درس " الترغيب والترهيب " ، الترغيب في الخوف وفضله ، والتعليق على عنوان الباب . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
درس " الترغيب والترهيب " ، الترغيب في الخوف وفضله ، والتعليق على عنوان الباب .
A-
A=
A+
الشيخ : ... أما بعد :

فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

يقول المصنف - رحمه الله - : الترغيب في الخوف وفضله .

هذا الباب أو الفصل عَقَدَه المؤلف - رحمه الله - في الترغيب في أن يعيش المسلم خائفًا من الله - تبارك وتعالى - خاشيًا له ، ويذكر تحته ما جاء من الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لبيان هذا الخوف من الله - عز وجل - ، وعلى ما ستسمعون من أحاديث كثيرة تشهد لهذا الباب ففي ذلك دلالةٌ قاطعةٌ على أن المسلم كلما كان إسلامه أقوى وأتمَّ كلما كان خوفه من الله - تبارك وتعالى - وخشيته له أعظم ، ونحن إذا نظرنا إلى بعض الآيات التي جاءت في كتاب الله - عز وجل - فضلًا عن الأحاديث التي ستأتي في هذا الباب لَوجدناها دائمًا وأبدًا تذكر عباد الله الأتقياء الصُّلحاء في الخوف من الله - تبارك وتعالى - ، وكلما كان أحدُهم أقربَ إلى الله - عز وجل - وأعلى منزلةً عنده كلما كان أتقى وأخشى لربِّه - عز وجل - .

فهؤلاء رسل الله - صلى الله عليهم وسلم - قد وَصَفَهم الله - تبارك وتعالى - بأنهم يبلغون رسالات الله ويخشَونه ولا يخشون أحدًا إلا الله ، كذلك وصف اللهُ العلماءَ بقوله : (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) . وجاء في " صحيح البخاري " عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قصة الرهط وغيرهم أنه قال : ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله ) ، هذا في البشر ، وهناك وصفٌ من الله - تبارك وتعالى - لخلق من خلقه اصطفاهم على كثير من عباده ؛ ألا وهم الملائكة المقرَّبون وَصَفَهم ربُّنا - عز وجل - بقوله : (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) ، هؤلاء الملائكة المَوصوفون في القرآن الكريم بأنَّهم لا يعصون الله ما أمَرَهم ويفعلون ما يؤمرون ؛ مع ذلك هم موصوفون - أيضًا - بأنهم (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) . فإذا كان الأمر هكذا ما بين الملائكة والرسل والعلماء فكلُّ هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء يخشَون الله - تبارك وتعالى - ، وكما ذكرتُ آنفًا كلما كان أتقى كان أخشى ، كما قال - عليه السلام - : ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله ) .

لذلك فمن العَبَث ومن الكلام الباطل المَعسول أن يُنقل عن بعض المتصوِّفة سواء كانوا نساءً أو رجالًا أن أحدهم كان يقول في مناجاته لربِّه - تبارك وتعالى - : " ما عبدْتُك طمعًا في جنَّتك ولا خوفًا من نارك " إلى آخر الخرافة المزعومة ؛ لا يُتصوَّر من إنسان عَرَفَ الله حقَّ معرفته أن لا يخشى من ربه - تبارك وتعالى - ، بل كما ذكرنا كلما كان مقرَّبًا إلى الله كلما كان أخوف من الله وأخشى لله - عز وجل - ، وما المقصود من مثل هذه الخرافة الصوفية إلا أن يُحمل الناس أن يعيشوا هكذا ليس هناك خوفٌ منهم لله يحمِلُهم على تقواه ، ولا - أيضًا - عندهم رغبةٌ فيما عند الله يُطمِعُهم - أيضًا - في أن يزدادوا تقًى من الله .

فهذا الفصل ستسمعون فيه أحاديث كثيرة فيه بيان أن المؤمن من طبيعته أن يخشى الله ، وأن هذه الخشية تكون سببَ مغفرته لذنوبه وأمانه من عذاب ربِّه - عز وجل - ؛ حتى ولو حصلت منه هذه الخشية في لحظةٍ من حياته بينما كانت حياته كلها يحياها ويعيشها في بعد من الله - تبارك وتعالى - .

مواضيع متعلقة