تتمة شرح حديث إبراهيم بن الأشتر ، وبيان سبب اشتراط أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - أن لا يكفِّنه رجل كان كان عريفًا أو أميرًا أو بريدًا . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث إبراهيم بن الأشتر ، وبيان سبب اشتراط أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - أن لا يكفِّنه رجل كان كان عريفًا أو أميرًا أو بريدًا .
A-
A=
A+
الشيخ : حينما حدَّثهم بهذا الحديث أتبع ذلك بقوله - رضي الله عنه - : " ثم قد أصبحت اليومَ حيث ترون - يعني وحيدًا في هذه الفلاة - ولو أن لي ثوبًا من ثيابي يسع كفني لن أُكفَّن إلا فيه ، فأنشدكم بالله لا يكفِّنِّي رجل منكم كان عريفًا أو أميرًا أو بريدًا " .

لماذا يشترط أبو ذرٍّ أن لا يُكفِّن أبا ذر أحد من هؤلاء العصابة إذا كان قد تولَّى ولاية من هذه الولايات ؛ إما أن يكون أميرًا على بلدة أو أن يكون عريفًا على جماعة أو أن يكون صاحب بريد ؟

فالظاهر أنه يُشير إلى ما سبقت الإشارة إليه في حديث خباب بن الأرت ؛ لأنهم يكونون قد أكلوا من أجورهم ، فلا يكون عملهم كاملًا مَوفورًا أجرهم عند الله - تبارك وتعالى - ، ويحتمل أن يعني بذلك أن قلَّ مَن يسلم من استثمار هذه المناصب وهذه الولايات استثمارًا غير مشروع ، وخاصة في هذا الزمن ؛ فلا نكاد نجد أميرًا إلا ويشتغل بإمارته وولايته ، ولا عريفًا ولا بريدًا ؛ نحن نجد اليوم بعض الموظفين عندهم سيارات دولة منشان خدمة الدولة ، وإذا به يخدم نفسه ويخدم عياله وأطفاله ويتنزَّه عليها وعلى حساب إيش ؟ الدولة ، هذا استغلال طبعًا لا يجوز في الإسلام . هذا النوع في الوقت الذي لا نستطيع أن ننكر وجوده في بعض الأفراد من السابقين لكننا نقطع أنهم لم يكونوا في التوسُّع في ذلك كمًّا وكيفًا كما هو الشأن اليوم في هؤلاء المتأخرين ، لكن قد يوجد بعض الأفراد ؛ ولذلك تحفَّظ أبو ذر - وهذا من زهده وورعه - فطلب أن لا يتولَّى تكفينَه أحدٌ ممَّن تولى شيئًا من هذه المناصب ؛ فوُجِد هناك فتى من الأنصار قال له : أنا هو صاحبك ، هذا من غزل أمي ، وهذا الثوب من ثيابي الخاصَّة بي ، هذا أكفِّنك فيهما . قال : أنت صاحبي .

فتأمَّلوا وانظروا كيف كان السلف الصالح يعيشون ، وكيف كانوا يتورَّعون عن الشبهات ؛ ثم قيسوا أنفسكم تجدون الفرق شاسعًا ، وبالتالي تجدون الثَّمرات التي نجنيها نحن هي ثمرات غير الثمرات التي جَنَوها أولئك ، فهم قد ورَّثونا تلك الثمرات بجهادهم في سبيل الله - عز وجل - ، أما نحن فقد أضعناها وأضعنا مع ذلك كثيرًا من ديننا ، بل وفينا مَن خسر الدنيا والآخرة ؛ ذلك هو الخسران المبين .

يكفي هذا المقدار في درس " الترغيب والترهيب " ، وأراني مضطرًّا بالرغم من أنني لا أريد أن أتكلَّم كثيرًا ، لكن بالنظر لأن الأسئلة التي أجاب عنها الأستاذ في الدرس الماضي هي قلٌّ من جلٍّ ؛ فلا بد من أن أتولى الإجابة عن سؤال واحد ؛ لأن له علاقة هنا بعلم الحديث ، ولعل إخواننا فيما يأتي من الدروس يستمرُّون في الإجابة عن الأسئلة القديمة ثم الجديدة .

مواضيع متعلقة