هل مَن مات في جهاد الدفع يكون شهيدًا ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل مَن مات في جهاد الدفع يكون شهيدًا ؟
A-
A=
A+
السائل : الجهاد ... في الإسلام عظيم ، ولا يقوم به إلا قويُّ الإيمان .

الشيخ : إي نعم .

السائل : والإسلام انتشر بالجهاد ، فما هو الأهم الذي يمكن اليوم أن يبدأ في التربية التي ذكرت هنا أم أن يحمل بندقية ... ؟

الشيخ : ما يستطيع أن يحمل بندقية اليوم .

السائل : الشق الثاني للسؤال : هل الذي يحمل بندقية اليهود دفاعًا عن عرض المسلمين ... اليوم يُعتبر شهيد ؟ ( إنما الأعمال بالنيات ) طبعًا .

الشيخ : أنا هذا السؤال أجبته .

السائل : ... .

الشيخ : سأل هنا أحد الإخوان ، إي ، هذا الشق الثاني من السؤال قد أجبته ؛ قلت : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، فإذا خرج ليجاهد ليدافع عن أرض وبس هذا ليس جهادًا في الإسلام .

السائل : كان الكفار احتلوا .

الشيخ : وإنما يدافع عن أرضه على اعتبار أنها أرض مسلمة ، يدافع عن أرضه على أنها على اعتبار أنها أرض مسلمة ، ويدافع عن أرضه ليتمكَّن من أن يجعل فيها كلمة الله العليا ، ويجعل كلمة الذين كفروا السفلى ، لا يقاتل عن أرضه كما يقاتل " جورج " و " أنطنيوس " وأمثاله ، وإن حب الوطن غريزة للبشر كلها ، فأنت بتشوف الأمم يحطِّم بعضها بعضًا في سبيل ماذا ؟ في سبيل الدفاع عن الوطن ؛ ففي هذه الناحية لا فرق بين مسلم وكافر ، مثل ما الإنسان بيدافع عن نفسه هل هناك فرق بين مسلم وكافر ؟ بيدافع عن ماله ، بس المسلم بيدافع عن ماله ؟ كمان الكافر .

السائل : ... .

الشيخ : أيوا ، فهذه حقائق يشترك فيها المسلم والكافر ؛ ولذلك فلا بد من أن يكون في المسلم حينما يُجاهد الكافر ويُقاتله ليُخرِجه من أرضه لا بد أن يتميَّز في قتاله لهذا الكافر عن قتال الكافر للكافر في سبيل الأرض ؛ فما هو الشيء الذي يتميَّز به المسلم حينما يقاتل في سبيل الدفاع عن أرضه ؟

الجواب في حديث البخاري الذي يرويه في " صحيحه " عن أبي موسى الأشعري قال : قالوا : يا رسول الله ، الرجل منَّا يقاتل حمية ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قالوا : يا رسول الله ، الرجل منَّا يقاتل عصبيَّة شجاعة - عدَّد أنواع كثيرة - هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قالوا : فَمَن في سبيل الله ؟ قال : ( مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) .

فالقتال الذي يُعتبر صاحبه شهيدًا هو هذا الذي يُقاتل في إخراج العدو من أرضه في سبيل الله مو في سبيل الأرض ، ما في فرق بين أرض وأرض إطلاقًا ، ولكن في فرق بين أرض يُعبد الله فيها وحده لا شريك له ، وبين أرض يُكفر بالله - عز وجل - وما شَرَعَه للناس .

لذلك فنحن اليوم أصبحنا في زمن مع الأسف الشديد أصبحت كلمة الشهادة تُطلق على كل مقتول ، عندنا في الشام يُقتل إنسان وهو فاجر فاسق ولو كان هناك حكم شرعي لَقَتَلَه ؛ فيعتبر القتيل إيش ؟ شهيد ، وبيحملوه على أيديهم وبيقولوا : " لا إله إلا الله " والـ إيش ؟ " والشهيد حبيب الله " ، ما في فرق بين مسلم وبين كافر ، بين صالح وبين طالح ، أصبحت الشهادة في الواقع لها إيش ؟ معنى واسع وواسع جدًّا ؛ بحيث أنُّو يشمل حتى الكافر ، حتى الكافر ؛ ولذلك أظن تذكرون معي " جول جمال " ، إي هذا صار شهيد !! وهذا .

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : ... .

الشيخ : بس هذا أشهر عندنا " جول جمال " فُتحت مدارس باسمه ، والله أعلم شو قصته أيضًا ، نحن نعرف حقيقة أمره - أيضًا - من ناحية الواقع ، ولكن هذا من أين جاءت له الشهادة ؟ جاءت له شهادة بمعنى وطني ، لكن الشهادة في الإسلام لها إيش ؟ معنى خاص لا يناله المسلم نفسه ؛ لأن الرسول يُسأل في هذا الحديث عن مين ؟ الرجل منَّا ، هذا ما بيحصِّل على الشهادة حتى يقاتل في سبيل الله - عز وجل - .

