بيان صحة حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل متى وجبت لك النبوة ؟ قال : ( كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد ) ، وبيان خطأ مَن زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أول مخلوق . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان صحة حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل متى وجبت لك النبوة ؟ قال : ( كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد ) ، وبيان خطأ مَن زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أول مخلوق .
A-
A=
A+
الشيخ : هل صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عندما سُئل : متى وجبت لك النبوة ؟ قال : ( بين خلق آدم ونفخ الروح فيه ) ؟

هذا حديث صحيح ، وطبعًا ليس له علاقة بالخرافة الشائعة ، نعم ؟ ليس للحديث علاقة بالخرافة الشائعة التي تقول : إن الرسول - عليه الصلاة والسلام - هو أول مخلوق ، ليس في الكتاب بل ولا في السنة أن الرسول - عليه السلام - هو أول مخلوق ، بل إن القول بأن الرسول - عليه السلام - هو أول مخلوق مصادَمَة للبديهة العقلية ؛ لأنه كيف يكون أوَّل مخلوق مَن كان جدُّه آدم - عليه الصلاة والسلام - ؟ فبين هذا الذي يُقال فيه : إنه أول مخلوق وبين آدم مئات الأجداد ، ثم يكون أول جدِّ له من الأعلى آدم ، ويكون الحفيد الحفيد إلى آخره هو مخلوقًا قبل جده الأكبر !! هذا معناه كما يُقال أن ندَعَ العقول ونتكلم بما يُخالفها .

ولذلك يضطرُّ بعض الناس إلى تأويل هذه الأوَّليَّة حينما يقولون أن الرسول - عليه السلام - ... خلق الله ، فتأتيهم هذه البديهة العقلية وتردُّ هذه الخرافة ، فيتأوَّلون الجملة ؛ لأنه ليس المقصود أنه مخلوق ببدنه ، وإنما مخلوق بروحه ، فيأتي هذا الحديث ويُبطِلُ هذه الدعوة - أيضًا - ؛ لأنه يقول : ( كنتُ نبيًّا وآدم بين الروح والجسد ) ، أما حديث : ( كنتُ نبيًّا وآدم بين الماء والطِّين ) فهذا حديث موضوع لا أصل له ، والصحيح هذا الذي أورَدَه الحافظ " ابن كثير " : ( كنتُ نبيًّا وآدم بين الروح والجسد ) . فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كُتِبَ نبيًّا ، ( كنتُ نبيًّا ) معناه كُتِبَ نبيًّا وآدم بين الروح والجسد ، أما خلقه فهو كخلق البشر كلهم ، وما ذلك إلا تحقيق بمثل قوله - تبارك وتعالى - : (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ )) ، فرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مع أن الله اصطفاه لنبوَّته ورسالته أوَّلًا ، ثم خصَّه بمعجزات وآيات كثيرة ثانيًا ؛ فهو مع ذلك كله لا يخرج عن كونه بشرًا كما نصَّ في الآية ، وأمَرَه بذلك بيانًا لهذه الحقيقة : (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ )) ، ثم جاءت السنة لتزيد الآية وضوحًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - في قصة سهوه في صلاة الظهر حينما صلَّاها خمسًا : ( إنما أنا بشرٌ مثلكم ) ، جاء هنا بالمثليَّة ، ( إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسَون ؛ فإذا نسيتُ فذكِّروني ) .

فإذًا هذا الحديث : ( كنتُ نبيًّا وآدم بين الروح والجسد ) ليس له علاقة بقولهم : إنه - عليه الصلاة والسلام - أوَّل خلق الله .

مواضيع متعلقة