شرح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، ونصيحة النبي - صلى الله عليه وسلم - له في الصيام والقيام وقراءة القرآن . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، ونصيحة النبي - صلى الله عليه وسلم - له في الصيام والقيام وقراءة القرآن .
A-
A=
A+
الشيخ : وهذا الحديث في الواقع وما في معناه مما سيأتي بعده يذكِّرنا بحادثة ذلك الصحابي العابد ؛ ألا وهو عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - ، فقد كان من أكثر الصحابة عبادةً وزهدًا في الدنيا إلى درجة أنه لما زوَّجَه والدُه بفتاة من قريش ودخل عليها لم يبْنِ بها ولم يقرَبْها أصلًا ؛ ذلك لأنه كان مشغولًا عنها بما كان فيه من طاعة وعبادة من صيام في النهار وتلاوة للقرآن في الليل ، يصوم الدهر كله ؛ فهو لا يفطر إلا ما شاء الله ، ويقوم الليل كله ؛ فلا ينام إلا قليلًا ، وبذلك فمثل هذا الإنسان لا حاجة له بالنساء ، وكذلك كان الأمر بالنسبة إليه ، فلما بلغَ ذلك والدَه عمرو بن العاص شكاه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيقول ابن عمرو هذا : فإما لَقِيَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أرسل إليَّ . فاستجوبه - عليه السلام - في قصة طويلة ذكرتُها لكم مرارًا وتكرارًا ، ولا أعيدها الآن ، وإنما العبرة في ذلك أنه بينما كان يقوم الليل كله ويصوم الدهر كله ، وعَرَضَ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خطَّة معتدلة يستطيع الصبر عليها والعمل بها إلى آخر رمق من حياته ؛ لم يقنع بذلك ، وقال : إني شاب ، إن بي قوة ، إني أستطيع أكثر من ذلك . فأعطاه الرسول - عليه السلام - آخر ما سمح الشارع به ، قال له : ( صُمْ يومًا ، وأفطِرْ يومًا ) ، وقال : ( اقرأ القرآن في ثلاث ليال ، فَمَن قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث لم يفقَهْهُ ) .

وعلى هذا انفصل ابن عمرو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك القضية ، وإنما الشاهد أخذت الأيام تمضي ، والرجل يشيخ ويأتي عليه الدهر إلى أن تَعِبَ ، سنَّة الله في خلقه : (( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا )) ؛ يومئذٍ تنبَّه لحكمة الشارع الحكيم حينما ألهَمَ نبيَّه الكريم أن يقول له : ( صُمْ من كل شهر ثلاثة أيام ) فقط ، فلم يرضَ منه إلا أن يصوم يومًا ويفطر يومًا ، وقال له - أيضًا - : ( اقرأ القرآن في كلِّ شهر مرة ) ، فلم يرضَ بذلك إلا أن يقرأ القرآن في ثلاث ليال ، بعد لَأْيٍ وبعد زمن قال - وهنا الشاهد - : يا ليتَني كنتُ قبِلْتُ رخصة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .

إذًا ، إذا كان المسلم يعرف هذه الحقيقة التي أعلَمَنا بها رسولُنا ... .

مواضيع متعلقة