جاءت الأحاديث المتعلقة بالشارب بألفاظ مختلفة : ( احفوا ) ، ( جزُّوا ) ، وذكر أن من الفطرة ( قصُّ الشارب ) ؛ فما هو الجمع الصحيح بين هذه الألفاظ المختلفة ؟ وكيف ينجلي الإشكال عن معنى حديث : ( ولا تشبَّهوا باليهود ) إذا كنَّا نرى اليوم اليهود قد أحفَوا شواربَهم وأرخوا لحاهم ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
جاءت الأحاديث المتعلقة بالشارب بألفاظ مختلفة : ( احفوا ) ، ( جزُّوا ) ، وذكر أن من الفطرة ( قصُّ الشارب ) ؛ فما هو الجمع الصحيح بين هذه الألفاظ المختلفة ؟ وكيف ينجلي الإشكال عن معنى حديث : ( ولا تشبَّهوا باليهود ) إذا كنَّا نرى اليوم اليهود قد أحفَوا شواربَهم وأرخوا لحاهم ؟
A-
A=
A+
السائل : سائل يقول : جاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - قال : ( الفطرة خمس ) ، فذكر قصَّ الشارب ، وجاء من حديث المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - رأى رجلًا طويل الشارب ، فدعا بسواك وشفرةٍ ، فقصَّ شارب الرجل على عود السواك ، وجاء من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - أنه قال : ( احفُوا الشارب ، وأعفوا اللحى ) ، وجاء من حديث أنس مثله وزاد : ( ولا تشبَّهوا باليهود ) ، وجاء من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - : ( جزُّوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ) ؛ فما هو الجمع الصحيح بين هذه الألفاظ المختلفة ؟ وكيف ينجلي الإشكال عن معنى حديث أنس إذا كنَّا نرى اليوم اليهود قد أحفَوا شواربَهم وأرخوا لحاهم ؛ أفتونا في ذلك ، وفقكم الله ؟

الشيخ : الجواب واضح بالرُّجوع إلى قاعدة أعتَبِرُها - أيضًا - من القواعد الفقهية العامة ، وهي تفسير النصوص القولية بالآثار الفعلية ، تفسير النصوص القولية بالأحاديث الفعلية ؛ ذلك لأنَّ بعض النصوص الشرعية كهذه تحتمل أكثر من معنى ، فيأتي الشارع مُلهِمًا لرسولنا - صلوات الله وسلامه عليه - أن يبيِّن هذه النصوص القولية بفعله .

إيش قلنا ؟

السائل : عن أن الأحاديث .

الشيخ : إيوا .

الأحاديث القولية تفسِّرها الأحاديث الفعلية ، وهذا من معاني قوله - تعالى - : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، وبيانه - عليه السلام - في غالب الأحيان يكون بالفعل ، وإن كان أحيانًا يكون بالقول ، لكن القول المحدَّد الذي لا يحتمل وجوهًا من التأويل ، من هذا القبيل - مثلًا - قوله - عليه السلام - : ( لا قطعَ إلا في رُبع دينار فصاعدًا ) ، فحدَّد ما يجوز أن تُقطَعَ اليد ، بينما الآية مطلقة ؛ (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا )) ، فسواء سَرَقَ ربع دينار أو ثمن دينار أو قرشًا أو فلسًا لغةً اسمه سارق ، فلولا هذا الحديث لَوَجَبَ إعمال الآية على إطلاقها وشمولها ، لكن أكثر بيان الرسول - عليه السلام - كما نلاحظ يكون بفعله ؛ حتى في هذه الآية (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا )) ، اليد هذه كلها يد ، لكن تارةً تُطلق اليد ويُراد الكفُّ ، تارةً تُطلق اليد ويُراد الذِّراع ، تارةً يُراد العَضُد مع الذِّراع ، وهكذا ؛ فأين تُقطع اليد ؟ ما في عندنا بيان من قوله - عليه السلام - ، لكن عندنا بيان من فعله عند الرُّسغ . وهكذا كثير من الأحكام الشرعية ، الأحاديث القوليَّة تأتي مُجملة أو مُطلقة أو عامَّة ، فتأتي السنَّة لتوضِّح ذلك .

هذه الأقوال التي جاءت في الأحاديث ... الشارب أو إحفاء الشارب ومن الأمر بِجَزِّ الشارب ونحو ذلك ؛ يجب كمان في حديث آخر ... .

مواضيع متعلقة