هل من الضَّروري نيَّة الجمع إذا أراد الإنسان أن يجمع العشاء مع المغرب ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل من الضَّروري نيَّة الجمع إذا أراد الإنسان أن يجمع العشاء مع المغرب ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا ، ضروري النية للجمع إذا كان الإنسان أراد أن يجمع المغرب مع العشاء ؛ أن ينوي في وقت المغرب أنه سوف يجمع ؟

الشيخ : لا ، هذا يقول به بعض العلماء ، وهو المذهب الشافعي ، لكن هذا ليس له دليل في السنة ، بل الذي يتتبَّع أحاديث الجمع كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يُفاجؤون بالجمع ، وخاصَّة بحالة جمع التقديم ؛ يُفاجؤون بأنُّو الرسول - عليه السلام - جمع بهم ، ولا يقول لهم : استحضروا في نواياكم الآن نصلي الظهر وسنضمُّ إلى الظهر العصر ، هذا الشرط الذي يشترطه بعض العلماء ليس له أصل في السنة ، بل هو تعقيد للأمر تبيَّن عاقبته كما وقع في كثير من المساجد في أيام الشتاء والبرد الشديد ؛ يدخل الداخل إلى المسجد لا يدري أنُّو الإمام وجماعته ناوين الجمع ، فيدخل وإذا بهم يصلون العشاء ؛ جمع إيش ؟ جمع تقديم ، هو ما خطر في باله أنُّو يجمع بين المغرب والعشاء ، فهو نوى أن يصلي المغرب ؛ لأنهم يصلون العشاء في وقت المغرب ، إي ؛ فهل يُقال لهذا : أنت لا يجوز لك أن تجمع لأنك ما استحضرت النية في أول إيه ، قبل أن تصلي صلاة المغرب ؟ لا ، هذا الحقيقة يصدق عليه قوله - عليه السلام - ولو في غير هذه المناسبة : ( كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، ولو كان مئة شرط ) .

السائل : التأخير نفس التقديم يعني ؟

الشيخ : آ ، ما في فرق أبدًا .

السائل : لأنُّو يحصل معانا .

الشيخ : هذا من جهة . من جهة أخرى كل واحد يفهم أن المقصود من الجمع هو التيسير ، رخصة يعني ؛ فحينما تُوضع للرخصة شروط وقيود معناها خرَجْنا بها عن كونها رخصة ، من أوضح الأمثلة في ذلك الشروط التي يقول بها بعض العلماء في المسح على الخُفَّين أو المسح على الجوربين ، بصورة خاصَّة المسح على الجوربين لازم يكونوا - مثلًا - ثخينين ، لازم يثبتوا على الساق بنفسهما مش بمشد خاص ، لازم ما يكون مخرَّق ، لازم كذا ، سبحان الله ! لازم يقطع مسافة بهذا الجورب كذا وما ينهرى ، سبحان الله ! وكما قال الحسن البصري - رحمه الله - من السلف الصالح : وهل كانت جوارب وخفاف الأنصار إلا مخرَّقة ؟

وينتج من وراء ذلك أنُّو الإنسان بقى لما بدو يتقيَّد بهذه القيود المشدِّدة لازم يحط دأبه بدأب الجورب تبعه ؛ كل ما شافه انفخت في جانب يجي يسدُّه ويرقعه ، ما هكذا الإسلام ، (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) ؛ يعني الحقيقة الإسلام وسط لا نتساهل فيما أمر به الشارع ولا نتشدَّد فيما لم يأمر به الشارع ، وإنما كما قال - تعالى - : (( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا )) ، ما نسهِّل حيث شدَّد ، ولا نشدِّد حيث سهَّل ، إنما نحن تبع لحكم الشرع ، وكما قال - تعالى - : (( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) . فيه تشديد ما بنقول كما يقولون في الشام : " شو هالشدة يا رسول الله " هذه كفرية ، إي نعم ، ولا - أيضًا - نسهِّل حيث جاء الحكم جازمًا صارمًا .

في المسافر - مثلًا - عزيمة ورخصة ، الرخصة - كما قلنا - الجمع ، العزيمة القصر ، فلا نخيِّر الإنسان بين أن يقصر وبين أن يتمَّ ، لا ؛ لأن السيدة عائشة - رضي الله عنها - كانت تقول : " فُرِضَت الصلاة ركعتين ركعتين ، فأُقِرَّت في السفر ، وزِيدَتْ في الحضر " ، ففرض المسافر يصلي ركعتين ، ما نقول رخصة أنُّو يصلي ركعتين ، لا ؛ هذا هو الفرض بعينه ، لكن الجمع بين الصلاتين رخصة ؛ إن شئت أن تترخَّص وهذا أفضل لك ، وإن شئت أن لا ترخَّص لأنُّو ليس بعزيمة ، أفضل ؛ لأن الرسول - عليه السلام - قال : ( إن الله يحب أن تُؤتى رُخَصُه كما يحبُّ أن تُؤتى عزائمه ) ، وفي حديث آخر : ( كما يكره أن تُؤتى معصيته ) . ( إن الله يحبُّ أن تُؤتى رُخَصُه كما يكره أن تُؤتى معصيته ) ، فهكذا المسلم مع الشرع ؛ حيث عزم يعزم ، حيث رخَّص يرخِّص ، فيعطي كلَّ حكم حقَّه لا إفراط ولا تفريط ، هكذا الإسلام (( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) .

سائل آخر : هذا - يا شيخنا - يصير معنا بالسفر ؛ يكون لنا نية نجمع نؤخِّر المغرب للعشاء ، بعدين نجد حالنا وجدنا مركز كويس ... قُمْنا صلينا .

الشيخ : جمعنا جمع تقديم .

سائل آخر : تقديم .

الشيخ : شو عليه ؟

سائل آخر : ما في حرج .

مواضيع متعلقة