هل يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد خاصَّة في هذه البلاد ؟ و تفسير : (( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ )) في قوله - تعالى - : (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ )) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد خاصَّة في هذه البلاد ؟ و تفسير : (( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ )) في قوله - تعالى - : (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ )) .
A-
A=
A+
الشيخ : هنا سؤال يقول : هل يمكن دفع الزكاة لبناء المساجد وخاصَّة في هذه البلاد ؟

أقول : لا ؛ لأن الله - عز وجل - صرَّح في القرآن الكريم بقوله : (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ )) ، ثم قال : (( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ )) ، قوله - تعالى - : (( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ )) لا يعني بالمعنى الأوسع الذي يذهب إليه بعض الكُتَّاب الإسلاميين ؛ ذلك لأن التوسُّع في فهم هذه الجملة من الآية يقضي على البلاغة التي تضمَّنَتْها هذه الآية بأداة الحصر من حيث قوله : (( إِنَّمَا )) ، إن من حيث الأصل للتنصيص على مصاريف مصارف الزكاة ، فإذا كان سبيل الله يشمل هذه الأنواع اللي صرَّحَ بها في الآية وغيرها مما لم يُصرَّح وهو أكثر وأكثر بكثير ؛ تذهب حينئذٍ دلالة القرآن وفصاحته المعروفة ، هذا شيء .

وشيء آخر لا يوجد في السنة التي عرفتم أنها تتولَّى بيان القرآن الكريم ما يساعدنا على توسيع دائرة الفهم لهذه الجملة : (( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ )) ، اللهم إلا في مسألة واحدة ، زيادة على المعنى المتبادر عند الإطلاق لهذه الجملة : (( سَبِيلِ اللَّهِ )) فهو الجهاد طبعًا ، فوُجِدَ في السنة ما يمكن أن نُدخِلَ في هذا الاسم (( سَبِيلِ اللَّهِ )) شيئًا آخر غير الجهاد ؛ ألا وهو صرفُ المال لبعض الفقراء للحجِّ إلى بيت الله الحرام ، هذا جاء النَّصُّ على ذلك ، وهو ما أخرجه الإمام أحمد في " مسنده " وأبو داود في " سننه " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما حجَّ حجَّة الوداع جاءت امرأة تُعرَف بأمِّ طَلْق شاكيةً زوجَها أبا طلق إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد رجوعه من الحج ، قالت : يا رسول الله ، حَجَّ أبو طلق على جمله فلان ، وطلبت منه أن يحجِّجَني معه على جمله الآخر فلان ، فأبى عليَّ ، فأرسل الرسول - عليه السلام - وراء أبي طَلْق ، وقال له : ( زوجك تقول كذا وكذا ) . قال : يا رسول الله ، جملي فلان - يعني الذي أشارت إليه المرأة وكانت طلبت إليَّ أن تحجَّ عليه - هو في سبيل الله ؛ كأنه يقول : موقوف للغزو عليه في سبيل الله ، فقال - عليه الصلاة والسلام - - وهنا الشاهد - : ( أَمَا إنَّك لو أحجَجْتَها عليه لَكان في سبيل الله ) ، فأخذ من هذا الحديث الإمام أحمد أن دفع الزكاة لإحجاج مَن لا يستطيع الحجَّ هو من سبيل الله ؛ فليس عندنا ما يساعدنا على توسيع معنى هذه الجملة إلى أكثر من أنها تشمل بالإضافة إلى الجهاد الحجَّ إلى بيت الله الحرام .

مواضيع متعلقة