الكلام على التلفظ بالنية وأنه ليس من تبييت النية ، وأنه بدعة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على التلفظ بالنية وأنه ليس من تبييت النية ، وأنه بدعة .
A-
A=
A+
السائل : ... .

الشيخ : لا ، النيات في كلِّ العبادات مقرُّها في القلب ، ويجب أن يعرف هذا كلُّ مسلم يهمُّه اتباع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وما اعتادَه جماهير المسلمين اليوم وما قبل اليوم وما تقرَّرَ في الكتب الفقهية من أن التلفُّظ بالنية سنة منهم مَن يقول : سنة مستحبة ، ومنهم مَن يقول في بعض الحواشي والشروح تفسيرًا لقول الماتن تحت عنوان " سنن الصلاة " فيعدُّ أول ما يعدُّ التلفظ بالنية ؛ يأتي المحقِّقون والباحثون فلا يجدون في سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - تلفُّظ بنية الصلاة مطلقًا ؛ فماذا يفعلون بقول هذا المؤلف وهو إمام من أئمة المذهب أو عالم من علماء المذهب وهو يحشر التلفُّظ بالنية في تحت عنوان سنن الصلاة ، فيضطرُّون أن يسلكوا طريق التأويل ؛ وذلك بلا شك أنصف من التخطئة الصريحة المكشوفة من حيث التأدُّب بعضهم مع بعض ، وإن كنا نحن نرى أن هذا وإن كان جميلًا من ناحية ولكن ليس جميلًا من ناحية أخرى ؛ ألا وهو الصَّدع بالحق ؛ لأنه يقول بعضهم في تفسير قولهم سنة يعني سنة المشايخ . سنة المشايخ ، إي هذا التأويل في فهمي أنا للموضوع مثل المثل العامي اللي بيقول : " كنا تحت المطر وصرنا تحت المزراب !! " ؛ يعني كنا في خطأ نسبة إلى الرسول - عليه السلام - أنُّو من السنة التلفُّظ بالنية هذا خطأ ، لكن خطأ جزئي ، لكن هذا التأويل الذي هو أشبه بالتَّرقيع فتح لنا كبير جدًّا ؛ وهو أنُّو فيه سنة الرسول - عليه السلام - وفيه سنة المشايخ ؛ فهل المشايخ كمان يسنُّون للناس ؟! هذا لا يجوز ، لكن هذا من شؤم التأويل وعدم المصارحة بالحقِّ ، كان بالإمكان أن يقول هذا الشارح أو ذاك المحشِّي أن يقول : لم يثبت كما يقول ابن القيم في " زاد المعاد " وغيره : لم يثبت عن الرسول - عليه السلام - ولا على السلف ولا عن الأئمة الأربعة أن التلفُّظ بالنية سنة . وانتهت المشكلة ، ومن ذا الذي لا يخطئ ؟ أبى الله أن لا يتم إلا كتابه .

ولذلك فالتلفُّظ بالنيات في كل الطاعات والعبادات من البدع الدخيلة في الدين ، فإذا قمت تصلي لا تقل : نوَيْتُ أن أصلي لله - تعالى - أربع ثلاثة ثنتين مقتدي منفرد إمام ؛ هذا كله لغو من الكلام ؛ لا سيما وأنت تباشر به ربَّ العالمين تقف بين يديه ، فتعبِّر له عن نيَّتك وهو يعلم السر وأخفى ، وإنما يجب أن تفتتح عبادتك وصلاتك بـ " الله أكبر " ، وقد جاء في " صحيح مسلم " من حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستفتح صلاته بـ " الله أكبر " ؛ بالتكبير ، فنحن نستفتح صلاتنا بالبدعة ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) .

وبهذه المناسبة أريد أن أذكِّر ؛ فقد قرأت آنفًا في كتاب لبعض إخواننا يقول في بعض البدع أن أقل ما يقال في هذه البدعة أنها خلاف الأولى ، الآن لا أستحضر هذه البدعة ، وأنا لا أرى لإخواننا السلفيين أن يتهاونوا في التعبير عن أيِّ بدعة مهما كانت يعني في الظاهر أنها سهلة وأنها لا خطورة فيها ؛ لا أرى أن يقولوا فيها أن خلاف الأولى ؛ لأن الرسول يقول : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، وهذا التعميم لم يدخله تخصيص ، صحيح أنُّو الضَّلالات ليست بنسبة واحدة ، لكن أقل واحدة منها هي ضلالة ، والضلالة لا يُقال إنها خلاف الأولى ؛ لذلك هذا التلفُّظ بالنية الذي نفتتح به الصلاة إنما نفتتح الصلاة بضلالة بين ما كان الواجب علينا أن نفتتح الصلاة بتكبير الله - عز وجل - .

كذلك الصيام الذي نحن في صدده الآن ، وأنه يجب تبييت النية في الفرض وفي رمضان ؛ ليس معنى تبييت النية أن يقول القائل بلفظه وبقلبه : نويت أن أصوم غدًا لله - تعالى - . لا ، قل في قلبك فقط ، استحضر نفسك أنك صائم ، واستحضر أنك غدًا عازم على الصيام ؛ هذا هو النية . كذلك في الوضوء لا يقول القائل : نويت رفع الحدث الأصغر ، وفي الجنابة : رفع الحدث الأكبر ؛ كلُّ هذا كلام هراء ، لمن تقول هذا الكلام ؟ لنفسك ؛ فأنت تعرف ما في نفسك ، لربك ؟ فهو أعرف منك بنفسك ؛ إذًا اتباعًا لنبيِّك ؟ نبيُّك لم يكن على شيء من هذا إطلاقًا ، فكان التلفظ بالنية في كلِّ مجالات العبادات أمرٌ ما أنزل الله به من سلطان .

في الحج - أيضًا - وهذا قد يخفى على بعض الناس ؛ في الحج يُذكر في كتب المناسك نويت الحج والعمرة لله ؛ هذا من هذا الباب ، لا يصح أن يقول : نويت إطلاقًا ، وإنما تلبِّي " لبيك اللهم بعمرة ، لبيك اللهم بحجَّة وعمرة " على حسب نيَّتك ، أما نويت فهذا كلام لغو ، إنما تقول : " لبيك اللهم بعمرة ، لبيك اللهم بحجَّة وعمرة " حسب ما هو عازم عليه من الحج أو العمرة ، إذًا فهذا الحديث الصحيح فيه دلالة على فرضيَّة تبييت النية في الصيام ، ولكن هذا الصيام مخصَّص لصيام رمضان والفرض كالنذر - مثلًا - ؛ بدليل حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي أشرنا إليه آنفًا ، وهو أول درسنا الآتي - إن شاء الله تعالى - ، وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة