الرجل تشهد له الأمة الإسلامية بفضله وعلمه وورعه وتقواه وحبه الشديد للسنة والتفاني فيها. كما عرفته -رحمه الله- صبورًا على الدأب العلمي والتمحيص وقد عرفته من عام تسعين وثلاثمائة وألف أو قبلها بعام وأنا آنذاك كنت مع (جماعة أنصار السنة المحمدية) ثم تركتها؛ ومع ذلك ما كنت أستغنى عن كتابات الألباني -رحمه الله- وربما أُراه آنذاك عدوًّا ! لكن هذا أمر أعرفه عند كثير من الجماعات الإسلامية ربما كادت له لكنها لا تستغني عنه، فإن الرجل مليء، يحتاج الناس لمعاملاته كما يُحتاج لمعاملة صاحب المال.
ويدل على ذلك هؤلاء النفر الذين حققوا كتاب «الترغيب» للمنذري فكانوا ينقلون نقلًا لا مرية فيه، كما يقال عندنا في السودان: «نقل مسطرة»، ولمَّا توقف الشيخ بحيث لم يكمل الكتاب، تخبط هؤلاء الدكاترة كما فضحهم الشيخ لمَّا حقق الكتاب وأتمَّه .
وللشيخ مآثر كثيرة جدًّا، وقد لقيته عام 1397هـ والعام الذي يليه وكان في بيت (البنا) بجدة، وكان منزلًا عامرًا بارك الله فيه، وكنت قد سألته عن الإجازات وكنت ذا شغفٍ بها، فجزاه الله خيرًا لم يكن ذا اهتمامٍ بها، وإنْ كان هذا رأي جماعة من إخواننا السلفيين المعاصرين، وهو ممَّا لا شك فيه خطأ غفر الله لنا ولهم، ومع ذلك فقد (أجازني بكتبه، وأعْلَمني بإجازته عن علاّمة العصر الشيخ أحمد محمد شاكر -رحمه الله-)، والحق أحق أن يتبع . هذا منهج الشيخ -رحمه الله-. وهذا يوجد في المراجعات التي حصلت للشيخ تصحيحًا أو تضعيفًا فرح بها أصحاب الأهواء وطيروها كل مطير لمآربهم الفاسدة، ونسوا وتجاهلوا أو أنهم حقيقة على جهل ولعله هو الصواب في كثير ممن انتقد الشيخ كما يقول هو بنفسه -رحمه الله- «العلم لا يقبل الجمود». مثال تصحيحه لبعض الأحاديث ثم يطلع على آفاتها وعللها والسبب عدم وجود المراجع أو غياب كثير من المراجع وهو بما أُوتِيَ من همة، يسر الله له كثيرًا من المراجع، والناقمون على الشيخ في حقيقة الأمر إنما هم جهال، وتغير الحكم في المسألة كأنها قاعدة معلومة عند أهل الفن...
- مساعد بن بشير حاج السديرة السوداني -