مناقشة حول الفرق بين الإيمان والتصديق ، والفرق بين المعرفة والإيمان . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مناقشة حول الفرق بين الإيمان والتصديق ، والفرق بين المعرفة والإيمان .
A-
A=
A+
الشيخ : هنا - يا أستاذ - ما في تصديق .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : بالنسبة لفرعون ما فيه تصديق ، بالنسبة لفرعون والآية لا يوجد تصديق منهم ؛ فمن أين نأخذ التصديق ؟

خالد العنبري : ((وَجَحَدُوا بِهَا )) هذا على فرعون وقومه .

الشيخ : الآية ، موسى شو قال له ؟

خالد العنبري : (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ )) .

الشيخ : آها .

خالد العنبري : (( لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ )) .

الشيخ : طيب .

خالد العنبري : (( أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ )) .

الشيخ : (( وَقَدْ تَعْلَمُونَ )) .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : هنا ما في تصديق ، ما في نسبة موسى - عليه السلام - لفرعون أنه مصدِّق ؛ لأنه لا يخفاك " تعلم " هو من حيث المعنى كما يُقال " تعرف " ، وكما قال الله - عز وجل - بالنسبة لليهود : (( يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )) ، لكن مع هذه المعرفة كان عندهم إيمان ؟ أظن أنُّو الجواب لا !

خالد العنبري : لا ، نعم .

الشيخ : طيب ، هذه المعرفة التي جاء التعبير عنها في خطاب موسى - عليه السلام - لفرعون : (( تَعْلَمُونَ )) ، فتعلمون على وزن تعرفون لفظًا ومعنى .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : هذا لا يعني أنهم كانوا مصدِّقين ؛ أي : كانوا مؤمنين ! ها يعني في المسألة فيها غموض !

خالد العنبري : شيخنا ، بارك الله فيكم ، قوله - تعالى - : (( وَقَدْ تَعْلَمُونَ )) هذا العلم لا يُفيد أنهم كانوا في قرارة أنفسهم مصدِّقون بأنه رسول إلا أنهم لم يأتوا ببقية أركان الإيمان من الإذعان والانقياد ؟!

الشيخ : ما ينبغي أن نكرِّرَ الكلام ، اليهود كانوا يؤمنون بالرسول ؟

خالد العنبري : كانوا يصدِّقون به .

الشيخ : عفوًا ، قُل لي : كانوا يؤمنون ؟

خالد العنبري : لا .

الشيخ : كانوا يعرفون ؟

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : طيب ، إذًا هناك فرق الآن يعني واضح بيننا أن هناك فرقًا بين الإيمان والمعرفة ؛ فكلُّ من كان مؤمنًا فهو يعرف ، ولا عكس ؛ ليس كلُّ مَن كان عارفًا يكون مؤمنًا ، إلى هنا ماشي الكلام ؟

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : جميل جدًّا ، الآن نرفع كلمة من الكلمتين ونضع مكانها كلمة أخرى ؛ وهي : الإيمان - في علمي أنا - الإيمان يُرادفه التصديق بخلاف المعرفة .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : فإذًا لا نفرِّق بين فلان مصدِّق بالرسول ومؤمن بالرسول ، هل هناك فرق فيما تعلم ؟

خالد العنبري : نعم هناك فرق .

الشيخ : هذا الذي أنا بحاجة أن أعرفه ، كيف ؟

خالد العنبري : قولي : مصدِّق بالرسول بمعنى أنه توفَّر فيه ركنٌ من أركان الإيمان ؛ وهو التصديق بقلبه ، ربما يصدِّق بقلبه ولكن لا يقرُّ بلسانه .

الشيخ : من أين نأخذ هذا ؟

خالد العنبري : طيب ، دَعْك من هذا يا شيخ ، ربما يصدِّق بقلبه ويستهزئ بآيات الله ورسله .

الشيخ : ... .

خالد العنبري : فهذا الاستهزاء بآيات الله ورسله يعني أن ليس في قلبه التوقير والحبُّ لله ورسله ؛ أفلا نكفِّره ؟

الشيخ : بلى بلى ، نكفِّره .

خالد العنبري : بانتفاء هذا الركن .

الشيخ : نحن لا نختلف في هذا بارك الله فيك ، هناك أعمال تُنبئ عمَّا في القلب ، هناك أعمال تصدر من الإنسان تُنبئ عمَّا في القلب من الكفر والطغيان ، من ذلك الاستهزاء ، لكن نحن الآن بحثُنا أنَّنا نفهم الآن من كلامك بأن ثمَّة فرقًا بين الإيمان وبين التصديق ، فكأنُّو كما يقولون في غير هذه المناسبة هناك عموم وخصوص .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : فكلُّ مَن كان مؤمنًا فهو مصدِّق ؛ كما قلت أنا آنفًا : كلُّ مَن كان مؤمنًا فهو عارف ، الآن أنت كأنك تنزِّل كلمة تصديق مقابل المعرفة !

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : فتريد أن تقول - وأرجو أن أكون مخطئًا فيما فهمته - : أن ليس كل مَن كان مؤمنًا في لحظة من اللحظات ، أقول هذا القيد حتى ما نميل إلى القول عَرَضَ لهذا شيء فدلَّ على أنه كفر ، هذا يأتي فيما بعد ، لكني أقول : أفهم من كلامك أن مَن كان مؤمنًا في لحظة من اللحظات فهو مصدِّق يقينًا وعارف يقينًا ، لكن ليس مَن كان مصدِّقًا في لحظة من اللحظات هو مؤمن ، هكذا أفهم منك ؛ أي : مَن كان مصدِّقًا في لحظة من اللحظات فهو ليس مؤمنًا كما نقول نحن بالنسبة لِمَن كان عارفًا بصدق الرسول - عليه السلام - لحظة من اللحظات فهو ليس مؤمنًا ؛ لأن المعرفة لا تجامع الإيمان ، أما الإيمان تجامع المعرفة .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : لكني الآن أنا في شكٍّ كبير من التفريق بين الإيمان والتصديق .

خالد العنبري : أقول .

الشيخ : ثم أريد بالنسبة للآية التي فيها : (( مُصَدِّقًا )) هل هي تعني معنى غير مؤمن ؟ هكذا فهمت منك .

خالد العنبري : أعني بقولي التَّصديق أنه ركنٌ من أركان الإيمان ، أنا أريد أن أختصر .

الشيخ : لا ، عفوًا ، أنا سألت سؤالًا .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : سألت سؤالًا ، الآية : و (( مُصَدِّقًا ... بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )) هي بمعنى غير الإيمان ؟

خالد العنبري : لا .

الشيخ : هذه مشكلة ؛ فمن أين نحن نأتي لتعريف للتصديق يُباين الإيمان في جانبٍ ما والآية صريحة ؟ هذه - أيضًا - أنا أرى أنُّو تحتاج إلى تأمُّل وإنعام نظر أيضًا ؛ لأن الذي استقرَّ في نفسي من معلوماتي القديمة هو ليس التفريق بين التصديق والإيمان ، وإنما التفريق بين المعرفة والإيمان ، وسواء علينا قلنا : التفريق بين المعرفة والإيمان ، أو التفريق بين المعرفة والتصديق ؛ فالتصديق والإيمان فيما أفهم شيء واحد ؛ أي : لفظان مترادفان يدلَّان على ما وَقَرَ في القلب من الإيمان بالله ورسوله ، أما المعرفة فليست كذلك .

خالد العنبري : يعني أرى هذا اختلافًا لفظيًّا ، لكن أنتم معي بلا شك أن التصديق هو ركن من أركان الإيمان ، وأن الرجل قد يكون مصدِّقًا ويكفر ، ويُطلق عليه كلمة الكفر إذا أتى بفعلٍ من الأفعال الكفرية كالاستهزاء بالله ورسوله ، أنتم معي في هذا - يا شيخ - بارك الله فيكم ؟

الشيخ : لا .

خالد العنبري : بأن ، نعم .

الشيخ : لكن أنا أقول : حينما كَفَرَ المؤمن بكفر يُخرجه عن الملة هل بَقِيَ مؤمنًا ؟

خالد العنبري : لا .

الشيخ : طيب ، حينما يكفر المصدِّق بكفر يخرجه عن الملة هل بقي مصدِّقًا ؟ حسب ما فهمت ستقول : بلى .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : إي ، هذا التفريق أنا أريد له إيضاحًا .

