كيف نشرح حديث : ( إنَّ الميِّت ليعذَّب ببُكاء أهله عليه ) ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف نشرح حديث : ( إنَّ الميِّت ليعذَّب ببُكاء أهله عليه ) ؟
A-
A=
A+
السائل : حديث : ( إنَّ الميِّت يُعذَّب ببُكاء أهله عليه ) أو كذلك .

الشيخ : إي نعم .

السائل : كيف شرحه ؟

الشيخ : هذا قد جرى خلاف بين عائشة وبين ابن عمر وغيره من الصحابة ، فالسيدة عائشة - رضي الله عنها - أنكرت هذا الحديث ، وقالت إنما قال - عليه السلام - هذا الحديث بالنسبة لبعض اليهود كانوا يبكون على ميتهم ، لكن علماء الحديث .. لكن علماء الحديث ما وافقوها على الإنكار ، ذلك لأن الحديث : ( إنَّ الميت ليُعذَّب ببكاء أهله عليه ) رواه جماعة من الصحابة غير ابن عمر رواه أبوه عمر ، وغير عمر وابنه عبد الله رواه أيضًا المغيرة بن شعبة ، ولذلك فلا مجال لتوهيم ابن عمر كما فعلت السيدة عائشة ، كان يمكن هذا التوهيم لو كان ابن عمر وحدَه قد روى هذا الحديث ، لكن ما دام أن معه أبوه ومعه المغيرة بن شعبة فالثلاثة أحفظ من الواحد وهي عائشة ، لو كان ابن عمر لوحده كان يمكن حينئذٍ أن يُغلَّب رأي عائشة وقولها على قول ابن عمر ، ذلك لأن السيدة عائشة - رضي الله عنها - - كما تعلمون - هي زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تصاحبه ما شاء الله في أكثر الأوقات ، بخلاف عبد الله بن عمر ، فلو كان ابن عمر هو وحده روى هذا الحديث وخطَّأته عائشة - رضي الله عنها - كان يمكن أن نقبلَ تخطئتها ونتبنَّى حديثها دون حديث ابن عمر كما وقع لها في قضيَّة أخرى ؛ وهي أن ابن عمر حدَّث بأن ( النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في شهر رجب ) ، فقيل لعائشة : اسمعي عبد الله بن عمر ماذا يقول ؟ قالت : ماذا تقول ؟ ماذا يقول ؟

قالوا : يقول : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في شهر رجب " ، فقالت: " لقد ذهلَ عبد الله ابن عمر - يرحمه الله -، ما اعتمر رسول الله عمرةً إلا في ذي القعدة " . جاء في بعض الروايات أن عائشة لما ذكرت هذا سمع كلامها ابن عمر فما تكلَّم بكلمة ، مما يُشعر أنه كأنه شعر بأنه فعلًا هو واهم .

السائل : ... .

الشيخ : نعم .

السائل : أخطأ .

الشيخ : أيوه ، إي لكن حديثنا : ( إن الميِّت ليُعذَّب ببكاء أهله عليه ) لا سبيل إلى تبنِّي رأي عائشة وتخطئة عبد الله بن عمر كما فعلنا في حديث العمرة لما ذكرته آنفًا أن مع ابن عمر عمر نفسه والمغيرة بن شعبة .

فيه شيء لا بدَّ من ذكره ؛ لأن سؤالك الجواب عليه ما تمَّ ، سؤالك كان عن الحديث إيش المعنى ؟ إيش المقصود منه ؟

للعلماء قولان في تفسير : ( يعذب ببكاء أهله عليه ) ، منهم من يقول : " إن العذاب المذكور في الحديث هو عذاب الآخرة " ، ومنهم من يقول : " المقصود بالعذاب هو التألُّم والحزن " ، والذي يقول هذا القول يعني أنَّ الميت يسمع بكاءَ الأحياء عليه ؛ فيأسف لأسفهم ، ويحزن لحزنهم ، هذا هو العذاب الذي عناه الرسول في الحديث في قول البعض . أما الأولون - وهم الجمهور - يقولون : " يُعذَّب فعلًا " ، وهنا يَرد قول السيدة عائشة المذكور والمشار إليه آنفًا إنو هي لماذا أنكرت هذا الحديث ؟ لأنها فهمت أن العذاب هنا هو العذاب بمعنى التألُّم إما بالنار أو بالزَّمهرير أو مما شابه ذلك مما هو معروف ، فقالت : " لماذا يُعذَّب هذا والله - عز وجل - يقول : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) " ، أجاب العلماء عن هذه الشُّبهة بأن المقصود من الحديث على المعنى الذي ذهب إليه الجمهور أنَّ العذاب المعروف أنه إنما يعني به الميت الذي يموت ولا يُوصي ، ولا ينصح أهله بأن لا يبكوا عليه ، أما إذا قام بواجب التَّذكير وواجب النصيحة ثم بكوا عليه فلا يضرُّه ذلك ؛ لأنه قد أدَّى الواجب .

