إن شاء الله جاءتني امرأة سعودية وزجها ومعهم صديق هو دلهم علي فقالوا أنه هذه المرأة طلقها زوجها ثلاثا أمام القاضي في جدة يقول أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق والقاضي الشرعي هناك حكم بالبينونة الكبرى بينهما وافترقا على هذا الأساس .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل : ومضت سنون ثم كأنه أخبر أو أخبرت تسمع فهما ندما على فراقهما وودا لو يرجعان ففي سألوا كثيرين من ضمنهم يعني دلوهم علي وأخبروا أن هناك من يرى طلاق الثلاث واحدة في مجلس واحد وسبق إلى ذلك شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى وابن القيم وغيرهم فجاءت تستفتي فيعني قلت لهما الحكم الشرعي هكذا أن الذي ثبت في * صحيح مسلم * من حديث ابن عباس أن طلاق الثلاث كان واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وشطرا من خلافة عمر ثم قال عمر " أرى الناس قد تتايعوا على أمر قد كانت لهم فيه أناه فلو أمضيتهم عليهم فأمضاه عليهم " فهذا النص طبعا يفيد أن الثلاث واحدة هكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تبع أصحاب المذاهب الأربعة عمر في فتواه وجرى الواحد ثلاثا مع أنهم يعني لم يلاحظوا ملحظ الذي لاحظه عمر أنه فعل ذلك معالجة وقتية ولزجر الناس عن ذلك ولم يكن قصده أن يكون شريعة دائما فهل أفتيها بأنه الطلاق الثلاث الذي وقع منها في المحكمة ملغى وباطل والآن بإمكانهما أن يرجعا أحدهما إلى الآخر فأفيدونا مأجورين.
الشيخ : الذي أراه والله أعلم أنه لا بد من التفصيل إذا كان ذاك المستفتي تبنى فتوى المفتي فليس لهذا المستفتي أن يعود بعد أن تبنى فتوى المفتي الأول إلى فتوى المفتي الآخر المخالف لفتوى المفتي الأول أما إذا كان لم يتبن فهو يكون في طريق التبصر فإذا سأل مفتيا ثم انتقل إلى غيره وهكذا حتى حط رأيه على تبني رأي مفت من أولئك المفتين فهذا الذي يمكن أن يقال بأن له لا يأخذ برأي المفتي الأول لأنه لم يتبنه أما وقد جاء في تضاعيف سؤالك هل للمفتي أن يتراجع فأيضا نقول كما قلنا بالنسبة للمستفتي إن كان المفتي أفتى المستفتي ونفذ فيه الفتوى فللمفتي أن يتراجع عن فتواه بالنسبة لغيره أما بالنسبة لهذا المستفتي الأول فيقال فيه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان وكما جاء في بعض الآثار عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه " أنه أفتى في فريضة من فرائض المواريث برأي ثم سئل بعد ذلك ربما يكون بعد سنة فأفتى برأي آخر فقيل له كنت أفتيت بكذا قال: ذاك على ما أفتينا به وهذا على ما نفتي به الآن " فإذا الفتوى السابقة لا سبيل شرعا إلى استردادها واسترجاعها وإصدار حكم جديد مكانها وهذا أمر أراه ليس فقط مشروعا بل وهو أيضا مما يجزم به العقل وإلا لفسدت الأحكام بل ولفسدت الصلات بين الناس وخاصة بين الزوجين لو فرضنا مثل هذا السؤال حكم على ذلك الرجل بالبينونة الكبرى ففارقته و فارقها وراحت وتزوجت بزوج ثاني بعد انقضاء العدة جاء قاضي آخر قال لا هذا طلاق مش طلاق بينونة كبرى إنما هذا طلقة وحدة وهي رجعية ماذا يصنع؟ ذاك على ما أفتى به ذاك الأول وهذا على ما يفتي به المفتي الآخر لهذا نرى أن التفصيل المذكور يتعلق بالمفتي من جهة والمستفتي من جهة أخرى، المفتي له أن يتراجع قبل أن ينفذ فتواه الأولى بالمستفتي أما إذا نفذ الفتوى الأولى وقضي أمرها فله أن يرجع بالنسبة لسؤال آخر يأتيه إذا تبين له أنه كان مخطئا في فتواه الأولى كذلك المستفتي إذا لم يتبن وإنما تبصر وسأل هذا وسأله هذا وحط رأيه أخيرا على رأي من تلك الآراء وتبنى فلو جاءه رأي رابع أو خامس فليس له أن ينقض الرأي السابق وإلا راح يصير معنى دور لا نهاية له هذا الذي نفهمه من الفقه ومن الآثار السلفية والله أعلم . بسم الله.
السائل : الشيخ أبو مالك يسلم عليكم ... لكن شغل ما استطاع.
الشيخ : وعليكم السلام أو وعليك وعليه السلام إن شاء الله نراه مرة أخرى.
السائل : أقول أنه هو تبنى الحكم فإذا كان مقلدا يعني عاميا إيش التبني هنا يعني ما هو يميز من الأدلة حتى يقول اقتنعت بهذا أو اقتنعت بهذا فهنا يبقى العمل فقط.
