متى يفطر الإنسان في السفر ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
متى يفطر الإنسان في السفر ؟
A-
A=
A+
السائل : ... تعطينا نبذة موجزة : متى يفطر المسافر ؟

الشيخ : هذا السؤال متى يفطر الإنسان في السفر ؟ له شعب ، متى يفطر الإنسان في السفر ؟ يمكن أن يقال في الجواب : إذا خرج من بلدته ، من بنيان بلدته ، وفي ظنِّي أن السائل لا يعني هذا فقط ، وكأني أشعر بأنه يعني ما هو السفر الذي يفطر فيه المسافر ؟

الحقيقة أن هذه المسألة - أيضًا - مسألة جرى فيها خلاف كثير وطويل جدًّا ، وليس هناك نص صريح من كتاب الله أو من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمكن أن يُعتبر نصًّا قاطعًا رافعًا للخلاف ، وإنما هناك الترجيح فقط ، ونحن مع أولئك الذين ذهبوا إلى أن مطلق السفر هو سفر تجري عليه أحكام السفر وأحكام المسافر ، وهذا مأخوذ من مثل قوله - تبارك وتعالى - : (( فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر )) ، كما أن الله - عز وجل - أطلق المرض في هذه الآية ، كذلك أطلق السفر ، فكل ما كان سفرًا سواء كان طويلًا أم قصيرًا ؛ فهو سفر تترتب عليه أحكامه ، ولا يُنظر بعد ذلك إلى المسافة ؛ أن يقال - مثلًا - : يوم وليلة ، أو ثلاثة أيام بلياليها ، أو نحو ذلك .

فإذا عرفنا أن هذا هو القول الراجح ، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمة في بعض كتبه ، بل وفي رسالته الخاصة في أحكام السفر التي كانت طُبعت في مجلدات خمس في جزء من أجزائه في مصر طبعة السيد محمد رشيد رضا - رحمه الله - في طبعته طبعة دار المنار ، إذا عرفنا أن السفر مطلقًا هو الذي يترتب عليه أحكام المسافر ؛ فحينئذٍ مجرد أن يخرج المسافر من بلدته تجري عليه أحكام المسافر ، فإذا نزل في بلدة أخرى التي كان قاصدًا إليها ؛ فهناك لا يزال مسافرًا ، - أيضًا - طالت أيامه كثرت أيامه أو قلَّت ، فهو لا يزال في حكم المسافر إلا إذا نوى الإقامة ، عزم على الإقامة هناك ، أما ما دام لم يعزم الإقامة وهو يقول في نفسه : اليوم أسافر ، وغدًا أسافر ، وهكذا ، فمهما كانت المدة التي أقام في البلدة التي سافر إليها طويلة ؛ فهو لا يزال مسافرًا . وقد ثبت أن الصحابة حينما خرجوا للجهاد في سبيل الله نحو خراسان من بلاد إيران اليوم ، هناك نزلت الثلوج بغزارة ، فقطعت عليهم الطريق طريق الرجوع إلى بلادهم ، فظلُّوا سنة أشهر وهم يقصرون الصلاة ! ستة أشهر ! لأنهم كانوا يأملون أن تزول هذه الثلوج ، إما بطريقة ربانية إلهية ، وإما بطريقة صناعية كما قد يفعلون اليوم في بعض البلاد .

إذًا بهذا نعرف أن السفر ليس له حدٌّ يسمى شرعًا ، وإنما هو على الإطلاق كالمرض ، وأن أحكامه تبدأ بمجرد خروج المسافر من بلدته ، فإذا وصل إلى البلدة القاصد إليها ؛ فهو لا يزال مسافرًا إلا أن يعزم الإقامة ، أما ما دام لم يعزم الإقامة ؛ فهو مسافر .

مواضيع متعلقة