هذا مع ملاحظة أن المقصود بالبكاء ليس هو مطلق البكاء ، وإنما المقصود به النياحة ورفع الصوت برفع الصوت إذا كان الميت لم ينصح ، ولم يذكِّر أهله قبل وفاته بأنه إذا جاءتني الوفاة ؛ فلا تصيحوا ، ولا تنوحوا ؛ لأنو هذا بيكون سببًا - ليس لعذابكم فقط - بل وسبب لعذابي أنا ، على هذا يُفسَّر الحديث وخلاصة ذلك : أن الميت الذي لم يُذكِّر أهله بما يجب عليه من النُّصح إذا مات أن لا يبكوا عليه ؛ فهذا الذي هو يُعذَّب ، وليس العذاب بمعنى الألم والحزن ؛ وإنما هو بمعنى العذاب الذي يستحقُّه العاصي يوم القيامة أو في القبر ، ويؤيِّد هذا المعنى من السنة ومن النَّظر أيضًا :

أما السنة ؛ ففي رواية للمغيرة بن شعبة قال : ( إنَّ الميِّت ليُعذَّب ببكاء أهله عليه يوم القيامة ) . يعذَّب يوم القيامة ، بينما التفسير الثاني الذي فسَّر العذاب بالألم ؛ فهو يعني وهو في القبر ، إنما حديث المغيرة يقول : ( يُعذَّب يوم القيامة ) .

أما النظر ؛ فسأذكره قريبًا - إن شاء الله - .

فالتفسير الثاني : أنه يتألَّم ؛ فمعنى ذلك أن الميت إذا مات ما انقطعت علاقته مع الناس ؛ فهو يحسُّ بهم ويتألَّم بألمهم ... وهذا الكلام ليس صحيحًا ؛ لأن الميت إذا مات انقطعت علاقته بهذه الحياة الدنيا ؛ فهو لا يسمع ولا يحسُّ بشيء كما قال - تعالى - : (( وما أنت بمسمع من في القبور )) (( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء )) ، فإذًا الأموات لا يسمعون ؛ فكيف يقال إن الميت إذا بكى وناح أهله عليه هو يحسُّ ببكائهم ويتألَّم لألمهم ؟ هذا المعنى مع مخالفته للحديث : ( يُعذَّب يوم القيامة ) فهو يخالف نصوصًا أخرى في الكتاب في السنة التي تدلُّ على أن الميت لا يسمع ولا يحسُّ ، فإذًا المعنى الأول هو المعنى الصحيح ... مما جنحَ إليه من فسَّر عذاب الميت بأنه الألم والمشقة وليس العذاب بمعنى النَّكال الذي يلقاه الكافر أو الفاسق ؛ لأن قوله - عليه السلام - : ( السَّفر قطعة من العذاب ) لا يعني عذاب جهنَّم ، وإنما المشقَّة ، لكن يرد على هذا ما ذكرته آنفًا أن الميت إذا مات انقطعت علاقته مع الدنيا فلا يحسُّ بشيء ولا يسمع ولا أي شيء .

السائل : شيخنا ، فيه حديث يقول: يُضغط على المؤمن في قبره ... ويوضع على الكافر نارًا ، إيش شرح الحديث هذا ؟

الشيخ : ما فيه هكذا حديث ، فيه لفظة القبر ، أو في ضرب المزربَّة بالنسبة للكافر أو المنافق فهذا ... .

السائل : نأتي بالكتاب يا شيخ .

الشيخ : آه .

السائل : نأتي بالكتاب ؛ لأنو هو ذكر إنو في " المسند " - " مسند أحمد " - .

الشيخ : هات الكتاب ، من العذاب .

السائل : من العذاب .

الشيخ : إي .
  • فتاوى رابغ - شريط : 1
  • توقيت الفهرسة : 00:07:50
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة