إصرار السَّائل على حصر الناس بمرتبتين : عالم ومقلد ، وأن فسح المجال لمرتبة وسطى وهي الاتِّباع نتيجته أن يتطاول على مرتبة العلم مَن ليس هو أهل . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إصرار السَّائل على حصر الناس بمرتبتين : عالم ومقلد ، وأن فسح المجال لمرتبة وسطى وهي الاتِّباع نتيجته أن يتطاول على مرتبة العلم مَن ليس هو أهل .
A-
A=
A+
السائل : أنا أرى أنني قرأتُ في هذا الباب ما يُشير بعد أن يذكر مسألة الاتباع كالدهلوي - مثلًا - في " حجة الله البالغة " يشرح ويقول في هذا الباب مثلًا ، كابن القيم كتاب " آداب الفتوى " قسم آداب الفتوى ، كتابه " إعلام الموقعين " ، يقول : أن هذا المتَّبِع إن أخذ في كل أدلة في هذه المسألة فقط ... رتبة المجتهدين ، وإن لم يعلم الأدلة كاملة في هذه المسألة فما زال في رتبة المقلدين ؛ حين ذاك أصبح إعطاء هذا الاسم هو لا يعطي مرتبة كاملة ، بل هي إما إلى الأولى وهي الاجتهاد ، أو إلى الثانية وهي التقليد ويبقى مقلد ، وبعض الأدلة البسيطة ، نحن بعض الأدلة البسيطة ... .

نحن كطلبة علم بسطاء درسنا على أيدي بعض أهل العلم ... كتاب " أسباب الهداية " ، أو كتاب " الاختيار " ماذا يُوصف مؤلفه وهو من طبقة المقلدين القادر على التمييز بين الضعيف والقوي والراجح والمرجوح ؟ ولم ... - مثلًا - لم يُؤخذ ... لو كانت صفة معلومة ... من طبقة المتَّبعين ... مع أنه ... حسب ... طبقة المتَّبعين ، فنرى أن أهل العلم ما نقلوه إلينا ... بقي اسمه مقلدًا ، وبقي في مرتبة التقليد . ولا شك أن هناك فائدة ، رغم أن الخلاف لفظي إلا أنه يبقى هناك فائدة ؛ أنه تبقى محدود معلوم أين هذا العامي موقعه ؟ وأين هذا العالم موقعه ؟ فلا يتطاول على مرتبة العلم مَن ليس هو أهل ، ولا يتطاول على مرتبة الاجتهاد مَن ليس هو له أهل ؛ حتى لا يقع الناس فيما وقع به ذلك الصحابي المبتلى بالجنابة ، فابتُلِيَ بالموت نتيجة فتوى جاهل .

لذلك كان لا بد من التحديد أن هذا عامي مقلد ، هذا عالم مجتهد ؛ حتى لا يقع الناس في مرتبة وسطى أواسط المتعلِّمين ، الذين قد يدَّعون أنهم وصلوا إلى الاجتهاد فيقتلون ويُهلِكون .

تفضل .

الشيخ : هالإضافة تفصيل يُطابق الواقع يُوجِد المحذور الذي يخشاه كل مسلم ؛ يعني إذا بَقِيَ هناك مرتبتان بدون اصطلاح والواقع ثلاث مراتب ، فغَضَضْنا النظر عن المرتبة الوسطى ، وما عبَّرنا عليها بالاتباع ، فبَقِيَ مرتبة الاجتهاد وبَقِيَ مرتبة التقليد ، هل الاقتصار فقط على هذا الاصطلاح يُنجينا من المحذور الذي أشرنا إليه بالحديث وأعدت التذكير به ؟ علمًا أنُّو نحن نعمل كما تعلم أنُّو هذا الاصطلاح - أي : المرتبة الوسطى - ليس في أذهان العالم الإسلامي اليوم إلا أفراد من أهل العلم قليلين جدًّا ، ومع ذلك المحذور الذي تخشاه أنت واقع ، مع عدم وجود هذه المرتبة في أذهان جماهير المسلمين فالمحذور الذي تخشاه أنت واقع .

