بيان أن التَّعالم والتَّقليد الأعمى كلاهما مذموم ، وبيان أسبابهما والتحذير منهما . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان أن التَّعالم والتَّقليد الأعمى كلاهما مذموم ، وبيان أسبابهما والتحذير منهما .
A-
A=
A+
الشيخ : خذ الآن مَن شئتَ من الأئمة ، لا أعني أئمة المساجد ؛ لأن هدول غالبهم - تظل الأرض مسكونة - غالبهم لا فقه عنده ، وهم من جملة وظائف بهالدوائر هَيْ ، ما أعني هؤلاء ، لكن أعني الكبار اللي بيقولوا علماء ويقولوا دكاترة وإلى آخره ، ستجدهم كل مين على مذهب ؛ هذا حنفي وهذا شافعي ، ادعُهم إلى التحاكم بالكتاب والسنة ما في تجاوب ؛ إذًا وين الخلاف في الفروع ؟ الخلاف في الأصول ، بل في أصول الأصول .

السائل : سبحان الله !

الشيخ : نعم ؟

السائل : أقول : سبحان الله !

الشيخ : إيوا .

السائل : طيب يا شيخنا ، يعني أولى له الإنسان أن يتَّبع هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يتعصَّب لأيِّ مذهب من المذاهب .

الشيخ : إي طبعًا ، بس هنا كمان في ملاحظة مهمة .

السائل : نعم .

الشيخ : سبحان الله ! سنَّة الله في خلقه إفراط وتفريط ، إفراط وتفريط خلافًا لقوله - تعالى - : (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا )) ، استمرار جمود المسلمين عامَّتهم وخاصَّتهم إلا أفراد قليلين طيلة هذه القرون المديدة على التَّمذهب هذا أوجد ردَّة فعل ، ردَّة الفعل هذه ابتداءً كانت جيِّدة ، وهو الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح ؛ إي نعم ، الكتاب والسنة دون تعصُّب لإمام من أئمة المسلمين ، لكن هذا الرجوع الآن لسبب أنُّو ليس له ضوابط وقواعد جماعيَّة أعطى ردَّة فعل عكسية تمامًا ، فصار رجل لا يعرف من الفقه شيئًا يقرأ حديث أو يسمع حديث صار هو بقى هو من الضروري يسلِّط فهمه والأصح أن نقول جهله في هذا الحديث ، يتبنَّى منه حكم ويمشي ، في زعمه أنُّو من السهل بمكان أنُّو كل إنسان يعمل مجتهد ، والأمر ليس كذلك ، ولأمرٍ ما نحن نقول دائمًا وأبدًا كما قال علماؤنا من قبل :

" وكلُّ خيرٍ في اتِّباع مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خَلَفْ "

تُرى السلف الأول القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية الصحابة والتابعون لهم وأتباعهم ؛ هل كانوا كلهم علماء بالكتاب والسنة ؟ لا ، أقلُّهم من الصحابة كانوا هم العلماء ، وجمهورهم لم يكونوا علماء ، هذا الواقع ربنا - عز وجل - وضع لهم منهاجًا في قوله - تعالى - : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، فالسلف الأول كانوا يعرفون مقدار علمهم ؛ أي : يعرفون نفوسهم ، وأنهم ليسوا من أهل العلم ؛ فحينئذٍ إذا ما احتاجوا إلى معرفة مسألة ما سألوا ؛ لأنَّهم يقرؤون في القرآن أو يسمعون على الأقل قول الله - عز وجل - : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، فربُّنا في هذه الآية جعلَ المجتمع الإسلامي قسمين ، أهل ذكر وأهل جهل ، وأوجب على كلٍّ من القسمَين واجبًا خلاف الواجب مع الآخر ، فأوجب على مَن لا علم له أن يسأل أهل العلم ، وأوجب على أهل العلم أن يجيبوا ، وأكَّد ذلك - عليه السلام - في حديثه المشهور : ( مَن سُئِل عن علمٍ فكَتَمَه أُلجِمَ يوم القيامة بلجامٍ من نار ) .

الآن المجتمع - مع الأسف - ما هو مجتمع إسلامي من جوانب كثيرة وكثيرة جدًّا ، لكن أخطرها من الزاوية الإسلامية ما هي إسلامية - أيضًا - ؛ يعني من زاوية الخلاص من التَّقليد الذي رانَ على قلوب مئات المسلمين فبزعمي الخاص وقعنا في مشكلة معاكسة ؛ وهو أن يفتي كلُّ إنسان لنفسه نفسه ، بل وربما غيره بغير علم ، فهو ربما هو لا يحسن تلاوة آية كما هي مقروءة أو مكتوبة في القرآن الكريم فضلًا عن حديث نبوي ؛ مع ذلك فهو يخلُّ بتطبيق هذه الآية : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، ومن أسباب ذلك فساد الخلق وركوب الغرور في نفوس الناس والعُجب ؛ فأصبح طالب العلم إن كان طالب علم بمجرَّد أن يشعر بأنُّو عنده شوي من علم صار بقى لسان حاله كما يقولون عندنا في سوريا : " يا أرض اشتدِّي ما حدا عليك قدِّي !! " ، وهو لا يكاد يفهم من العلم إلا شيئًا قليلًا جدًّا ؛ فهؤلاء في واد والمتزمِّتون الجامدون على تقليد المذهب بل المذاهب في وادٍ آخر ، والحقُّ وسط بين ذلك ؛ وهو تحكيم فعلي للآية السابقة : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، ويقولون هذه في الأحاديث التي تُذكر كحديث لا أصل له ، لكن هو حكمة : " مَن عرف نفسه فقد عرف ربَّه " ، فأكثر الناس يوم لا يعرفون نفوسهم ، لأنهم رَكِبَهم العجب والغرور ، الله أكبر حديث اللي يقول : ( ثلاث مهلكات ) ، إيش هنّ ؟ ( وإعجاب كلِّ ذي رأي برأيه ) ، ( شحٌّ مطاع ، وهوى متَّبع ، وإعجاب كلِّ ذي رأيٍ برأيه ) ؛ هذا داء من الأدواء التي نحن مُصابون بها .

السائل : هذا حديث شيخنا .

الشيخ : نعم ؟

السائل : هذا حديث ؟

الشيخ : صحيح .

السائل : ( فعليك بخُوَيصة نفسك ) .

الشيخ : هذا حديث صحيح ، لكن دَعْ خويصةَ نفسك ، ثلاث مهلكات .

نقدر نلحِّق الصلاة ولَّا ؟

السائل : والله ما أظن نستمرُّ بالجلسة ، بعدين ... .

الشيخ : إي ، أظن بقى الأسئلة انتهت ، خلِّينا نقوم نصلي ، هَيْ شو استفدنا منك ؟! نحن أكلنا وشبعنا وانتهينا !

مواضيع متعلقة