هل يجوز صلاة تحيَّة المسجد في أوقات النهي ؟ وكلام الشيخ عن صلاة ذوات الأسباب . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز صلاة تحيَّة المسجد في أوقات النهي ؟ وكلام الشيخ عن صلاة ذوات الأسباب .
A-
A=
A+
السائل : سألني بعض الشباب حينما دخلت المسجد في هذا الوقت المنهي عنه على أن أصلي ركعتين تحية المسجد فالحكم ... ؟

الشيخ : هذا كلام صحيح ، يعني كل الأوقات التي جاء النهي عن الصلاة فيها إنما يقصد بالنهي التنفل المطلق ، أما ما كان له سبب من فريضة منسيَّة - مثلًا - فتذكَّرَها في وقت الكراهة ؛ فهو يصليها ، أو ما كان من النوافل التي لها سبب إن تُركت النافلة ذهبت مع ذهاب السبب ، فهذه النوافل ذوات الأسباب تُشرع صلاتها في الأوقات المكروهة ، وهناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا تدل على هذه القاعدة التي تبنَّاها الإمام الشافعي - رحمه الله - ومن تَبِعَه ، وهناك كتاب نافع جدًّا لأحد علماء الحديث في الهند اسمه " إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي سنة الفجر " ، من فائدة هذا الكتاب أنه جمع الأحاديث التي تتعلَّق بهذه النوافل التي لها أسباب ، وكان من ذلك حديث أخرجه الإمام الترمذي وغيره كأحمد عن النبي - صلى الله عليه وآله سلم - : أنه صلى ذات يوم الفجر ، فلما سلم رأى رجلًا نهض يصلي فقال له : ( أصلاتان معًا ؟! أو قال له : أتصلِّي الصبح أربعًا ؟! ) ، فلما صلى الرجل قال : يا رسول الله ، دخلت المسجد ، وقد أقيمت الصلاة ، فصليت معك ، ولم أكن قد صليت ركعتي الفجر ، فهما هاتان ؛ أي : ما صلَّاه بعد الفرض هما سنة الفجر ؛ فسكت - عليه الصلاة والسلام - ، فكان سكوته هنا إقرارًا لجواز صلاة سنة الفجر بعد الفرض ، مع الحديث الذي ذكرتَه آنفًا : ( لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ) ، لكن لما كانت هاتان الرَّكعتان تُركتا بسبب وجوب الانضمام إلى الصلاة القائمة ، وعدم جواز الشروع في النافلة المشروعة قبل الفريضة ؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أقيمت الصلاة ؛ فلا صلاة إلا المكتوبة ) . فإذًا هذا الذي فوَّت على نفسه ركعتي سنة الفجر ، إنما كان ذلك منه ليس كسلًا أو إعراضًا أو قلَّة اهتمام بهذه السُّنَّة ، وإنما إيثارًا منه لاتِّباعه لقوله - عليه الصلاة والسلام - : (إذا أقيمت الصلاة ؛ فلا صلاة إلا المكتوبة ) ، فاجتهد هذا الإنسان فصلَّى الركعتين بعد الفجر ، فأقرَّه - عليه الصلاة والسلام - فصارت سنَّةً لنا أنه إذا دخلنا المسجد ، وقد أقيمت الصلاة ، ولم نكن قد صلَّينا سنة الفجر ؛ أنه يجوز لنا أن نصليها بعد الفريضة ، فدخل استثناء على حديث : ( لا صلاة بعد الفجر ) بهاتين الركعتين ، فيقال حينذاك - تقدَّموا يا إخواننا تقدَّموا ، تقدَّموا ما استطعتم - .

كذلك من جملة المستثنى ما جاء في " موطأ مالك " و " سنن أبي داود " وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حجة الوداع لما صلى الصبح في مسجد الخيف وسلم ، رأى رجلين بعيدين عن الصلاة ، فبدا له - عليه السلام - أنهم لم يُصليا معه ، فقال لهما : ( أولستُما مُسلمَين ؟! ) قالا : بلى يا رسول الله . قال : ( فما منعكما أن تصليا معنا ؟ ) . قالا : يا رسول الله ، إنا كنا قد صلينا في رحالنا ؛ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا صلَّى أحدكم في رحله ثم أتى مسجد الجماعة ؛ فليصلِّ معهم ؛ فإنها تكون له نافلة ) . فأنتم ترون هنا أنهما صلَّيا نافلة بعد فريضة الفجر - عليكم السلام ورحمة الله وبركاته - ؛ فهذا استثناء آخر لهذا الحديث الصحيح : ( لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ) ، فمعنى إلا من صلى سنة الفجر إلا من كان صلى الفريضة في رحله ثم أتى المسجد وهم يصلون ، فيصلي معهم ، ولو كان هذا وقت كراهة ، لأن الانضمام إلى الجماعة هنا يتغلَّب على كراهة الصلاة في الوقت المكروه .
  • فتاوى رابغ - شريط : 4
  • توقيت الفهرسة : 00:28:49
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة