بيان أن النافين لصفة العلوِّ لله - تبارك وتعالى - إنما هم في الحقيقة يريدون نفي وجود الله - تبارك وتعالى - . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان أن النافين لصفة العلوِّ لله - تبارك وتعالى - إنما هم في الحقيقة يريدون نفي وجود الله - تبارك وتعالى - .
A-
A=
A+
الشيخ : ومن هنا يقول السلف - رضي الله عنهم - كالإمام أحمد وعبد الله بن المبارك وغيرهم أنَّ الذين ينفون صفة العلوِّ عن الله - تبارك وتعالى - وأن الله ليس فوق مخلوقاته ؛ إنما يريدون إنكار وجود الله - عز وجل - ولكن بطريقة ملتوية ليست صحيحةً في الإنكار ؛ فَهُم بدل أن يقولوا : لا إله مطلقًا ؛ يقولون - مثلًا - : الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، ولا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه ؛ فأين الله إذًا ؟ لو قيل لِأفصح العرب بيانًا : صِفْ لنا المعدوم لم يستطع أن يصفَ المعدوم بأكثر ممَّا يصف هؤلاء نفاة العلوِّ !! لا يستطيع هذا الفصيح أن يصف المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء الذين ينكرون صفة الله - عز وجل - حين يقولون : الله - تبارك وتعالى - لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، ولا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه ، إذًا وين الله ؟!!

بعض الملوك العقلاء جمع في زمانه - أو بالتعبير الأدق - بعض النواب نائب أحد الملوك هنا في دمشق ، جمع شيخ الإسلام ابن تيمية مع أمثال هؤلاء العلماء النُّفاة لصفة العلوِّ ، جمعَهم في مجالس عديدة ، وجرى نقاش بين ابن تيمية - رحمه الله - وبين هؤلاء النُّفاة ، وسَمِعَ من ابن تيمية حُجَجُهُ وكلامه ، وسمع من الآخرين ، فقال ذلك النائب نائب الملك في آخر الحديث قال : " هؤلاء قومٌ ضيَّعوا ربَّهم !! " ، هذا الرجل ما هو عالم لكنه عاقل ، لمَّا سمع حُجَج ابن تيمية في إثبات لله - عز وجل - وجودًا وصفة ، ومن صفاته أنه هو القاهر على عباده ، وسمع حججَ النُّفاة لهذه الصفة أن الله لا يوصف بأنه فوق ؛ لا تحت ولا يمين ، ولا أمام ولا خلف ، ولا ، لا داخل العالم ولا خارجه ، وبعضهم يزيد على ذلك فيقول : لا متَّصلًا به ولا منفصلًا عنه ، تأكيد للتعطيل !! لما سمع هذا النائب أو الوالي بالتعبير العصري اليوم قال : " هؤلاء قوم ضيَّعوا ربهم !! " ، هذه كلمة حق ؛ لأن الذي لا يعرف ربه فوق المخلوقات كلها معناه أنه لم يعرف ربَّه ، لأنه إن لم يكن لا داخل العالم ولا خارجه ؛ فليس الكون إلا شيء يا هذا العالم المخلوق يا شيء خارج العالم المخلوق وليس هو إلا الله - تبارك وتعالى - .

فإذا عرفنا هذه الحقيقة عرَفْنا بالتالي يقينًا أن لا ضرورة لتأويل الآية : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ فلا نقول : استوى بمعنى استولى ، لا نقول هكذا ، وإذا قلنا : استوى بمعنى استعلى ليس معنى ذلك أننا جعلنا لله مكانًا ؛ لأن المكان في الخلق ، والله وراء الخلق وفوق الخلق .

لذلك نجد الأحاديث فضلًا عن الآيات الكثيرة تؤكد هذه الصفة الإلهية أن الله - عز وجل - فوق خلقه .

مواضيع متعلقة