البدايات العلمية للشيخ - بوابة تراث الإمام الألباني
البدايات العلمية للشيخ
حجم الخط
A-
A=
A+

شيوخه:

التحق الشيخ بدروس بعض علماء دمشق من أصدقاء والده فقرأ على الشيخ سعيد البرهاني كتاب «مراقي الفلاح» في الفقه الحنفي، وبعض كتب اللغة والبلاغة.
كما حرص فيه على حضور دروس الشيخ بهجة البيطار، ودروس الشيخ بدر الدين الحَسَنِي (ت1354هـ) التي كان يحدِّث فيها في المسجد الأموي.
كما حصل على إجازة علميَّة من الشيخ محمد راغب الطباخ علامة حلب في وقته.

 

توجه الشيخ لعلم الحديث:

كان الشيخ -رحمه الله- مولعًا بالقراءة منذ صغره؛ فكانت في البداية تستهويه قراءة القصص العربية كقصة عنترة، والظاهر بيبرس، والقصص التاريخية عمومًا. ثم وقف الشيخ على جزء من مجلة المنار معروضًا عند أحد الباعة فأخذه وطالعه؛ فاستوقفه بحث بين مثاني هذا الجزء من المجلة للشيخ محمد رشيد رضا يتحدث فيه عن كتاب الإحياء للغزالي، مشيرًا إلى محاسنه والمآخذ عليه التي من أبرزها الأحاديث الضعيفة التي أوردها مؤلفه فيه. فأشار الشيخ محمد رشيد رضا في هذا السياق إلى تخريج العراقي لأحاديث الإحياء؛ فانطلق الشيخ الألباني -الذي أعجب بهذا البحث إعجابًا شديدًا - باحثًا عن كتاب العراقي المشار إليه، فلما وقف عليه استأجره من صاحبه -المكتبة العربية-؛ إذ لم يكن يملك ثمنه في ذلك الوقت.
وبدأ الشيخ يقرأ هذا الكتاب فاستهواه تخريج الأحاديث فعزم على نسخ التخريج الذي كان مطبوعًا في حاشية على الإحياء. فبدأ بنسخ هذا التخريج مضيفًا إليه شُروحًا للكلمات الغريبة، مستعينًا بكتاب «غريب الحديث» لابن الأثير، والقاموس -وغيرهما- ومضيفًا إليه زيادات وتتميمات على تخريجات العراقي للأحاديث. وهكذا استمر الشيخ في عمله حتى خَرَجَ هذا النَّسْخُ في ألفين واثنتي عشرة صفحة، فجعله الشيخ في ثلاثة مجلدات(2). ولم يكن الشيخ وقتئذ قد جاوز العشرين من عمره -عليه رحمة ربي- جلَّ وعلا-، وبذلك تكون مجلة المنار قد فتحت له الطريق للاشتغال بعلم الحديث.
ومن بواكير أعمال الشيخ العلمية أنَّه كان ينكر ما عليه الناس من بدع وشركيات وغير ذلك مما يخالف شرع الله، وكان من جملة هذه المسائل مسألة قصد الصلاة عند قبور الصالحين والتي وقع فيها خلافٌ بين الشيخ ووالده؛ فدفعه ذلك إلى بحث المسألة في الكتب التي حوتها مكتبة والده فخرج بنتيجة مفادها حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور، وقد أقنع الشيخ -رحمه الله- والده بذلك. وكتب الشيخ في المسألة رسالة كانت نواة لكتابه النفيس «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد».
ترعرع الإمام الألباني في دمشق الشام، وفي أيام صباه هاله وراعه ما آلت إليه حال الأمة: من جهل، وخرافات وتقليد، وبدع، وضلالات، بل من شركٍ ووثنيات، فكان يُنكرها.
وقد سمعه شيخ من المشايخ -ذات مرَّة- وهو ينهى عن منكرٍ من المنكرات، فقال له ذلك الشيخ: ألم تسمع بحديث النبي ﷺ: «دعوا الناس في غَفَلاتهم»؟!
قال الألباني - وكان شابًا - : من روى هذا الحديث؟ وما هي درجته ؟
ففُوجِئ الشيخ بهذا الشاب، وعجز (بالطبع) عن إجابته؛ فراح الألباني يبحث في بطون الكتب، فيفتش ويبحث ويدقق النظر، حتى هداه الله عز وجل إلى الحديث بتمامه : «دعوا الناس في غَفَلاتهم، يُرزَق بعضهم من بعض»، فخرّجه، وبيَّن حال رواته، وعرف درجته. وكان فاتحةَ عمله بهذا العلم الشريف.