ولذلك عندنا - أيضًا - في " صحيح البخاري " وهو أصح الكتب بعد كتاب الله أن رجلًا قاتل في غزوة خيبر قتالًا شديدًا حتى عَجِبَ الصحابة الشجعان الأبطال من قتاله ، الأبطال يعجبون من قتاله ؛ فكيف يكون هو هذا المقاتل ؟ حتى جاء بعضهم وذَكَرَ من استبسال هذا الإنسان عجبًا ، فكانت مفاجأة للصحابة أن قال لهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - : ( هو في النار ) .

السائل : ... .

الشيخ : يُسمَّى قدمان في روايات ضعيفة ، أما الرواية الصحيحة لا يسمَّى .

المهم أجابهم - عليه السلام - بأنه في النار ، هذا الذي يقاتل أشد قتال أشد من الصحابة يحكم الرسول - عليه السلام - بأنه في النار ، يقول هذا الصحابي ما معناه : أخذ يُراقبه حيث ما هجم ركض وراءه ، حيث ما مالَ مالَ معه ، بدو يشوف شو مصير الإنسان والرسول - عليه السلام - لا يتكلَّم إلا وحيًا من السماء ، ما شافوه غير يزداد قتاله واستبساله لا يبالي بالموت ، قالوا له : يا رسول الله ، فلان كذا وكذا ؟ قال : ( هو في النار ) ، وهكذا ثلاث مرات ، لما قال لهم في المرة الثالثة : ( هو في النار ) . قال أبو هريرة : كِدْنا أن نشكَّ ؛ يشكُّوا في قول الرسول ، ثم سرعان ما جاء الخبر بأن فلانًا كَثُرَت فيه الجراحات ؛ فلم يصبِرْ لها ، فوضع ذؤابة سيفه واتَّكأ عليه ، فخرج من بطنه ، ركض هداك الرجل اللي كان إيش ؟ عم يتحرَّاه ويتَّبَّعه إلى الرسول - عليه السلام - قال : يا رسول الله ، فلان الذي حدَّثتنا عنه كذا جاء فعل كذا وكذا . قال : ( الله أكبر صدق الله ورسوله ؛ إن الله لَينصُرُ هذا الدين بالرجل الفاجر ) ، هذه مناسبة الحديث ، الحديث المشهور : ( إن الله لَينصُرُ هذا الدين بالرجل الفاجر ) هذه مناسبته ، مَن هو الرجل الفاجر ؟

اللي يُقاتل في سبيل الله ظاهرًا ، يقاتل في سبيل الله ، يقاتل الكفار لكن باطنًا ماذا كان يعني ؟ اسمعوا ؛ قال : ( الله أكبر ! صدق الله ورسوله ؛ إن الله لَينصُرُ هذا الدين بالرجل الفاجر ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة - فيما يبدو للناس - وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وهو من أهل الجنة ) ، وهذا يُفسره - أيضًا - حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في " الصحيحين " : ( وإنَّ الرجل لَيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار ؛ فيدخلها ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار ؛ حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة ؛ فيدخلها ) .

إذًا هذا الإنسان الذي قاتل أشد القتال في غزوة خيبر وما قاتل إلا اليهود كما نقاتل نحن اليوم اليهود ، لكن مصيره إيش ؟ النار ، لماذا ؟ لأنه تبيَّن فيما بعد أنه ما قاتل إلا حمية وشجاعة ، ما قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهذا جواب الشطر الثاني من سؤالك .

أما الشطر الأول من السؤال .

السائل : ... ( مَن قاتل دون عرضه ودون ماله فهو شهيد ) ؟

الشيخ : صحيح .

أما الشطر الأول من الجواب من السؤال فهو أن الجهاد الذي هو الجهاد فعلًا ما بيحصل إلا لِمَن فَهِمَ العقيدة الإسلامية ، وهذا الذي ذكرناه من العقيدة الإسلامية ، قال - تعالى - : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) ، فهذا الجهاد الذي هو الشهيد حقًّا ما يمكن للإنسان المسلم أن يحظى به إلا على أساس فهمه لعقيدته وتربيته على دينه ، من هنا يأتي الجهاد ، ما يأتي الجهاد من حماس ومن هتافات ما هي قائمة على أساس من الفهم للكتاب والسنة .

الإسلام هو الذي وُجِدَ فيه الجهاد ، أما الدول والأمم الأخرى لا يوجد عندهم جهاد ، تعرفون هذه الحقيقة ولَّا لا ؟ أظن ما تعرفونها ، ما يعرف هذه الحقيقة الأكثرون ، كل الأمم عندهم قتال وليس عندهم جهاد في سبيل الله ، إنما الإسلام فقط هو الذي شُرِعَ فيه الجهاد في سبيل الله ، الآخرون إنما يقاتلون ولا يجاهدون في سبيل الله ؛ ولذلك فبعضهم أعداء لبعض ، أما المسلمون فيجمعهم كلهم الجهاد في سبيل الله غاية واحدة لا شريك لها في قلوبهم وفي اعتقادهم .

فإذًا لا بد من " التربية والتصفية " ، نحن نرى أنُّو هذا هو السبيل ، وأكبر دليل أن المسلمون يعملون منذ نصف قرن ، مكانك راوح ، لا يتقدَّمون إن لم يتأخَّروا .

نعم .

مواضيع متعلقة