كيف تُوجَّه الأحاديث التي احتَجَّ بها مَن قال بوجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف تُوجَّه الأحاديث التي احتَجَّ بها مَن قال بوجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : سؤال : في " صفة صلاة النبي " بيَّنتم رأيكم في أن المصلي يقرأ وراء الإمام في السرية ولا يقرأ في الجهرية ، وفي كتاب " سبل السلام " ساقَ المصنف أدلةً تفيد قراءة أمِّ الكتاب بالصلاة دائمًا ، وعلى أن الصلاة بدونها باطلة ؛ فما صحة هذه الأحاديث أوَّلًا ؟ ثم كيف نوفِّق بينها وبين ما رأيتم ؟

الشيخ : مثل هذا السؤال لا يحسن بل لا يمكن الجواب عليه ؛ لأنُّو هذا يحتاج إلى استحضار الأدلة ، ومنها ما هو صحيح ومنها ما هو ليس بصحيح ، والصحيح عليه جواب أو أكثر من جواب ، ولكن السَّائل الذي يريد فعلًا أن يستفيد بأقرب طريق هو يدرس " صفة الصلاة " ويدرس الأحاديث الواردة فيها ؛ يحطها قدَّام منه جانبًا ، ثم يدرس ما جاء في " سبل السلام " أو غيره من كتب فقه الحديث ، فالحديث اللي يشكل عليه ويتضارب معه أو عنده مع ما جاء في " صفة الصلاة " يحطّ عليه علامة ويسجِّل أو يكتبه في ورقة ويسأل : شو رأيك في هذا الحديث ؛ أوَّلًا صحيح ؟ نعم صحيح . ثانيًا : أيدلُّ على وجوب قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية أم لا يجب ؟ ممكن الجواب ، أما أعطينا موضوع اختلف علماء المسلمين فيه منذ ألف سنة وزيادة ، وهناك أدلة كثيرة لكلٍّ من الفريقين ؛ أنا لو كنت حافظ الدنيا لا يمكن أن أجيبَ عن هذا السؤال إلا في ساعات ؛ فما بالك ونحن يعني نسأل الله أن يشملنا هيك برحمته وفضله نستحضر شيء ويفوتنا أشياء وأشياء كثيرة .

أضرب لكم على ذلك مثلًا من هذه الأحاديث التي يحتجُّ بها مَن يذهب إلى فرضية قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية حديث : ( فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ؛ فإنه لا صلاة لِمَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ؛ هذا الحديث جرى العلماء الذي يذهبون ذاك المذهب على الاستدلال به ، وهات إيدك وامشِ ، لكن هو ليس فيه دليل أبدًا ؛ ليه ؟ وهذا يظهر بطبيعة الحال بصورة خاصَّة لِمَن كان عنده شيء من المعرفة بعلم أصول الفقه ، فعلم أصول الفقه يقول : " إذا جاء أمرٌ بشيء بعد النهي عنه فهذا الأمر لا يفيد الوجوب " ؛ إذا أمر الشارع الحكيم بشيء وكان قد نهى عنه من قبل ؛ فهذا الأمر لا يفيد وجوب ذاك الشيء ، وإنما يرفع النهي عنه ؛ فهنا الحديث هكذا : هل تقرؤون ؟! قالوا : نعم . قال : لا تفعلوا ؛ لا تقرؤوا وراء الإمام ؛ هذا نهي . قال : ( إلا بفاتحة الكتاب ) هذا استثناء ؛ استثناء من النهي ، استثناء من النهي ما يفيد الوجوب ، وإنما يفيد الجواز ؛ فأين دليل الوجوب ؟

لا دليل في الحديث للوجوب ، هذا مثال ؛ ولذلك فالبحث كما قلت لكم يطول ، فشوف الحديث هاللي مثل هذا الحديث - مثلًا - يمكن يكون من الأحاديث اللي أشكلت عليك ، شوف حديث ثاني ممكن أنُّو أعطيك الجواب ، وإلا فالقرآن والسنة الصحيحة يتجاوبان في هذا الموضوع ، (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) ، والأحاديث التي جاءت تدلُّ بظواهرها على الوجوب فهي إما من هذا القبيل الذي لا يدل على الوجوب ؛ كلُّ ما يدل عليه هو الجواز والجواز المرجوح ، أو أن ذلك كان في مرحلةٍ من مراحل التشريع ، وعلى هذا دَرَجْنا في كتابنا " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " .

وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة