كيف الرَّدُّ على مَن يقول بإخراج زكاة الفطر نقود ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف الرَّدُّ على مَن يقول بإخراج زكاة الفطر نقود ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ... الذين يقولون بجواز إخراج صدقة الفطر نقودًا هم مخطئون ؛ لأنهم يُخالفون نصَّ حديث رسول الله - عليه السلام - الذي يرويه الشيخان في " صحيحيهما " من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال : ( فَرَضَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم ـ صدقة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من أَقِط ) ، فعيَّن الرسول - عليه السلام - هذه الفريضة التي فَرَضَها الرسول - عليه السلام - ائتمارًا بأمر ربِّه إليه ليس نقودًا ، وإنما هو طعام مما يقتاته أهل البلد في ذلك الزمان .

ومعنى هذا الحديث أن المقصود به ليس هو التَّرفيه عن الناس الفقراء والمساكين يلبسوا الجديد والنظيف و و إلى آخره ، وإنما هو إغناؤهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم ، وفيما يليه من أيام بعد العيد ، وحين أقول : بعد العيد ؛ فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد ، وأما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقًا ، فعيد الفطر هو يوم واحد ، وعيد الأضحى أربعة أيام ، فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعهود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر ، ثم ما بعد ذلك من أيام طالت أو قَصُرت ، فحينما يأتي إنسان ويقول : لا نخرج القيمة هذا أنفع للفقير ؛ هذا يُخطِئ مرَّتين :

المرة الأولى : أنه خالف النَّصَّ والقضية تعبُّدية هذا أقل ما يقال .

لكن الناحية الثانية خطيرة جدًّا ؛ لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو ربُّ العالمين ، حينما أوحى إلى نبيِّه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة مُش داري هو ولا عارف هو مصلحة الفقراء والمساكين كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأنَّ إخراج القيمة أفضل . لو كان إخراج القيمة أفضل لَكان هو الأصل ، وكان الإطعام هو البدل ؛ لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرَّف بها حسب حاجته ، إن كان بحاجة إلى طعام اشترى الطعام ، وإن كان بحاجة إلى شراب اشترى الشراب ، إن كان بحاجة إلى ثياب اشترى الثياب ؛ فلماذا عَدَلَ الشارع عن فرض القيمة أو فرض دراهم أو دنانير إلى فرض ما هو طعام ؟ إذًا له غاية ، ولذلك حدَّد المفروض ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وفي غيره ، فانحراف بعض الناس عن تطبيق النَّصِّ إلى البديل الذي هو النقد ؛ فهذا اتِّهام للشارع بأنه لم يُحسِنِ التشريع ؛ لأنَّ تشريعهم هنَّ أفضل وأنفع للفقير !! هذا لو قصدَه كَفَرَ به ، لكنهم لا يقصدون هذا الشيء ، ولكنهم يغفلون فيتكلمون بكلام هو عين الخطأ ؛ إذًا لا يجوز إلا إخراج ما نصَّ عليه الشارع الحكيم ، وهو طعام على كل حال .

وهنا ملاحظة لا بد من ذكرها :

لقد فرض الشارع أنواعًا من هذه الأطعمة ؛ لأنها كانت هي المعروفة في عهد النُّبوة والرسالة ، لكن اليوم وُجِدت أطعمة نابَتْ مناب تلك الأطعمة ، فاليوم لا يوجد مَن يأكل الشعير ، بل ولا يوجد مَن يأكل القمح والحبَّ ؛ لأن الحبَّ يتطلب شيئًا آخر ؛ وهو أن يوجد هناك الطاحونة الجاروشة ، ويتطلَّب إن وُجد مع " الجاروشة " " تنُّور " صغير أو كبير كما هو لا يزال موجودًا في بعض القرى ، فلما هذه الأطعمة أصبحت في حكم المتروك والمهجور ؛ فيجب حينئذٍ أن نُخرج البديل من الطعام وليس النقود ؛ لأننا حينما نُخرج البديل من الطعام سِرْنا مع الشرع فيما شرع من أنواع الطعام المعروفة في ذلك الزمان ، أما حينما نقول : نخرج البديل وهو النقود ؛ وَرَدَ علينا أن الشارع الحكيم ما أحسَنَ التشريع ؛ لأننا نقطع جميعًا على أن النقود هي أوسع استعمالًا من نوعية من الطعام ، لكن لما رأينا الشارع الحكيم فرض طعامًا ، ووجدنا هذا الطعام غير ماشي اليوم ؛ حينئذٍ لازم نحط طعام بديله ، بديله مثلًا عندنا الرز ، أي بيت يستغني عن أكل الرز ؟ لا أحد لا فقير ولا غني ، إذًا منطالع بدل القمح منطالع ايه ؟ الرز ، أو منطالع السكر مثلًا ، أو برغل أو نحو ذلك مما هو طعام . يوجد في بعض الأحاديث الأقِط ، والأَقِط هو اللي بتسمُّوه أنتم هنا الجميد .

سائل آخر : اللبن .

الشيخ : اللبن المجمَّد ، نعم ، ممكن الإنسان يطالع من هذا الطعام ، لكن حقيقةً بالنسبة لنا نحن في سوريا في العواصم مُش معروف الجميد ، لكن في كثير من القرى معروف ، فإذا أخرج الإنسان جميدًا لبعض الفقراء والمساكين ماشي الحال تمامًا ، بس هذا يحتاج إلى شيء من المعرفة أن هذا الإنسان يستعمل الجميد ولَّا لا ، والذي أراه أنه يغلب استعماله ، كذلك منصوص في بعض الأحاديث التَّمر ، لكن أعتقد أن التمر في هذه البلاد لا يكثر استعماله ، كما يستعمل في السعودية مثلًا ، فهناك طعام ومغذِّي ، وربما يُقيتهم ويُغنيهم عن كثير من الأطعمة .

المهم الواجب ابتداءً وأصالةً إخراج شيء من هذا الأنواع المَنصوصة في نفس الحديث ، ولا يُخرج إلى طعام آخر كبديل عنه إلا إذا كان لا يوجد حوله فقراء ومساكين يأكلون من هذا الطعام الذي هو - مثلًا كما قلنا - الأَقِط الجميد أو التمر ، كذلك الزبيب - مثلًا - ، الزبيب عندنا يؤكل ، لكن ما هو إيش ؟ ما هو طعام اليوم يُدَّخر ويقتاتون به ، فالأحسن - فيما نعتقد ، والله أعلم - هو إخراج الرز ونحو ذلك ممَّا قلنا البرغل وإيش هذا اللي ؟ الفريكة ، الفريكة ؛ فهذه يعني أقوات يأكلها كلُّ الطبقات من الناس .

هذا جوابي عمَّا سألت يا أخي .

مواضيع متعلقة