السائل : ... .

الشيخ : فإذًا السبب أنهم لم يتَّبعوا الحكم القائلة : " مَن عرف نفسه فقد عرف ربَّه " ، السبب أن ناس أُصِيبوا بغرور ، أُصِيبوا بالعجب ؛ ولذلك تجد الفتاوى الغريبة العجيبة تصدر مِن مَن يُقال : إنهم من العلماء ، وهم ربما في ميزان أهل العلم لا يستحقُّون أن يكونوا من طلبة العلماء .

السائل : صدقت .

الشيخ : إذًا - بارك الله فيك - المحذور الذي تخشاه لم يكن أثرًا من هذه المرتبة الوسطى التي نسمِّيها نحن بالاتباع ؛ لأنُّو أوَّلًا هذه المرتبة ذهن العالم الإسلامي مش متشبِّع بها ، مع ذلك المحذور واقع ، فإذًا أنت ... .

السائل : مناطق ومناطق أستاذ .

الشيخ : اسمح لي شوي ، لم يرد ، هذا جانب فرعي ، مناطق ما بدنا نعدّ البلاد بقى أي منطقة ؟ منطقتنا ولَّا في ... ولَّا مصر .

السائل : ... .

الشيخ : اسمح لي شوي ، ليس هذا بحثنا الآن ؛ فهذا المحذور الذي تخشاه ليس هو سببه أنُّو بعض العلماء جاروا بتعبير الاتباع عن مرتبة هي فوق التقليد المحض ودون الاجتهاد ، هذا المحذور جاء من فساد النفوس وفساد القلوب ، هذه واحدة . الأخرى : أشَرْتُم إلى أن ابن القيم كأنه ألحق المتَّبع للمجتهد .

السائل : نعم .

الشيخ : أنا لا ما أعتقد هذا ، وأنا أرجو أمرين اثنين : الأول : أن تعيد وأعيد النظر في كلام ابن القيم ، والرجاء الثاني أنُّو يكون لنا لقاء ثاني ، لقاء ثاني لأجل فقط .

السائل : ... .

الشيخ : ... بس ، لا لأنُّو المسألة هامة أبدًا ، لأنُّو .

السائل : مراجعة النص .

الشيخ : بس ، ولَّا ... حينما اتفقنا .

السائل : على ؟

الشيخ : أنُّو المقلد زائد صفر دون المقلد زائد عالم بحديث .

السائل : ويبقى مقلد .

الشيخ : فضلًا . ما يهمني هذا الاصطلاح كله ، أنا يهمُّني هذه الحقيقة التي يعترف بها كل عاقل وكل طالب علم ؛ أن المقلد زائد صفر دون المقلد زائد حديث ، ومقلد زائد حديث خير من مقلد زائد صفر ، أنت بقى تسمِّي هالمقلدَين مقلدَين الله يبارك لك بهالتسمية ، أنا أسمِّي المقلد الذي على علم بحديث أسمِّيه متَّبع كمان أنت بارك لي بالمثل ؛ لأنُّو (( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )) ؛ لأنُّو لا محظور هناك إطلاقًا .

السائل : هو لا محظور .

الشيخ : لأن المحظور اللي أنت صوَّرته آنفًا وقلت أنُّو حتى الإنسان ما يسطو على مرتبة ليس ... هذا - يا أستاذي - ليس من هذه التسمية ، وليس من هذا الاصطلاح ، كما أنُّو ليس من الاصطلاح أنُّو هناك علماء مجتهدون وهناك مقلدون ، وإنما جاء من الفرار ونكوص المسلمين بأنفسهم وَمِن تجاوزهم لحدودهم ولمعلوماتهم ، فوقعنا في هذا الذي يشكو منه كل مسلم .