خالد العنبري : قلت - يا شيخ - سلَّمك الله ، إبليس كان مصدِّقًا أم لا ؟

الشيخ : كفر ، كان مصدِّقًا ومؤمنًا .

خالد العنبري : لكن هو إلى الآن مصدِّق أم لا ؟

الشيخ : هذا حجة لنا ، كَفَرَ ، الذي كان مصدِّقًا وكان في اعتباره مؤمنًا ، أما أنت فعلى حسب يعني تفريقك بين الأمرين تجمع بين النَّقيضين ؛ ففي الوقت الذي أنت تفرِّق بين التصديق والإيمان ، دَعْك وهذا التفريق الآن ، قبل كفرِ إبليس كان مؤمنًا أم لا ؟

خالد العنبري : كان مؤمنًا .

الشيخ : طيب ، وحينما كفر ظلَّ مؤمنًا ؟

خالد العنبري : كافرًا .

الشيخ : أجِبْ - بارك الله فيك - عن السؤال حتى يكون السِّين والجيم موضِّحًا .

خالد العنبري : لم يكن مؤمنًا .

الشيخ : بارك الله فيك .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : هذا هو ، طيب ، قبل أن يكفر كان مصدِّقًا ؟

خالد العنبري : وبعد أن كفر كان مصدِّقًا ، أجبْتُ وزيادة .

الشيخ : معليش ، ما هو الدليل ؟

خالد العنبري : الدليل أنه رأى الحقَّ بعينه وأُمِرَ وخُوطب .

الشيخ : ما هو الدليل من القرآن أو السنة أو أقوال الأئمة أنُّو التصديق هو يُباين الإيمان ، يلتقي مع الإيمان ويُباينه كما قلنا في المعرفة تمامًا ؟ فالآن مثالنا إبليس الرجيم باتفاق الجميع كان مؤمنًا ، ثم لما كفرَ في استنكاره حكم الله - عز وجل - في مثل قوله : (( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا )) كفر ؛ أي : لم يبقَ مؤمنًا ، لكني أنا أقول - أيضًا - لم يبقَ مصدِّقًا ؛ لأنه لو كان مصدِّقًا وبقي مصدِّقًا لَسَجَدَ .

الخلاصة : حتى ما نضيِّع الوقت ، وسبحان الله الوقت يمضي ، أرجو أن تُعيد النظر في هذه النقطة ؛ لأنها فيها دقة من جهة ، ومن جهة أخرى أنا لا أعلم في حدود ما علمتُ ، وفوق كل ذي علم عليم ؛ أن العلماء يفرِّقون بين الإيمان والتصديق ، والنصوص التي تمرُّ بنا وقد ننساها وذكرنا إحداها آنفًا هي تُرادف الإيمان تمامًا ، و (( مُصَدِّقًا ... بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )) ؛ أي : هو مؤمنًا ، فأنت إذا أردت أن تقول : لا ، مصدِّقًا لا تعني مؤمنًا ؛ أنت بحاجة إلى نصوص من الكتاب والسنة ، وعلى الأقل بنصوص من أقوال أئمة السلف الذين نحن نقتدي بهم ؛ فأرجو أن تعيد النظر في هذه النقطة ؛ لأننا كما تعلم الغاية عندنا لا تبرِّر الوسيلة ؛ يعني إذا أرَدْنا من هذه الجانب أن نردَّ على المرجئة ، وكنَّا مخطئين في التفريق بين التصديق والإيمان ما بيكون يعني إلا أننا خرَّبنا بيوتنا بأيدينا ، فأرجو أن تعيد النظر في هذه النقطة ، وتستجلب ما يتيسَّر لك من أدلة من الكتاب أو السنة الصحيحة ، ثم من أقوال الأئمة في التفريق بين التصديق وبين الإيمان على الأقل لِأتعلَّم أنا ما كان عليَّ خافيًا .

خالد العنبري : طيب يا شيخ .

الشيخ : والآن .

خالد العنبري : أرى أن ما زال الخلاف لفظيًّا ، وأتلو عليكم قول ربِّنا : (( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )) فكفَّرَهم ربُّنا - تبارك وتعالى - مع أنهم كانوا عارفين بصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهنا كلمة لابن القيم قال : " ومَن تأمَّلَ القرآن والسنة وسير الأنبياء في أُمَمِهم ودعوتهم لهم وما جرى لهم معهم يجزم بخطأ أهل الكلام ، ومنهم المرجئة فيما قالوه ، وعَلِمَ أن عامَّة كفر الأمم عن تيقُّن وعلم ومعرفة بصدق أنبيائهم " انتهى كلام ابن القيم - رحمه الله - تعالى ، فأنا أريد .

