ما هي الشروط المعتبرة في صلاة الجمعة .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هي الشروط المعتبرة في صلاة الجمعة .؟
A-
A=
A+
الحلبي : نقرأ في كتب الفقه عن شروط للصلوات أو صلاة الجمعة أو غيرها فما هي الشروط المعتبرة في صلاة الجمعة ؟

الشيخ : الحقيقة أنه قد وضع باجتهاد طبعا من الأئمة السابقين على ما بينهم من اختلاف في تلك الشروط التي وضعوها ، وضعت لصلاة الجمعة شروط كثيرة ولكن لا يسلم منها أكثرها لا يسلم من النقد ، أو على الأقل من تعريها عن الدليل الملزم بشرطيتها ، خذوا مثلا على ذلك قريبا وهو معروف عند متأخري الشافعية أنه يشترط عدم تعدد الجماعة صلاة الجمعة في مساجد كثيرة أي الشرط أن تصلى الجمعة في مسجد واحد ، فإذا تعددت الجمعة في مساجد كثيرة يكون صلاة الجماعة كلهم باطلة إلا الجماعة الأولى التي دخل إمامها في الصلاة قبل غيرها ، وهم يعلمون وبخاصة في ذاك الزمان بل وحتى في هذا الزمان هم يعلمون أنه ليس من الممكن أن يتمكن الإمام بل والجماعة ولو بعد السلام أن يعرفوا من السابق حتى يحكم بأن صلاة هؤلاء هي الصحيحة والمسبوقين صلاتهم باطلة وعليهم الإعادة ، لما كان هذا غير ممكن حتى في زماننا هذا الذي وجدت فيه الوسائل الكثيرة التي تقرب البعيد وتظهر المجهول ونحو ذلك ، فلا يمكن أن يعرف الجماعة من هي الجماعة الأولى ؟ ويترتب من وراء ذلك عندهم حكم خطير جدا ألا وهو إعادة صلاة الجمعة ظهرا ؛ فكل الذين صلوا في مساجد متعددة صلاة الجمعة عليهم أن يعيدوها ظهرا ، لماذا ؟ لأنهم لم يعرفوا من هو السابق منهم ، فهذا الشرط أي شرط وحدة الجماعة في صلاة الجمعة قد قال به الإمام الشافعي رحمه الله وإن كان هناك رأي آخر أنه إذا اتسعت البلدة ووجد فيها مسجدان كبيران فيجوز التعدد فيها ، وهذا القول لا بد منه لسببين اثنين ، السبب الأول أنه لا يوجد في السنة فضلا عن الكتاب بيان مثل هذا الشرط وهو عدم تعدد الجمعة ؛ الشيء الثاني هو قوله تعالى كقاعدة عامة كما هو معلوم عند كل طلاب العلم هو قوله تعالى : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) فلا يمكن بداهة أن يجتمع الناس كل الناس في البلدة الواحدة في المسجد الواحد حينما يكون البلد واسعا فيه الألوف المؤلفة فضلا أن يكون فيها الملايين المملينة ؛ فإذا كان لا يوجد دليل في الكتاب والسنة على مثل هذا الشرط وكان التقيد بمثل هذا الشرط يوقع الناس في الحرج وكما يقال: "في حيص وبيص " في حيرة ، يا ترى صحت صلاتنا أم لم تصح ؟ مثل هذا لا يعرف في الشريعة التي من أصولها قول ربنا تبارك وتعالى : (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) لذلك فاشتراط وحدة الجماعة في الجمعة لا دليل عليه في الكتاب والسنة بل هو ضد الكتاب والسنة لما فيه من إيقاع الناس في الحرج ، ولكن ما هو مستند الإمام الشافعي رحمه الله حينما ذهب إلى شرطية ذلك الشرط المرجوح فيما شرحته آنفا ؟ إن له ملحظا له وجاهة ، ولكن لا يتضمن تلك الشرطية ملحظه في ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن الجمعة تتعدد في زمانه ، فقد كانت صلاة الجمعة وحيدة في مسجده عليه السلام وقد كان أصحاب القرى ، أهل القرى أهل العوالي الذين كانوا خارج المدينة وحول المدينة كانوا ينزلون يوم الجمعة إلى المسجد النبوي صلى الله على مؤسسه وسلم عليه ؛ نعم فالشاهد أن الشافعي رحمه الله لاحظ أن صلاة الجماعة في صلاة الجمعة ما كانت تتعدد فاتخذ ذلك شرطا ؛ لكن هذا يمكن إذا أردنا أن نعبر عنه بأنه شرط وأن نساري الإمام الشافعي في قوله بشرطية هذه الوحدة أن نقول هي شرط كمال وليس شرط صحة ، وعلى هذا نقول: لا يحسن تعداد الجماعات في كل مسجد تقام فيه صلاة الجماعة ، فيجب التفريق بين المساجد وبين الجوامع ؛ فالمسجد الجامع هو الذي ينبغي أن يقصد في صلاة الجمعة ؛ أما المساجد الصغيرة التي مهيئة للناس في الحارات وفي المحلات لصلاة الجماعة فهذه تترك لصلاة الجماعة ولا يجوز أقول تفريق الجماعات التي تتجمع وتتكتل في المساجد الجوامع ، لا يجوز تفريقها بإقامة صلاة الجمعة في هذه المساجد الصغيرة ؛ لأن المساجد الصغيرة كانت في عهد الرسول عليه السلام فأنتم تعلمون أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي صلاة العشاء وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يأتي قومه فيؤمهم يصلي بهم صلاة العشاء هي له نافلة وهي لهم جماعة ؛ فتعدد المساجد التي تقام فيها صلاة الجماعة كانت معروفة في عهد الرسول عليه السلام وفي ذلك بلا شك توسعة على المسلمين ؛ أما تعدد الجوامع لم تكن موجودة في عهد الرسول عليه السلام ، فهذا الواقع هو الذي لاحظه الإمام الشافعي ... ؛ لكن بتقديرها وتقويمها فقال بأن الصلاة تبطل إذا تعددت ولو في مساجد كبيرة ، هذا في قول له ، وفي القول آخر لما وجدت بغداد القديمة وبغداد الجديدة وفرق بينهما نهر دجلة قال يجوز إقامة جمعتين في كل من القسمين ، هذا خلاصة ما يمكن أن يقال بالنسبة لهذا الشرط ؛ وهناك شروط أخرى لكن البحث فيها يطول ونخرج عما أشرنا إليه في مطلع كلمتنا هذه ، ولكننا نذكر كلمة جامعة وهي أنه لا يوجد في الشرع ما يوجب على المسلمين أن يلتزموه في صحة صلاة الجمعة إلا الآية الكريمة : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله )) إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي في أي مكان سمعتم هذا الأذان يوم الجمعة فعليكم الإجابة (( فاسعوا إلى ذكر الله )) إذن على من سمع النداء فليجب كما جاء في بعض الأحاديث الأخرى ؛ الشرط الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الجمعة لا تجب على المرأة وعلى المسافر وعلى العبد ) ويمكن في شيء رابع لا أذكره الآن ، المهم في جماعة ..

السائل : الطفل ؟

الشيخ : لا .

الحلبي : أهل البادية ؟

الشيخ : لا ؛ المهم في جماعة صلاة الجمعة واجبة في جماعة إلا الذي أذكره الآن المرأة والعبد

السائل : والمسافر

الشيخ : والمسافر .

سائل آخر : والمريض .

الشيخ : أيوه الآن جئت تها ، والمريض ؛ فإذن صلاة الجمعة تجب في جماعة إلا على هؤلاء الثلاثة ، فلا يوجد أي شيء يشترط في صحة صلاة الجمعة إلا أن تكون في مكان ينادى إليه ويكون فيه جماعة والجماعة اثنان فصاعدا ، فإذا كان الإمام واحدا واثنان خلفه فالصلاة صحيحة ، وبالنسبة للبادية كما ذكر آنفا فكثير من العلماء يقولون بأن أهل البوادي لا تجب عليهم صلاة الجمعة وإنما عليهم أن يصلوها ظهرا ، هذا يقال فيه ما قيل آنفا في شرط عدم التعدد أي: لا دليل في الكتاب ولا في السنة على أن أهل البوادي لا جمعة عليهم ، أهل البوادي لهم حالة من حالتين كأهل المدن والقرى إما أن يكونوا مسافرين أو أن يكونوا ظاعنين مقيمين ، فإن كانوا مسافرين فلا فرق بينهم كأهل بادية وبين المسافرين كأهل المدن ؛ فالمسافر مطلقا كما سمعتم في الحديث السابق ليس ايش ؟عليه جمعة أما إذا كانوا مقيمين فعليهم إقامة الجمعة لأن هذا فرض كما يقول بعض الفقهاء بديل عن صلاة الظهر لأنها تتميز بخطبة الجمعة يعظ ويذكر ونحو ذلك من العلم ؛ فالقول بأن أهل البوادي لا يصلون الجمعة هذا وإن كان منقولا عن بعضهم ولكن لا دليل عليه أولا ، ثم قد جاءت بعض الآثار السلفية الصحيحة تؤكد هذا الذي نقوله ألا وهو ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ولعله أيضا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أهل البوادي أن يقيموا الصلاة حيث هم مقيمون ؛ فإذن على المسلمين جميعا أن يصلوا صلاة الجمعة حيث ما كانوا وكل شرط سوى ما ذكرته آنفا فهو كما قال عليه السلام : ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط ) وفهم هذه القضية على هذه التوسعة الشرعية مهمة جدا جدا وبخاصة في عصرنا الحاضر فإن هناك من الشروط ما يبطل صلاة كثير من الألوف من المسلمين الذين سافروا ولا أقول هاجروا لأنهم ما هاجروا لأن الهجرة إنما تكون من دار الكفر إلى دار الإسلام ، والذين أشير إليهم إنما سافروا من بلاد الإسلام إلى دار الكفر ومع ذلك فإنهم يسمون أنفسهم بأنهم مهاجرون ، هذا قلب للحقيقة الشرعية ؛ فالمهاجرون الأولون كما تعلمون هاجروا من مكة التي هي خير بلاد الله وأحب بلاد الله إلى الله ، ثم إلى نبيه عليه السلام حيث لما هاجر منها التفت إليها وقال لها : ( ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت ) هؤلاء الذين تركوا بلادهم هذه المفضلة هاجروا من مكة إلى المدينة هؤلاء هم المهاجرون حقا ؛ لماذا ؟ لأنهم هربوا بدينهم ونجوا بعقيدتهم عن عقيدة أهل الشرك والضلال إلى دار الهجرة وهي المدينة المنورة ؛ أما هؤلاء المسلمون فهم قلبوا الحقيقة حينما هاجروا من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر فهذه ليست هجرة ، صحيح أن الهجرة مشتقة من الهجر وهو الترك ؛ لكن صارت الهجرة في لغة الشرع خاصة بالسفر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ، فتلك هي الهجرة ؛ والشاهد من هذا الكلام أن كثيرا من المسلمين الذين ابتلوا اليوم بالسفر من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر لا تصح صلاتهم في تلك البلاد ، صلاة الجمعة ، لا تصح صلاتهم لماذا ؟ لأن هناك شرطا في المذهب الحنفي أن يكون صلاة الجمعة حينما تقام بإذن الحاكم المسلم ؛ وأين الحكام المسلمون اليوم ؟ حتى في عقر دار الإسلام بالكاد أن تجد حاكما يحكم بما أنزل الله فكيف ببلاد يحكمها الكافر الصليبي أو اليهودي ؛ الآن مثلا فلسطين مثلا ، لا نذهب بكم بعيدا ، فلسطين في هذا الرأي لا تصلح فيها صلاة الجمعة ، لماذا ؟ لأنهم يقيمونها وليس هناك حاكم مسلم قد أذن له بالإقامة ، ولقد سررت بقدر ما حزنت حينما قدر لي أن أسافر إلى بريطانيا والتقيت هناك مع كثير ممن قلنا آنفا أنهم يسمونهم بالمهاجرين ، فيهم العربي وفيهم الباكستاني وفيهم التركي إلى آخره ، كلهم مقيمون في بلاد بريطانيا ، بعضهم في لندن بعضهم في بلاد ما أدري أسماؤها غريبة جدا ؛ فأنا يسر لي أن أطوف في بعضها واتصلت مع الجاليات الإسلامية هناك فوجدت فيهم حركة يعني تفرح القلب ؛ لكن من ناحية أخرى تحزن الفؤاد ، من جهة كيف يستمر المسلمون يعتقدون بعض الآراء الفقهية والواقع يضطرهم إلى أن يخالفوها ، أنا أعلم بتجربتي الخاصة إن أشد الناس تعصبا للمذهب الحنفي خاصة هم الأعاجم من أمثالنا نحن الألبان والأتراك ووإلى آخره ، طبعا هناك شواذ ونحن من أولئك بلا شك ها؛ فهؤلاء الأعاجم أشد المسلمين تعصبا للمذهب الحنفي ، وهؤلاء الأعاجم هم الكثرة الكاثرة الغالبة المقيمين في تلك البلاد الكافرة التي أنا أتحدث عنها الآن ؛ فالشيء الذي سرني جدا أنني رأيت هؤلاء المسلمين إما أن يشتروا دورا جاهزة أو على الأقل يستأجروها من سكانها الإنجليز البريطانيين ويتخذونها مصليات حتى لصلاة الجمعة ، فقلنا أين شرط الإذن من المسلم وهم يعيشون تحت حكم الكافر ؟ أين شرط إن الصلاة لا تصح إلا في مسجد ؟ حتى أن بعضهم يشترط في هذا المسجد أن يكون مسقوفا ؛ فإذا كان هكذا مجزورا لا سقف له ، ولو أن له جدران أربعة فهذا ليس مسجدا ولا تصح صلاة الجمعة فيه مثل هذه الشروط ؛ الواقع اضطر هؤلاء المسلمون أن ينبذوها نبذ النواة وأن يعملوا بمطلق قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع )) هذا من فائدة الفقه الذي نسميه نحن اليوم بالفقه السلفي القائم على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ويسميه بعضهم على يعني التساهل في التعبير بالفقه المقارن ، لا يسمونه بالفقه السلفي لأن فيه تمذهبا بمذهب قد لا يرضاه بعضهم ولكنهم يسمونه بغير اسمها ؛ فالفقه المقارن لا في سلفي ولا في خلفي ، وخير الكلام ما أرضى الناس جميعا ، الفقه المقارن ما المقصود به ؟ مقارنة أدلة المذاهب بعضها ببعض ، طيب هل هذا يكفي ؟ هذا لا يكفي بداهة لأنه مثل ما يفعل ذلك كمثل من يتوضأ ولا يصلي ؛ لماذا ؟ لأن الوضوء وسيلة للصلاة ، مقدمة لها ؛ فإذا توضأ ولم يصل فمثله مثل من قارن بين مذهب ومذهب ثم هو لم يزل على المذهب ما استفاد شيئا من هذه المقارنة ؛ أما بيت القصيد من المقارنة هو ؟ أن يكون الرجل عاش مثلا دهرا من عمره حنفي المذهب ثم تبين له بعد المقارنة لبعض المسائل بأدلتها أن المذهب الفلاني الشافعي أو المالكي أو الحنبلي أرجح في مسألة ما ، فصار فيها غير حنفي ، هذه هي الثمرة من دراسة الفقه الذي يسمونه اليوم بالفقه المقارن ؛ لكن مع الأسف الشديد على الرغم من أن هذه مادة مقررة في الكليات الشرعية في بعض الجامعات الإسلامية تجد المتخرج من هذه الكليات يعني حيران لا يدري هو كالشاة العائرة ما تدري تمشي مع هذه ولا مع تلك ؛ إذن ما في فائدة من هذه الدراسة إلا إذا كانت أولا على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، ثم أن يكون المقصود منها الاتباع لما تبين له أنه الحق.

مواضيع متعلقة