السائل : صدقت ، لكن سيدي من ناحية أن السبب في ذلك الغرور ؛ أنا معك هو سببٌ ولكن ليس كل السبب ، كذلك - مثلًا - في المناطق التي يُكثر فيها التقوُّل بأن علينا أن نأخذ من الكتاب والسنة مباشرةً نجد أمثال هؤلاء كثير ، أما في المناطق التي تتَّبع المذهب تحافظ على ما كانت عليه أمَّتنا على مرِّ العصور لا نجد هذا الداء منتشر ، قد نجده بين إنسان جاهل أمِّيٍّ ، لكن مشكلتنا لا نجدها إلا بين أشخاص يُجالسون أهل علم يُوضع في أذهانهم أن عليكم أن تأخذوا من الكتاب والسنة مباشرةً ... مثل هذا الداء قد انتشر في هذا البلد ... أقولها عن تحسُّس الواقع .

الشيخ : اسمح لي لأقول لك ، قولك : يُوضع في أذهانهم ؛ هذا ليس صوابًا ، وقد ذكرت هذا في مطلع الكلام ، الذي يُوضع في أذهانهم باختصار آخر هو ما يأتي : يجب على كل مسلم أن يتَّبع الكتاب والسنة ، وكلٌّ بحسبه ؛ مَن كان عالمًا في المرتبة العليا فهو يأخذ من الكتاب والسنة ، وحرام عليه التقليد ، وهذا نصُّ العلماء ، مَن كان دون ذلك من المراتب وهي كثيرة كما ألمحت آنفًا نأتي إلى هذا الرجل الأمي لا يقرأ ولا يكتب ، لكن يفهم اللغة العربية معنى حديث ، فيعمل به وقد عَلِمَ أن بعض الأئمة عمل به ؛ هذا الذي نحن .

السائل : تقليدًا لذلك الإمام .

الشيخ : ... لا لا .

السائل : ... .

الشيخ : ... يا أستاذي ، ما ننسى النقطة التي نحن نعلِّق عليها الآن ؛ ليس هناك مَن يُلقَّن وليس هناك مَن يُلقَّن أنه يجب أخذ الحكم الشرعي على كل إنسان من الكتاب والسنة مباشرةً كما قلتَ ونقلتَ ، أنا أقول لك بكل صراحة : هذا لا يجوز لمسلم أن ينسب هذا لمسلم ؛ لأن هذا خلاف الواقع ، وهذا .

السائل : هو عين الواقع .

الشيخ : نعم ؟

السائل : رجاء سيدي .

الشيخ : اسمح لي .

السائل : سيدي ، الرجاء .

الشيخ : ما هو هذا الواقع - بارك الله فيك - ؟

السائل : نحن مَا نتلمَّسه من الواقع .

الشيخ : لا لا ، أرجوك باختصار أنا قلت لك كلمتين مختصرتين ؛ أنا أقول : ليس هناك مَن يلقِّن .

السائل : الحمد لله .

الشيخ : إذا سمحت ؛ حمد الله بعد تمام العبارة ، وقد ... العبارة إذا وضحت لك .

السائل : أنت قلتها وأنت تريد ... .

الشيخ : أرجوك أرجوك .

السائل : تفضل .

الشيخ : ليس هناك مَن يلقِّن وليس هناك مَن يلقَّن هذا الذي تنسب وهذا الذي تنقل .

السائل : الحمد لله ، نستغفر الله ونتوب إليه .

الشيخ : اسمح لي ، أقول أخرى بقى مقابل كلامك السابق ، أنت قلت أنُّو في المنطقة أو في البلدة أو أو إلى آخره يسمع مثل هذا الكلام ، يعني أنُّو مجرد ما صح الحديث يعمل به ، ولو كان هو إيه ؟ ليس أهلًا للعمل به ؛ لأنُّو لا فَهِمَه ولا دَعَمَه بفهم مَن سَلَفَه ، شايف ؟ أنا أقول : هذا قد يمكن أن يوجد ، وإيش المحظور من ذلك إذا كانت أصل الدعوى صحيحة ؟ كما لو قلنا : رجل يجتهد ، دع العامة بقى ؛ هو يجتهد لكن ليس أهلًا للاجتهاد ، ويطالع فتاوى ويحلُّ الربا ونحو ذلك من النواهي و و إلى آخره ؛ فماذا نفعل ؟ نقول : لا اجتهاد في الدنيا ؟! في اجتهاد وله أهله ، لكن إذا مَن ليسوا بأهله ادَّعوا الأهلية ماذا نفعل لهم ؟ ننصحهم ونذكِّرهم .