الشيخ : هذا نحن قلناه آنفًا ، وأنت وافقت معي .

خالد العنبري : لذلك أنا أقول أن الخلاف لفظي يا شيخ .

الشيخ : أن المعرفة قد تجتمع مع الإيمان وقد لا تجتمع .

خالد العنبري : طيب ، أقول : يا شيخ بارك الله فيكم ، إذا انسحبتُ من كلمة تصديق ، وقلتُ : إن إبليس بعد أن لم يمتثِلْ لأمر ربِّنا - تبارك وتعالى - كفَّرَه الله - عز وجل - ، وكان بعد كفره يعرف أن الله حقٌّ ، وما أُمِرَ به كان لا بد أن يمتثله ، وكان يعرف صدق الله - عز وجل - وصدق ما أُمِرَ به ، فلِنَدَعْ كلمة " التصديق " ونضع بدلًا منها كلمة " المعرفة " . ونقول كذلك : إن قوم موسى حينما كفروا به كانوا يعلمون ويعرفون أنه رسول الله حقًّا ، ومع ذلك كفَّرَهم ربنا - تبارك وتعالى - ، فليس الكفر محصور في التكذيب بالقلب ؛ فما رأيكم في هذه المقالة ؟

الشيخ : ما لي شايف غير عم ندور في حلقة مفرغة !! ما أنا قلت : المعرفة لا تستلزم الإيمان ، وأنت الآن ما تزيد على هذا ؛ سواء حينما جئتَ بمثال إبليس أو بفرعون ؛ نحن متَّفقان .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : أن الإيمان يُجامع المعرفة ، ولا عكس ؛ المعرفة لا تجامع الإيمان .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : نحن متَّفقون على هذا .

خالد العنبري : ... الخلاف لفظي .

الشيخ : اسمح لي .

خالد العنبري : إي نعم .

الشيخ : لا ، الخلاف لفظي بالنسبة للنقطة هَيْ ، وقد يقول ، لكن بالنسبة لما تقول : التصديق غير الإيمان ، وتجعل التصديق كأنها مرادفة للمعرفة ؛ هنا خلاف حقيقي مو لفظي ، المهم بارك الله فيك ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله .

فرعون ، عفوًا إبليس الرجيم متَّفقون أنه كَفَرَ بعد أن كان مؤمنًا .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : وأنا وجَّهت سؤالًا : فبعد أن كَفَرَ هل بقي مؤمنًا ؟ قلت : لا ، لكن قلتَ : بقي إيش ؟ مصدِّقًا !

خالد العنبري : أنا انسحبت منها ، وأقول .

الشيخ : معليش معليش ، انسحبت منها .

خالد العنبري : كان عارفًا أو عالمًا .

الشيخ : انسحبت منها .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : هذا الانسحاب قد يكون الآن لمناقشة ، لكن أنا أرجو منك أن تُعيد النظر وتدرس المسألة من جديد ، فإما أن تُوصلك الدراسة إلى البقاء على ما كنتَ عليه من التفريق بين التصديق وبين الإيمان ؛ وهذا خلاف الآية الصريحة في القرآن ، وإما أن تجعل التصديق هو الإيمان نفسه ، وأن الإيمان والتصديق لفظان مترادفان بخلاف المعرفة ؛ فإذا رجعنا إلى كفر إبليس ، إبليس كَفَرَ ، وهنا نقطة ؛ لم يكفر إبليس بمجرَّد أنه خالف أمر الله .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : وإنما لأنه استكبر بنصِّ القرآن الكريم : (( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )) آ ، فمجرَّد المخالفة والمعصية عند أهل السنة جميعًا ما تكون سببًا للتكفير .

خالد العنبري : نعم .

الشيخ : لكن إذا اقترن مع هذه المعصية شيء يُنبي عن الكفر القلبي ، ولو بعد أن كان عامرًا بالإيمان ؛ فهذا الإيمان يطيح ويزول بسبب هذا الكفر الذي يُعتبر كفرًا اعتقاديًّا ... .

مواضيع متعلقة