الشيخ : أنت تعرف قول العلماء الذي يذكرونه " العامي لا مذهب له مذهبه مذهب مفتيه " لكن نحن نقول خيرا من قولهم بداهة ألا وهو قول رب العالمين (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فهذا العامي سأل أهل الذكر وأفتاه فوجب عليه أن يتبناه فإذا صار في نفسه شك أو ريب حينئذ ينتقل إلى سؤال آخر أما إذا لم يقع في نفسه شيء من الشك أو الريب فمعناه الحكم وصل إليه فلا يهمنا الآن التفصيل الذي يتبناه السلفيون وهو تفصيل صحيح وواقع لكن لا ينبغي الآن أن نطبقه في ما نحن فيه في هذا المثال أي فيه هناك تقليد فيه اتباع فيه اجتهاد المهم - وعليكم السلام - كما أقول في مثل هذه المناسبة أنه هذه الآية الحقيقة تعطينا فقها مهما جدا بالنسبة لمراعاة أفراد المجتمع الإسلامي فالآية تجعل الأفراد قسمين عالم وغير عالم وأوجب على كل من القسمين ما لا يجب على الآخر أوجب على القسم الذي هو غير عالم أن يسأل العالم فإذا أجابه العالم صار هذا مذهبه رجعنا إلى قول العامي لا مذهب له مذهبه مذهب مفتيه لكن وهذا أمر واقع والشرع يؤيده إذا استفتى مستفت ما وأفتي برأي أو بحكم ما وبقي في نفسه شك وريب فما ينبغي أن يحكم كالعالم تماما إذا كان عنده شك وريب في حكم ما ينبغي أن يفتي به يجب أن يتورع حتى يتبين له الصواب كذلك العامي الجاهل فهو إذا استفتى عالما وما اقتنع بفتواه يرد التفصيل السابق وهو ينتقل إلى عالم آخر حتى يفتيه برأي يطمئن إليه
وهنا لا بد من التذكير بالإدانة التي تحدثنا عنها في موضوع سبق التعرض له آنفا أنه هذا يقول بأنه طلق وهو غضبان شو يدرينا نحن إنما هو يدان بهذا الكلام كذلك هنا حينما سأل مفتيا ما فأفتاه ما اطمئنت نفسه لهذه الفتوى ومعنى ذلك أنه لم يتبن هذه الفتوى ومعنى ذلك أنه ما قام الدليل الشرعي بالنسبة إليه الدليل الشرعي بالنسبة للعالم كما تعلمون قال الله قال رسول الله الدليل الشرعي بالنسبة لغير العالم قال العالم وهذه نقطة في الواقع أنا أعرف كثيرا من السلفيين العلماء فضلا عن غيرهم في عندهم شيء من الضياع أو التشدد بحيث أنهم قد يوجبون على عامة المسلمين وعلى جهالهم أنه يأخذوا المسألة بدليلها وهذا أولا لا يمكن وثانيا هذا خلاف ما كان عليه السلف الصالح كان يأتي الرجل يسأل أحد الصحابة فيفتيه ونادر جدا أن يقول قال الله كذا وقال رسول الله كذا خلافا لما يظنه كثير من إخواننا السلفيين أنه لازم المفتي يقرن فتواه بالدليل كلمة لازم يجب أن ترفع أما يحسن فهذا موضوع ثاني، آه لأننا لو استقرأنا كل االفتاوى التي تنقل إلينا بالآثار السلفية نادر جدا أن نجد فتوى مقرونة بإيش بقال الله قال رسول الله الشاهد فإذا المستفتي أفتي برأي ما وشك في هذا الرأي فهو كالعالم الذي شك في حديث ما صحيح ولا لا فلا يجوز له أن يتبناه ويتبنى الحكم الذي تضمنه كذلك العامي إلا ما أفتي برأي ولم تطمئن نفسه ولم ينشرح له صدره فذهب وسأل آخر فاطمئن إليه هنا يدان هو الرجل ما يتبع هواه وهنا يأتي قوله عليه السلام ( استفت قلبك وإن أفتاك المفتوت ) فإذا الأمر واضح جدا أن هذا المستفتي الذي استفتى المفتي الأول وتبنى صحيح شو يدريه هو صواب ولا خطأ لكن بيدريه إنه هذا عالم ولو في رأيه قد يكون هو من أجهل الناس كما هو الواقع فهذا أمر لا نهاية له لكن المهم أنه في رأيه أنه رجل عالم فسأل أي معنى طبق الآية الكريمة لوما أجيب تبنى فصار هذا حكما شرعيا بالنسبة إليه فما دام أنه تبناه فما ينبغي أن يركن إلى رأي آخر لا سيما إذا كان هذا الرأي يعني يشعر بأنه لهوى في النفس فلذلك جوابا عن قولك شو بيدريه بيدريه قول العالم فقط فهذا هو دليله (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) أظن بهذا يتم الجواب عن السؤال إن شاء الله.

مواضيع متعلقة