لفظة المكان العدمي في تفسير العلوِّ ما معناها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
لفظة المكان العدمي في تفسير العلوِّ ما معناها ؟
A-
A=
A+
السائل : لو تفسِّرنا لنا - شيخنا - حول لفظة : " المكان العدمي " شو المراد ؟

الشيخ : الكون محدود لأنه مخلوق ، والله - عز وجل - ليس محدودًا ، كثير من الناس حينما يسمعون تلك النُّصوص القاطعة الدلالة في أن الله - عز وجل - له صفة العلوِّ المطلق يتوهَّمون أن الإيمان بهذا العلوِّ هو إيمان بأن الله في مكان ، وقد شرحت آنفًا أن المكان شيء وجودي خلقي ، فالله - عز وجل - بهذا المعنى ليس في مكان ، فَهُم حينما يسمعون إثبات العلوِّ لله - عز وجل - يستلزمون إثبات المكان ، ونحن ننفي هذه الصفة عن الله ، ويشتركون معنا في النفي ، لكن ينفصلون عنَّا أنهم ينفون ما نُثبِتُه بناءً على تلك الأدلة القاطعة التي أجمعت على إثبات العلوِّ لله - عز وجل - ؛ فأنا أذكر أنَّني دخلت مرَّة في نقاش مع أحد المشايخ الأزهريين في قصة لا حاجة بي الآن أن أذكر تفاصيلها ، إنما كان النقاش حول النقطة التالية :

سمع مثل المحاضرة السابقة التي مؤدَّاها أن الله - عز وجل - فوق المخلوقات كلها ، فنَسَبَنا إلى التجسيم ، فلإبطال هذه الشبهة سألتُه ما يأتي : قلت له : المكان شيء وجودي أم عدمي ؟ قال : لا ، وجودي . قلت : كان بعد أن كان عدمًا ؟ قال : نعم . قلنا له : فنحن الآن في مكان في الأرض ؟ قال : نعم . قلت : وماذا فوقنا ؟ قال : السماء . قلت : مكان ؟ قال : نعم . وماذا فوق السماء ؟ قال : السماء الثانية ، والسابعة . كل هذا مكان ؟ قال : نعم . قلت : وماذا فوق السماء السابعة ؟ قال : العرش . قلت : مكان ؟ قال : نعم - أي : مخلوق - . قلنا : حسنًا ، وماذا فوق العرش ؟ ففُوجئت بجواب غريب قال : الملائكة الكروبيون . قلت : أين هؤلاء الملائكة الكروبيون ؟ وهل عندك حديث فضلًا عن آية أن فوق العرش ملائكة وباسم الكروبيون ؟ قال : والله هكذا تلقَّينا في الأزهر الشريف . قلت : عجبًا ، نحن نعلم من علماء الأزهر أنهم يقرِّرون أن الحديث الصحيح لا يجوز الأخذ به في العقيدة ، الحديث الصحيح لا يجوز الأخذ به في العقيدة إلا أن يكون صحيحًا متواترًا قطعيَّ الثبوت وقطعيَّ الدلالة ؛ فكيف آمنتَ بأن فوق العرش الذي هو أعظم المخلوقات ملائكة ، وليس فقط هكذا ملائكة ، بل وباسم كروبيون ؟ إذًا على منهجكم لا يمكن إثبات هذه العقيدة - أي : فوق العرش ملائكة هم الكروبيون - إلا إذا كان هناك نص في الكتاب أو في السنة المقطوع بثبوتها ؛ فكيف ولا حديث صحيح هناك ؟ ثم قلت له : لنصل إلى النتيجة ؛ هَبْ أن فوق العرش ملائكة كروبيون ؛ فماذا فوق العرش ؟ ماذا فوق العرش ؟ قال : لا شيء . قلت : لا مكان ؟ قال : لا مكان . إذًا قلت له : كيف تنسبُنا إذا أثبَتْنا ما أثبت الله - عز وجل - لنفسه صفة العلوِّ أننا جعلناه في مكان ؟ ها أنت قلت الآن : إن فوق العرش أو فوق ملائكتك الكروبيين لا مكان !! إذًا الله ليس في مكان .

لهذا - بارك الله فيك - دائمًا العقل الصحيح الرجيح يمشي مع النقل الصحيح ، وهذه هي العقيدة التي عليها علماء المسلمين من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين كلُّهم اتفقوا على أن الله فوق العرش .

" وربُّ العرشِ فوقَ العرشِ لكِنْ *** بلا وصفِ التمكُّنِ واتِّصالِ "

هات إيش عندك غيره ؟

مواضيع متعلقة