أتدرون ما هو أعجب شيء في الألباني رحمه الله، من وجهة نظري؟! ليس هو اطلاعه، فقد أوتي إطلاعاً ومعرفة بكتب الحديث المطبوعة والمخطوطة، من خلال فهرسته لكتب الحديث في المكتبة الظاهرية، ونقل من تلك الكتب والمجاميع أحاديث بأسانيدها وضمنها في الكتاب الذي صنعه في أربعين مجلداً وتكلم عنه في أول تحقيقه للجامع الصغير. ليس هو حسن ترتيبه وعرضه للمادة الحديثية في التخريج، بأسلوب سهل ممتنع؛ وقد تفرد باهتمامه بجمع الألفاظ الزوائد في روايات الحديث الواحد. وليس هو حرصه على السنة وتطبيقها ، وحث الناس على العمل بها. وليس وليس مما يذكر في فضائل الألباني رحمه الله؛ الشيء الذي كان يثير إعجابي طول نفسه في المجالس بالساعات يجلس ويجيب على الأسئلة، ولا يمتنع عن تكرار الجواب في مجالس قريبة فيعيد كلامه بطوله، وهذه من جرّبها عرف ما فيها من الصعوبة فإن الملل والسآمة تضيق قلب المتحدث، فلا يحسن تكرار الكلام، و لا يستطيع في العادة الشخص أن يجلس الساعات الطوال في مثل هذه المجالس؛ فهذا أعجب شيء في الألباني رحمه الله. استمعت إلى اشرطته التي سجلها في مجالسه في رحلته للأمارات من أولها إلى آخرها، فلم استعجب لما فيه من علم الشيخ وفقهه والفوائد العلمية فالشيخ معروف والحمد لله رب العالمين بهذا؛ إنما استعجبت من طول نفسه وصبره على المجالس المتكررة، والأسئلة المتكررة. وهذه هبة من الله للشيخ. ذكر الشيخ في شريط له أنه جلس مجلسا من بعد صلاة المغرب إلى صلاة الفجر مع مجموعة من الشباب يتبنون فكر التكفير ، وكانت مناظرة ومشاغبة واعتراضات وإجابات من الشيخ في هذا المجلس الذي انتهى برجوع الشباب عن فكر التكفير . والحمد لله رب العالمين. هل سمعت جلس مجلسا من بعد صلاة المغرب إلى صلاة الفجر وصلى معهم الفجر! مجلس مناظرة وبحث مع تكفيريين! هذا هو ما يثير العجب حقاً في الشيخ رحمه الله من وجهة نظري!