السائل : جزاك الله خيرًا .

الشيخ : مقابل هذا نقول في المجتمعات الأخرى حيث ليس هناك هذا التبصير الذي نحن ندعو إليه وجعلناه مرتبة بين مرتبتين ؛ هناك هذه الأجواء لم يبقَ ذكر لهذا التبصُّر إطلاقًا ، قال الشَّيخ كذا ؛ انتهى الأمر !! بدليل أنُّو ليس رجل قضى شطرًا من عمره في الكتاب وفي السنة وفي دراسة أقوال الأئمة واجتهاداتهم و و إلى آخره فتبنَّى من ذلك قولًا هو أقرب ما يكون للكتاب والسنة في فهمه ، يأتي إلى رجل عامي فيقول له : قال الله كذا قال رسول الله كذا ؛ وإذا بنا نسمع ما هو على الأقل كفر لفظي ، وأنت فاهم ماذا أعني بكفر لفظي ، يعني لا يُحكم على قلبه ، لكن هذا اللفظ لا يجوز أن يُقال ، وإذا به يقول : لا ، أنا شيخي ... شيخي يقول كذا .

طيب ، هذه سيِّئة تنتج من عدم الدعوة إلى مثل ما قال الله - عز وجل - في كتابه الكريم : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) ، فليس الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - هو فقط مأمور بأن يكون على بصيرة في دينه ، وهو بلا شك على بصيرة في المئة مليون ، لكن المقصود بهذه الآية حقيقةً كما أفهم ليس هو الرسول ؛ لأنُّو الرسول معروف بالتبصُّر ، وإنما الأتباع ، (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) .

فنحن نعتقد أن البصيرة لا تكون في الوقوف عند النقطة الأولى وهي تقليد بدون حديث بدون دليل ، وإنما البصيرة تكون دليل زائد حديث الرسول - عليه السلام - زائد آية قرآنية ؛ هذا الذي نحن نريده ، ولا نجد في ذلك المجتمع الذي يُلقَّن كثير من أفراده بمناسبة أو غير مناسبة قال الله قال رسول الله ، يقول لك : نحن ما سمعنا هذا من الشَّيخ ، أو الشَّيخ الفلاني قال خلاف هذا ... أنَّ بعض الدعاة إلى اتباع الكتاب والسنة ، وأنا بلا شك لي الفخر أن أكون منهم - ولا فخر من الناحية الإسلامية - نأتي لأمور ليست مخالفة للمذهب ؛ فماذا يكون موقف الجمهور ؟ الصَّد عنهم ، شو الحجة ؟ ما سمعنا ذلك من شيوخنا من أساتذتنا ، هذا من أين جاء ؟ مِن إغفال النظر عن هذه المرتبة الوسطى ، سواء اتفقنا بتسميتها اتِّباع أو ما اتفقنا هذا ما يهمنا أبدًا ؛ لأنَّنا اتفقنا أن هذه المرتبة بغضِّ النظر عن الاسم خير من المرتبة الدنيا تقليد بدون استماع للنَّصِّ من الكتاب والسنة ؛ فهذا له محظور كبير ، أقول له - مثلًا - : السنة كذا في الصلاة أو في صف أو ما شابه ذلك ؛ لسان حاله حتى أحيانًا قد يقول بلسان قاله : (( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ )) ؛ هكذا يكون الاتباع ؟ لا ، هذا هو الجمود على التقليد .

السائل : النقطة هذه ... فإذا تسمح لي .

الشيخ : تفضل .

مواضيع متعلقة